السياسة السودانية

إنّه الشعب السوداني المُعلّم – النيلين

[ad_1]

بقلم : الرفيع بشير الشفيع
٣ مايو ٢٠٢٣م
____________________
أرسل لي أحد الإخوة رسالة ، تتحدث عن (دهشة كثير من الدول والمنظمات ، منذ اندلاع الحرب ، وهي تسائل نفسها ، أين معسكرات النزوح، أين معسكرات الفارين من جحيم الحرب ؟)
ونحن نعرف ان الوقت غير مواتٍ ولم يحن بعد أن نتحدث عن قيم هذا الشعب وأخلاقه وتاريخه وقيمه وأمثلته التي ضربها في حروب الاستعمار وطرق اخراجه وبطولات إستقلاله، ولا نزكيه على الله فالله يزكي من يشاء.
غير أن هذه الرسالة التي ارسلت إليّ هذا، تحمل ابراز خصلة واحدة من خِصال هذا الشعب المعلم وأدوره عبر التاريخ ودوره اليوم في إفشال عشرات الأسلحة التي أراد المتبطلون العملاء والأعداء، أن يكسروا بها شوكة السودان وعزة هذا الشعب.
فالشعب بتكافله الإجتماعي وبكرمه وحسن وفادته لبعضه، لم يفشل سلاح معسكرات النزوح، التهجير القسري فحسب، وهو يعرف قدرة الشعوب الاخرى في تحملها للآخرين، كما تحمل هو أخوته المستجيرين من كل بقاع الدنيا ، فقد توكل هذا الشعب على ربه وانكفأ على نفسه ، واكتفى بربه وبنفسه، فأفشل سلاح النزوح، ولم يوجِف ولم يتزعزع، كما توجف الشعوب التي تفكر ببطونها.
وهذا الشعب الصبور ( الشعب الذي تحمل مجاعة سنة ستة) سيتحمل الان وسيفشل سلاح التجويع كواحد من اسلحة التركيع التي يستخدمها أعداءه بالمقاطعات منذ ١٩٩٧م ، فأفشل التركيع بالمصغبة، وكسَر حاجزها ، كما أفشل هذا الشعب سلاح آخر وهو ترك ظهر جيشه في العراء، وأدرك معنى إنفراد الأعداء بجيشه، وأفشل سلاح ماضٍ قبله وهو سلاح تمييع الأخلاق وحرب الله بسيداو ، فرجعه لربه ، مستغفرا ومتطهرا ، وأفشل سلاح الحرب على الله ،وكسّر سلاح العلمانية ، مقابل السلام، والإلحاد، مقابل الإطعام ، والخضوع لمشروع التغريب، والتطبيع، مقابل المدنية والحداثة ، والتطور الكاذب، كما أفشل بفضل ربه ثم وعيه الجمعي سلاح أكثر محقا ، وهو (الصراع الطبقي ) وتفتيت الهوية ، التي أراد بها العملاء أن يشعلوا حربا أهلية، قبلية ، مناطقية لا تبقي ولا تذر فظهر تنوعه في وجوه جيشه، وتنوعه في قبائله ، وثقافته، وأفشل سلاح الاستفزازت التي صاحبت مشروع التفتيت ، صبر على شبابه الذين خرجوا للشوارع يدمرون له ولوطنه ، كل شيء، يستفزون أي شيخ وأي إمرأة ، ويعثون في الأرض فسادا ، فصبر هذا الشعب الصبور بفضل ربه، وتصبر والعالم كله يندهش ، في هذه الحكمة ، التي أفشلت سلاح الإنفلات، وقد شفعت له حماية الله ، ونسيجه الإجتماعي، الثقافي والاخلاقي والرحمي، وعلاقات النسب والتمازج العرقي والتداخل الإثني و الجغرافي والطبعي، وقد علا فيه صوت الوعي وسلامة الوجدان ، ومستوى التدين و الفطرة الإنسانية، نحو إيثار السلم والسلامة والأمان ، وعَلت فيه فجأة حُمى الوطنية وعزيمة حِمى الأرض والعرض ، فأفشل سلاحا آخر هو سلاح الفوضى الخلاقة ، بحسب أنه حصر الحرب بين طائفة إعتدت، وطائفة أخرى مسؤولة بعد الله عن تأمين الوطن، وترك الشعب بوعيه إدارة الحرب وفنياتها للجيش ، وتلاحم معه وجدانيا ومعنويا فأفشل خطة العملاء في عزل الجيش.
إنه الشعب المعلم ، شعبٌ يختلف عن كل الشعوب بما يملك من حس جمعي ووجدان جمعي ومشتركات جمعية أسها الأخلاق والخِلاق وأساسها القيم والكرم والإباء والسؤدد.
هذا الشعب اذا وجد حكومات تديره كما يستحق وتسمو لمستواه، فتعرف قيمه وتعرف معاني حراكه الجمعي، وتقرأ خارطة وجدانه، وثرواته الإنسانية ، وتقدّر شعوره وضميره وعقليته الجمعية، لأصبح السودان أُنموزجا يحتذى به في عالمٍ ضل الطريق وتخبطت سفائنه في هذا المحيط المظلم والمتلاطم في هذه الحياة التي نرى ، والتي أصبحت فيه الشعوب وحكوماتها كالوحوش الكاسرة المجنونة، التي لا تعرف غير المال ربّا وغير الظلم والغصب والدماء والحروب دربا، وقد إنهارت كل قيم العالم إلا من رحم الله ، والسودان ممن رحم الله ، يمتلك شعباً ما زال يملك الحكمة والحلم والرجولة والشهامة ، وقيم التكافل، وعندهم مورثات في ذلك في ساعات الضيق والمحاص( النفوس متى إطايبت، فالسرير بشيل عشرة)، و( أكل الواحد بكفي إتنين).
وهذا الشعب كسر سلاح الوصم بالإرهاب ، وهو يعلم العالم كله ، معاني السلم والسلام والتعايش وقيم الأمان، والآن يفشل أيضا سلاح آخر، اتى به المعتدون العملاء بجيوشهم للمركز الذي يدمرونه حقدا وغبنا وشحناء، ينقلون طباع بعض مجرمي غرب أفريقيا، من متفلتين تعودوا في الحروب ، طباع الغاب، من وسلب وغصب وأغتصاب، ليشوهون سمعة السودان، الشعب العفيف الأصيل القوي الأمين ، بقوة ربه ، والشعب السوداني ما زال يتصبر على هؤلاء المغرر بهم ، ويستخدم أقصى انواع الحكمة، ويبرأ ويتبرأ ويتنزه عن هذه السواقط التي تصاحب الحروب في كل الدنيا ، فلا ترى سوداني أصيل واحد يقع كالذباب على حقوق الناس وعلى أعراضهم، وكما يتبرأ هذا الشعب من هؤلاء الذين روعوا شعوب ليبيا وأفريقيا الوسطى ورواندا وغيرها فإنه يبرأ لله من فتنة التطهير العرقي والإثني الذي سعى له أعداء الله برفعهم شعارات ، تحرير السودان، وهو السلاح الأقوى الذي أفشله هذا الشعب وحطم مشروعه في نفوس أعدائه.
هذا هو الشعب المعلم ، والذي علّم العالمين الإسلامي والعربي قيم التعايش ،وشيم التواصل ، وطبائع الكرم والصدق والأمانة ، في وقت أصبح فيه الصادق الأمين ، ضربا من الخيال وقصة من قصص المثيولوجيا ، واصبحت فيه الشعوب الحكيمة ، كالعنقاء والخل الوفي.
إن تلاحم هذا الشعب العظيم بعظمة ربه ، مع جيشه ، إنما تفرضها وتحتمها قيم الرجولة والشهامة، والإباء والسؤود والحكمة، تلك القيم التي تجمع بين الشعب وجيشه ، بيد أن هذا الجيش الجسور والحكيم والقوي والمنصور بربه ، ما هو إلا عينة من هذا الشعب، يمثل وجدانه ورحمه ورحمته وقوته وشممه، بحسب أن ابناء هذا الجيش بضباطه وجنوده، بسحناتهم المختلفة وبإختلاف مشاربهم والسنتهم والوانهم ومناطقهم ، وبتنوعه وعقيدته الواحدة ، وبتاريخه ورمزيته ، وسدانويته، ما هو إلا عينة اصيلة خرجت من صلب هذا الشعب الأبي.
شكرا لك شعبي ، بعد الله.
الرفيع بشير الشفيع
٣ مايو ٢٠٢٣م

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى