السياسة السودانية

محمد أزهري: تحرير أم درمان!


خلال الفترة الماضية تلقيت إتصالات كثيرة من الأهل والأصدقاء والزملاء جميعهم خارج ولاية الخرطوم، يستفسرون عن تحرير أم درمان كما سمعوا أو شاهدوا من فيدوهات وبحكم أنني ما زلت في أم درمان وكنت أعمل مراسلاً ميدانياً لأكبر محطة فضائية عربية من منطقة أبو سعد جنوب أم درمان منذ بداية الحرب وحتى وقت قريب ثم إنتقلت إلى محلية أخرى أيضاً داخل أم درمان.

دعوني أوضح بعض الحقائق بكل مهنية وبعيداً عن أي حمولات، لأن ما يترتب على تلك المعلومات الخاصة بعملية تحرير أم درمان ربما يتعلق بحياة ومصاير أشخاص عند عودتهم إلى منازلهم، لذلك ما يشاع عن تحرير أم درمان بصورة كاملة غير صحيح وبناءً على مشاهدات ميدانية للمنطقة التي كنت أتحرك فيها وبعص المعلومات المستحدثة من مصادر وزملاء في مناطق متفرقة فإن قوات التمرد تنتشر حتى الآن في أحياء أم درمان القديمة وتتجه غرباً إلى أمبدات وحتى دار السلام وجنوباً إبتداءً من المربعات وصالة وحتى جبل أولياء من الناحية الغربية.

ثم تبدأ سيطرة الجيش من سوق السمك بالموردة ويتجه شمالاً حتى المهندسين ومن أستوب مكي وحتى وادي سيدنا جنوباً مع سيطرة كاملة على محلية كرري.

تلاشت إرتكازات القوات المتمردة من الشوراع الرئيسية بصورة واضحة في مناطق إنتشارها أو سيطرتها على عكس الأيام الأولى للحرب لعدة أسباب أولها دمير سلاح الجو لعدد كبير من السيارات القتالية وبالتالي لجأ الجنود للتحرك بسيارات ودراجات المواطنين المنهوبة بل وإستخدامها في القتال، وكذلك تذويب تلك الإرتكازات بإدخال السيارات في المنازل المطلة على الطرقات العامة تفادياً للتدمير وإخراجها للمشاركة في المعارك فقط.

لا يخفى على أحد التقدم الجيد الذي حققته قوات العمل الخاص والعمليات التي نفذتها خلال الفترة الماضية غير أنها حققت خسائر في العدو فهي حدت من خطورته وتحركاته في مناطق أم درمان القديمة فأصبحت القوة تتصيدهم داخل المنازل ومواقع القنص وحولتهم من مهاجمين إلى مدافعين لكن أيضاً مساحات تحرك هذه القوة حتى الآن يظل محدود ومقيد كما أنها تنفذ ثم تعود إلى مقرها الرئيسي حتى لا تصبح هدفاً لهجوم مخطط إذا إرتكزت.

كنت واضح مع كل من استفسرني عن صحة تحرير أم درمان، بأن أم درمان هي آخر منطقة يمكن أن يحررها الجيش، في ظل وجود طريق الصادرات الغربي مفتوحاً على مصراعيه بعلم الجيش وهو يمثل البوابة الكبيرة لدخول أعداد كبيرة بصورة شبه يومية لمساندة قوات التمرد وخروج منهوبات الخرطوم الثمينة لكن بعد قرار مجلس الوزراء بإغلاق الطريق وبيان الجيش وتحذيره لكل من يسلك ذاك الطريق سيصبح هدفاً عسكرياً قابل للتدمير، رغم أن القرار تأخر كثيراً وإن كان (تكتيك للهروب) إلا بإمكاننا القول إن الجيش يستطيع أن يحرر أم درمان ولو بعد حين.

طريق الصادرات الغربي أو طريق بارا يشكل أهم خط إمداد بأهم عناصر الحرب (المقاتلين)، كان مفتوحاً دون عوائق – تحدثت إلى مصادر سلكت هذا الطريق إبان الحرب قالوا إنه خالي تماماً من إرتكازات الجيش – من الفاشر وحتى أم درمان لا توجد إلا في الأبيض وداخل المدينة فقط ومنها حتى المويلح ثم تبدأ إرتكازات التمرد.

حسب المعلومات فإن المقاتلين كانوا يدخلون بالزي المدني عبر المواصلات العامة أو وسائل النقل الكبيرة مما يصعب التعامل معهم عبر الطيران لأنهم مدنيين، ثم يتسلحون ويشاركون في القتال، وبعد إغلاق الطريق الغربي يكون التمرد قد فقد أهم خطوط إمداده مالم يك قرار على الورق.

محمد أزهري
24/7/2023



مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى