السياسة السودانية

📍المعقول واللاّ معقول في العلاقات الدبلوماسية (14) – النيلين

[ad_1]

📍المعقول واللاّ معقول في العلاقات الدبلوماسية (14)
📍شريان الحياة (ب)
في عام 2009 كتب الأستاذ محمد عثمان إبراهيم، صديقنا المثقف ال Fuzzy Wuzzy (كما وصف الشاعر الإنجليزي كبلينق قومه الفرسان الهدندوة بعد هزيمتهم لجيش الإمبراطورية)، مقالاً حذر فيه من خطورة هذه المنظمات الغربية التي تسمي نفسها إنسانية، تحدث فيه عن المساعدات المرتدة لأصحابها المانحين Boomerang Aid.
والخدعة التي أشار إليها الأستاذ محمد إبراهيم تتمثل في أن المانحين الغربيين في أميركا يستردون 80% من منحتهم؛ أما أولئك الذين في دول أسكندينيڤيا فيستردون 60% من منحتهم.
وأفاد أن ميزانية المنظمات العاملة بالسودان وقتها تبلغ مليار وثمانمائة مليون دولار، وكيف تهدرها في أمور لا تفيد الضحايا والفئات المستهدفة نظرياً.
استشهد الأستاذ محمد عثمان إبراهيم بما قالته أختنا دامبيسا مويو في كتابها Dead Aid الذي وصفته القارديان (19 فبراير 2009) بأنه يأتي في زمن شحَّت فيه كتب الأفكار الكبري التي تقدمها النساء.. والذي فضحت فيه المنظمات وأكذوبة المساعدات الإنسانية لأفريقيا.
والإغاثة أكبر مخدر تحقن به الشعوب الفقيرة؛ لأنه يُبقيها خاملة وغير منتجة؛ معتمدة على ما يأتيها، فهو يخلق Dependency.
وأشار الأستاذ محمد إبراهيم لانتقائية ما يُسَمَّى المجتمع الدولي وخطورة مجتمع الإغاثة الدولي الذي يشابه المافيا، ممثِّلاً لخطورته برد فعله إزاء واقعة طرد الحكومة لثلاثة عشر من موظفي المنظمات في السودان، فقامت عليها القيامة، هذا في وقت طرد فيه أسياس أفورقي (أفورقي تعني: فم الذهب) كل المنظمات في أريتريا، ولم يجلب لنفسه تلك الثورة المضرية (بل الخواجية) التي شُنَّت على السودان!!
وفي تقديري؛ لأنهم يصنفون أريتريا كدولة مسيحية رغم غلبة سكانها المسلمين!!!
وفي تجربتنا السودانية، أيام الجنوب، ضُبطت منظمات تُزود التمرد بالسلاح..
وبالمثل كانت المنظمات العاملة في شريان الحياة تَصْدُر عن مَشارب شتّى.
بعضها يمثل مخابرات دول، أو تنسق مع مخابرات دولها؛ وبعضها كان يمثّل الكنيسة، لا مَنْدُوحَة لها من التبشير بالمسيحية، يتوسل لها بالإغاثة، لتُخرج الأفارقة الجهلة من الظلمات إلى نور النصرانية!!
وأفضل من فضح فساد وأجندات العاملين في المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة، وارتباطهم بمخابرات الدول الغربية وعملهم في تنفيذ الأجندات السياسية ومؤامرات الدول الغربية؛ هو الصحفي الأميركي جراهام هانكوك Graham Hancock في كتابه:Lords of Poverty.
وكان هانكوك عمل في تلك المنظمات في منطقتنا في دول شرق أفريقيا؛ فخَبِرَها وسَبَرَ أغوارها.
وليكون لي نفوذ وبعض سيطرة على عمل المنظمات العاملة في شريان الحياة، كنت أتحكم في طلبات الإذن لطائرات العملية التي كانت تصدر من الجيش. واتخذوا من لوكيتشوكيو الكينية مركز العمليات الرئيس Hub. وكان مطار ويلسون هو الذي يسافر عبره الخواجات للجنوب.
لم يكن لنا من يفيدنا بمعلومة في ذلك المطار، فذهبت إليه.. ورافقني زميل.. وقصدنا مسؤول أمن المطار، وصادقناه، ثم متّنت تلك الصداقة، فأصبحت المعلومات عن حركة المسافرين تأتيني شُرّعا.
ومنذ ذلك اليوم، أصبح الزميل يتهمني بقتل البراءة التي جاء بها من السودان؛ ويظلمني؛ لأنه يعلم ما أنطوي عليه من براءة!!! لكنه الوطن.
ولعل من الذكاء أن يعرف الدبلوماسي الآخرين؛ ومن الحكمة أن يعرف نفسه.. ويُعَدُّ مقتدراً إن استطاع أن يسيطر بوسائل ذكية على الآخرين؛ أما سيطرته على نفسه فهي القوة نفسها.
لم تكن إدارة العملية شفافة ولا نزيهة، وكانت محاباة حركة التمرد لُحمتها وسداها.
فحين نطلب غذاءً عاجلاً للسكان في مناطق سيطرة الحكومة، يدخلوننا في مماحكات بيروقراطية؛ تبدأ بإرسال بعثة تقصي الحقائق Fact Finding Mission، ثم تعقبها بعثة عد المحتاجين Head Count؛ وتمضي بضعة أسابيع ليرسلوا لنا ما يكفي لبضعة أسابيع.
وكانوا أحيانا يتحججون بالادعاء أن مدينة ما من مدن سيطرة حكومتنا مجرد حامية عسكرية military garrison، بلا مواطنين، وهم يعلمون أن ذلك ليس بصحيح..
لكنها تكتيكات المراوغة.
وكانت الاستجابة للخوارج فورية.
وعادة يقوم الخوارج باستقدام مواطنين من على بعد 25 كيلومتر ليحشدوهم، يكثرون بهم سواد الناس يوم عَدِّ المحتاجين.. ولذا كانت تصلهم من الإغاثات ما يفيض عن الحاجة. ويأخذون هذا الفائض يبيعونه في مدينة قولو اليوغندية؛ والخواجات يعرفون ويغضون الطرف، فعين الرضى عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ.
وكانت ثمة منظمات لا عضوية لها في العملية، لكنها تتسلل حاملة الممنوعات لحركة التمرد.. شونوها بالعدة والعتاد.
ويسّرت العملية تسلل كل عدو للسودان من أمثال البارونة كوكس منتهكة السيادة.. وهؤلاء يعودون للغرب لحشد العداوة، وإعداد القوانين والقرارات تصدرها بلادهم عقاباً للسودان.
مما أخجل منه خلال متابعتي لشريان الحياة، أنّه بلغني أن الصليب الأحمر يعمل في ترحيل المتمردين ونقل جرحاهم.. استدعيت موظف الصليب الأحمر واتهمته بدعم المتمردين بدليل نقل جرحاهم.
وكان رد الرجل صاعقاً، فألقمني حجراً.
قال الرجل: نحن محايدون في كل صراع.. ونحن بالفعل ننقل المرضى، ونرحّل جرحى الحركة؛ لأنّه ووفق القانون الدولي الإنساني يتحول الجندي إلى مدني بمجرد إصابته بجراح في معركة!!! فلم أحر جواباً.
لكن ذلك كان درساً بليغاً، جعلني أتوفَّرُ على قراءة الاتفاقيات والقوانين المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني.

السفير عبد الله الأزرق

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى