السياسة السودانية

هيئة السارق لا تبدو كهيئة الطبيب حتى لو لبس ملابس الطبيب

[ad_1]

منذ أكثر من عقدين من الزمن، وفي مطار إحدى العواصم العربية، وبعد أن أنهى المسافرون القادمون من الخليج إجراءات الدخول وأخذوا أمتعتهم متجهين إلى مكتب الجمارك، يقول صاحب القصة كان يقف أمامي رجل يبدو لي من ملابسه وهيئته أنه رجل بسيط، كان يحمل حقيبة يد ويجر خلفه حقيبة سفر كبيرة ربط وسطها بحبل كي لا تنفتح وقد أكل الزمان عليها وشرب، نظر إليه موظف الجمارك من الأعلى إلى الأسفل وكأنه ينتقص منه ثم سأله: هل معك شيء يتجمرك ياشيخنا؟، فقال الرجل نعم معاي جهاز فيديو، فاستغربت من صراحته وبساطته، قال له الموظف أعطني الجهاز، ففتح المسافر حقيبة اليد التي كان يحملها وأخرج منها جهاز مسجل كاسيت وقدمه لموظف الجمارك، استشاط الموظف غضبًا وهو يقول للمسافر أتهزأ بي؟، فرد المسافر لا والله وأخرج على الفور فاتورة من جيبه وقدمها للموظف، وما أن قرأها الموظف حتى تغيرت ملامح الغضب التي كانت على وجهه وبدأ يضحك بطريقة هستيرية وهو يردد: لقد ضحكوا عليك وباعوك جهاز الكاسيت بألف ومائتي ريال، ثم قال: يالله يا شيخنا خذ أغراضك وتوكل على الله لا تعطل الناس.

يقول صاحب القصة عندما أنهيت إجراءاتي وخرجت من مبنى المطار وجدت الرجل واقفا على الرصيف ينتظر الحافلة التي ستقله إلى بيته، هرولت إليه مسرعاً وكلي فضول أن أعرف قصة جهاز الكاسيت الذي ابتاعه على أنه فيديو، وما أن وصلت إليه إلا وقد ارتسمت ابتسامة بسيطة على شفتيه، قلت له ما الذي حدث كيف تتعرض للغش بهذه البساطة، فرد علي قائلًا تقصد قصة الفيديو؟ قلت نعم، فضحك طويلًا ثم التفت إلي وهو يهم بالركوب في الحافلة قائلًا: الفيديو في الشنطة الكبيرة.

من المتعارف عليه أن مظهر الإنسان يعكس الكثير من شخصيته ومستواه الاجتماعي، وذلك ما يسمى بالصورة النمطية، ولا شك أن هيئة السارق لا تبدو كهيئة الطبيب حتى لو لبس ملابس الطبيب، وأن هيئة المجرم مختلفة تمامًا عن هيئة الشرطي، في المقابل لا يجب أن يكون لتلك الصور النمطية المختزنة في عقولنا تأثير على طريقة تفكيرنا وقراراتنا، لا أقول نتجاهل أحاسيسنا المبنية على الصورة ولكن يجب ألا نعتمد عليها اعتمادًا كليًا فنقع في ما وقع فيه موظف الجمارك.

وفي الختام أقول: ليس عيبًا أن نجتهد ونخطئ في قراراتنا، ولكن المفارقة هي عندما نتخذ القرار الخطأ بكل ثقةٍ وتكبرٍ وزهو وازدراء للآخر في الوقت الذي نخسر فيه كل شيء ثم لا نعترف بالفشل.

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة – الشرق القطرية
20230623 1687549366 371

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى