السياسة السودانية

هذا هو الفرق بين الجيش المهني المحترف والمليشيا

أحد الأصدقاء أخبرني أنه ذهب إلى أحد معسكرات الجيش ليتطوع للقتال. بعد مجموعة الأسئلة عنه وعن خبرته أخبرهم بانه ليس لديه خبرة قتالية سابقة ولذلك ردوه وقالوا له نحن حالياً نستقبل من لهم خبرة قتال فقط. ولكنهم أخذوا هاتفه وقالوا له سنتصل عليك إذا فتحنا الباب لتدريب المتطوعين. هذا هو الفرق بين الجيش المهني المحترف والمليشيا.

إذا ذهبت إلى أي معسكر للدعم السريع فلن يسألوك إلا سؤال واحد عن قبيلتك وبعدها سيتم تسليحك وتدخل ميدان الحرب؛ أنهب، اغتصب، أقتل ولن يسألك أحد، لا أحد يعرف أو يهتم أساساً. فإذا قررت أن تعود لأهلك في أي لحظة فما عليك إلا أن تنهب سياره وتحملها بما تستطيع حمله ثم تعود لأهلك، لن يسأل منك أحد. هذه هي المليشيا.

في هذا السياق نفهم انضمام عضو في حزب المؤتمر السوداني قدم استقالته ثم انخرط مباشرة في قوات الدعم السريع مقاتلاً. لم يدخل أي معسكر تدريبي ولا هم يحزنون. صحيح هو متعلم ربما لن يسرق ويغتصب، ولكن هناك كُثر غيره يدخلون هذه الحرب بمجرد أن يحمل أحدهم بندقيته وينضم إلى أبناء عمومته، لا يهم إن كان سوداني، تشادي أو غيره، المهم هو “الدم الذي يجري في عروقه” مثلما عبر السفير التشادي السابق وهو يدافع عن مشاركة المعارض التشادي مع المليشيا في حربها في الخرطوم. أحدهم يدخل الحرب ولا يسأل فيم يحارب أهله أساسا، ناهيك عن دخول معسكر تدريبي أو تشرب أي نوع من أنواع العقيدة أو الأيديولوجيا.

مؤخراً، كما ذكر أسامة عيدروس، معظم إمداد المليشيا هو من هذا النوع من الجنود الذين ينضمون إلى الدعم السريع دون المرور بأي تدريب عسكري، فهم يعرفون كيف يستخدمون السلاح بالطبع، ولكن لا تسألهم فيم يستخدمونه؛ في القتل طبعاً! هذه هي الإجابة الوحيدة التي يمكن تحصل عليها إن سألتهم. أما الديمقراطية والحكم المدني ودولة ما بعد الاستعمار وما إلى ذلك مما يردده مثقفو الميشيا فهذا لا يعنيهم ولم يسمعوا به أساساً. بالنسبة لهم حرب الخرطوم هي مثل أي حرب يعرفونها حرب من أجل الغنيمة بالدرجة الأولى، وإن كانوا دخلوها من بوابة الفزع.

قوات الدعم السريع كقوات كانت تقاتل مع الجيش السوداني وتلقت تدريبها العسكري لهذا الغرض لم تعد موجودة بذلك المعنى القديم، هناك مليشيات قبلية لا تعرف إن كان أحدهم دعم سريع أم مؤتمر سوداني أو مؤتمر تشادي أو مؤتمر شعبي.

حليم عباس
حليم عباس


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى