الاقتصاد العالمي

لماذا يضغط صندوق النقد الدولي على فرنسا لاتخاذ إجراءات اقتصادية تقشفية؟


دعا صندوق النقد الدولي الخميس في ختام مهمة في فرنسا، حكومة باريس لاتخاذ “إجراءات تقشفية جديدة” لتفادي زيادة الدين العام في الوقت الذي تقترح الحكومة فيه تعديلا لنظام منح البطالة عرضته على النقابات. وتوقع الصندوق أن تكون نسبة العجز العام لفرنسا “أعلى بكثير” من النسبة التي توقعتها الحكومة في 2027. خبير اقتصادي يوضح لفرانس24 أن فرنسا تمر بمرحلة انتقالية اقتصادية ستستمر لسنوات وقد تكون مضطربة.

نشرت في:

6 دقائق

توقعصندوق النقد الدولي الخميس في ختام مهمة فيفرنسا أطلق عليها “المادة 4” أن العجز العام بالبلاد سيصل إلى نسبة 4,5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2027 مقابل توقعات حكومية بنسبة 2,9 بالمئة، أي تحت السقف الأعلى للعجز العام الذي يطلبهالاتحاد الأوروبي.

وأوصى التقرير الحكومة “باتخاذ تدابير جديدة لضبط الميزانية على المدى المتوسط اعتبارا من العام 2024 من أجل إعادة الدين إلى مسار هبوطي”.

وترجع المؤسسة المالية الدولية الفرق في توقعات الدين بينها وبين فرنسا إلى “عدم تحديد المراجعة الرئيسية للتعديل المخطط له (لتقليص الديون) وإجراءات الادخار”.

وتخطط السلطة التنفيذية في فرنسا لتقليص مصاريف الموازنة بمبلغ 20 مليار يورو إضافية في 2024 إضافة إلى مليار يورو في موازنة 2025.

من جانبه صرح وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير  أن الحكومة “ستقوم بكل ما يلزم للعودة لدين عام دون نسبة 3 بالمئة في 2027” مشددا على أن تقرير صندوق النقد الدولي “يقر بصفة كلية الاستراتيجية المالية والاقتصادية للحكومة”، ثم يضيف قائلا: “عندما يتم قطع نفقات التسيير وهي تلك غير المخصصة للاستثمار أو التكنولوجيات الجديدة أو التخلص من الكربون، تزيد من فرص النمو”.

ويبدي دانيال ملحم، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصادي في جامعة باريس، معارضته لمطالب صندوق النقد بخفض الإنفاق العام “يجب العمل على زيادة النمو من خلال توجيه المال العام نحو قطاعات محددة عوض رفع الضرائب”.

إضافة إلى ذلك، طالب الصندوق باتخاذ إجراءات إضافية بما نسبته 0,4 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي الخام لتصل نسبة الدين العام إلى 4,9 بالمئة “من بينها 0,3 بالمئة أعلنتها الحكومة في أبريل/نيسان الماضي في برنامج الاستقرار “المالي”.

وتضيف رئيسة مهمة الصندوق في فرنسا مانويلا غوريتي “نتحدث عن فارق لا يتعدى 0,1 من الناتج الداخلي الإجمالي وهذا ليس بالرقم الكبير”.

وإلى حد الآن، يتوقع صندوق النقد الدولي عجزا عاما في الموازنة بمقدار 5,3 بالمئة في 2024 فيما تتوقع الحكومة عجزا بـمقدار 5,1 بالمئة.

“أزمة هيكلية”

قبل صدور تقرير صندوق النقد الدولي، توقع المجلس الأعلى للمالية العمومية في منتصف أبريل/نيسان الماضي أن التوقعات بخفض الدين العام بحلول 2027 تنقصها “المصداقية والانسجام”.

يؤيد دانيال ملحم موقف المجلس مؤكدا أن توقعات الحكومة للنمو متفائلة جدا “تقييمات النمو المرتفعة يعني أن توقعات العوائد مرتفعة، تقرير النقد الدولي يمثل ضغطا إضافيا على الحكومة الفرنسية لضبط الإنفاق العام وإعادته إلى مستوياته الطبيعة بحلول 2027، تم اتخاذ خطوات حكومية لترشيد الإنفاق للحصول على ما بين 8 إلى 15 مليار يورو لكن ذلك كان على حساب قطاعات رئيسة منها التعليم، مشكلة الإنفاق العام في فرنسا أصبحت هيكلية”.

ومن بين توصياته الاقتصادية للحكومة الفرنسية، يشدد صندوق النقد الدولي على أن الحكومة يجب أن تقوم بتوجيه أكثر دقة لمِنَح البطالة ووسائل دعم العمال والشركات وتعديل النفقات الجبائية. كما دعا أيضا إلى تقليص كتلة الأجور في القطاع العام“.

ويقر ملحم أن فرنسا من أكثر الدول الأوروبية إنفاقا على القطاع الاجتماعي ويوضح “هناك مطالب بخفض المخصصات الاجتماعية، وأعتقد أن خفض النفقات الاجتماعية لن يتوقف عند منح البطالة، سوق العمل يحتاج لليد العاملة التي تتردد في الإقبال على الوظائف، هناك أيضا هدر كبير للمال في نظام التقاعد من خلال التسهيلات الضريبية الكبيرة للمتقاعدين الذين لا يدخلون ضمن النشاط الاقتصادي”.

وحذر التقرير من أنه “في غياب إجراءات إضافية، فقد يصل الدين إلى ما نسبته 112 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2024 مع ارتفاعه بمقدار نقطة ونصف نقطة على المدى المتوسط”.

وقدمت وزيرة العمل الفرنسية كاترين فوتران للنقابات مشروعا حكوميا بشأن تأمينات البطالة مع تشديد شروط الحصول على منح البطالة. وسيسمح الإجراء بترشيد نفقات تصل إلى 3,6 مليار يورو.

“مرحلة انتقالية اقتصادية مضطربة”

ويأتي نشر تقرير الصندوق قبل أسبوع من نشر توقعات الدين العام في فرنسا من قبل وكالة “إس أند بي غلوبال” بعد أن أبقى تقرير وكالتي موديز وفيتش رايتينغ التصنيف السيادي لفرنسا في مستوياته السابقة نفسها في نهاية أبريل/نيسان.

ويخلص ملحم إلى أن فرنسا “تمر بمرحلة انتقالية اقتصادية، نحن في نهاية دورة اقتصادية كانت قائمة من 1990 إلى 2021 مع أسعار فائدة منخفضة ونمو مقبول، وهذه الفترة الانتقالية ستكون متقلبة لمدة تصل إلى خمس أو عشرات سنوات قبل الدخول في مرحلة اقتصادية جديدة عنوانها التكنولوجيا لزيادة الإنتاجية”.

ويحذر ملحم من أن “العائلات الفرنسية ستعاني من ضغط مالي خلال السنوات المقبلة مع ارتفاع سعر الفائدة والعوامل الجيوسياسية الدولية، الحل الوحيد هو إعادة هيكلة سوق العمل وليس زيادة الضرائب”.

وتوقع صندوق الدولي أن تبلغ نسبة النمو في فرنسا 0,8 بالمئة في 2024 مقابل توقعات حكومية بنسبة نمو 1 بالمئة.

وفي 2025، بلغت توقعات الصندوق للنمو  نسبة 1,3 بالمئة وهي “قريبة جدا” من التوقعات الحكومية تبلغ 1,4 بالمئة تقريبا.

 

عمر التيس


المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى