السياسة السودانية

عادل الباز: إنهاء الحرب سلماً.. الممكن والمستحيل.!! (2)

[ad_1]

1 بالأمس قلت إن كثيرين يتخوفون مما يجري في جدة بعد استئناف المفاوضات هناك، يخاف الناس أنه تحت الضغط الخارجي أن تُقدم قيادة الجيش على تقديم تنازلات عن شروطها لوقف الحرب، وقلت إن هنالك ما يبرر هذه المخاوف، وذكرت المبررات (راجع الحلقة الأولى من المقال). ذكرت في نهاية المقال أنه في هذه المرة غير متاح لقيادة الجيش تقديم تنازلات جوهرية عن شروطه (خروج المليشيات من المنازل المحتلة والمستشفيات والدور الحكومية.) وذلك لأسباب تتعلق بالمناخ والمزاج داخل الجيش وفي أوساط الشعب.
2
إذن، ما هي تلك العوامل التي تتفاعل داخل المؤسسة العسكرية والأمنية التي يمكن أن تقف حائلاً دون تقديم تنازلات من قادة الجيش للجنجويد.؟.
داخل الجيش يعرف قادته عبر كل التقارير الاستخباراتية والأمنية أن الرأي العام في كل الأجهزة ضد أي تفاوض مع الجنجويد، بل ويكاد كل الضباط والجنود يغضبون حين تتوقف العمليات خلال الهدن أو لأسباب يجهلونها كما يحدث هذه الأيام، إذ توقفت حتى العمليات الخاصة بأم درمان دون إعلان هدنة!!.
3
الرأي العام داخل الجيش مع السحق النهائي لقوات المتمردين ولا تفاوض ولا يحزنون. بل هو معبأ ضد المفاوضات والهُدن من أصغر ضابط إلى رتبة جندي، وقد لوحظ الجنود في الشوارع يعبرون عن آرائهم بصراحة، وليس هنالك أنشودة في ألسنتهم تطربهم غير (بل بس) ويشعرون أن هذه معركتهم، هذه معركة كرامة وتحدٍ لهم، إما أن ينتصروا فيها أو يستشهدوا.
إن من يتخذون القرارات في قيادة الجيش ليس بوسعهم تجاهل هذا الرأي العام الجارف وإلا سيدفعون الثمن كاش. يمكن استرضاء هذا الرأي العام داخل المؤسسة العسكرية إذا تمت الاستجابة لشروط الجيش بحيث يخرج منتصراً من الحرب، أما إذا شعر الجنود والضباط أنه تم سوقهم للموت والتضحية بأرواحهم ثم جرى بيعهم في سوق نخاسة وعلى موائد التفاوض، ساعتها لا يعلم إلا الله ماذا سيحدث إذا تفجّرت الغبائن في صدورهم!!، وقتها إما أن يتمرد ضباط الجيش الذين هم في الميدان على قيادته ويواصل فدائييه الحرب ضد الجنجويد، وإما أن يطيحوا بالقيادة لتأتي قياده أكثر إحساساً واستجابة لأشواق وجنود الجيش وضباطه في سحق المتمردين… ليس هناك احتمال ثالث.. صدقوني، الذين شموا الدم وشاهدوه نازفاً من صدور رفاقهم ودفنوا جثثهم على أسوار القيادة العامة لن توقفهم نصوص جرت صياغتها فى الدهاليز الباردة وأودية الخيانة.
4
الأحاسيس التي تتفاعل في أوساط الشعب أكثر حدة وشراسة من تلك التي تتفاعل في أوساط الجيش. فالشعب يشعر أنه فقد كل شيء، ماله وبيته وعرضه ووطنه، باختصار لم يتبق له شيء سوى كرامته، ولا يمكن أن يشعر إن استردها إلا بالثأر لها بحسب غلاة المتطرفين، ولا يتم ذلك إلا بسحق هذه القوة البربرية الهمجية التي فعلت به ما لا يخطر على بال، أقلهم تطرفاً يقبل في الحد الأدنى أن يخرجوا له من أرضه وسمائه بدون أي تنازلات، ولذا فإن الخطة النهائية ليثأر لكرامته هو أن يستجيب الجنجويد بدون أي لولوة لشروط الجيش أعلاه.
5
الشعب عرف أن الجنجويد همج لا يمكن مساكنتهم، فقد غدروا بجيرانهم واعتقلوهم واغتصبوا نسائهم فكيف يمكن أن يأتمنوهم مرة أخرى؟. يستحيل أن يتعاملوا معهم أي تعاملات مادية أو تجارية بعد أن نهبوا كل مدخرات عمرهم.ةلم يتبق شيء يمكن أن يربطهم بالجنجويد الآن ولا مستقبلاً، الناس الآن معنيون فقط بالثأر لكرامتهم ولن يقبلوا أي مساومة رخيصة، إذ لا شيء غيرها تبقى لهم. فليتنازل الجيش عن كل شيء، حتى ثكناته، ولكن لن يقبل الشعب أن يتنازل عن الثأر لكرامته، ولذا لابد أن يضع الجيش نصب أعينه أن أي تنازل أقل من الشروط التي وضعها لن يقبلها الشعب.
لن يقبل الشعب، بوقف دائم ولا حتى مؤقت لإطلاق نار والجنجويد يحتلون بيته بعد أن سرقوه واغتصبوا نسائه ونهبوا بنوكه، لابد أن يراهم أولاً خارج دياره وخارج مستشفياته وخارج مصالحه الحكومية التي غدروا بها…ثم بعد ذلك يدفعون ثمن جرائمهم وبعدها يذهبون من حيث أتوا إذ لا يمكن إدماجهم فى الجيش… لأنه وقتها من يأمن الجيش على حراسة ماله ودمه.؟!!. إذن أعتقد قادة الجيش لأي سبب أنه يمكنهم المساومة مع الجنجويد بكرامة السودانيين فهم واهمون.. والأفضل لهم الآن قبل اتخاذ أي قرار بوقف الحرب أن يخرجوا من ثكناتهم ليتجولوا بين الناس في الطرقات في المناطق الآمنة ليسمعوا ويروا ثم بعد ذلك يقرروا إذا ما كانوا قادرين على مساومة الجنجويد والاستجابة لضغوط الخارج بصورة تهدر كرامة الشعب.
5
لكل هذه العوامل والأجواء في أوساط الجيش والشعب، أرجّح أن قيادة الجيش لن تقدم تنازلات أدنى من شروطها المعلنة. وقتها قد يرضى الشعب عنها وينتفي إحساس أنها باعته أو رضخت للضغوط والإملاءات الخارجية. غداً نرى ماذا يجري من تفاعلات في البيئة الخارجية، وما قد ينتج عنها من إنهاء للتمرد سلمياً.

عادل الباز

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى