السياسة السودانية

عادل الباز: سموم بروكسل والترياق المضاد

1 كلما كسدت مؤامرة بحثوا عن غيرها، كأن العالم ليس فيه سوى السودان للتآمر عليه. فشلت محاولة فرض حل على السودان عبر منبر جدة وفشلت مؤامرة ايقاد، كما وئدت (خطة خفض التصعيد) التي تبناها الاتحاد الأفريقي الذي تحول لمخرج رئيس لمؤامرات الغرب في إفريقيا.
2
نشطت في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي خلال الشهر الماضي لقاءات وورش عمل عقدتها منظمات تعتاش من كوارث الشعوب ويؤمها ناشطون وسياسيون عطالى للتنظير حول سبل إيقاف الحرب في السودان وتشغيل عملية سياسية تنقذ الجنجويد. وكلهم لا يملكون دبابة واحدة ولا مسيرة ولا نفوذاً سياسياً أو مقدرات اقتصادية، فقط عقلاً فارغاً ولساناً سنيناً.!!
3
آخر أخبار مطبخ السموم في بروكسل أن ثلة من النشطاء الأمريكان والاوروبيين الذين يدعون معرفة عميقة بالسودان أصدروا خطة أسموها – بحسب ورقتهم السرية التي لم تنشر – باسم (المؤتمر السوداني الوطني الشامل). تسعى تلك الثلة لتمرير مشروع خبيث تحت لافتة الإتحاد الأفريقي القابل للبيع والشراء في سوق السياسة الإقليمية والدولية.
ما هو هذا المؤتمر؟ ما هي أهدافه وآلياته، ومن هم المدعوين للمشاركة في مداولاته ، ومَن الداعمون له؟ وما هي النتائج التي ترتجى منه؟.
سأنشر لكم فيما يلي ملخصاً لما جاء في مشروع المؤتمر الذي يتوقع أن ينعقد في العاصمة أديس أبابا في غضون هذا الشهر.
4
المؤتمر ستعقده جهات مجهولة الهوية. تقرر تلك الجهة المجهولة ابتداءً (إن الأزمة الحالية في السودان تهدد سلامة دولته ومجتمعه). ولذلك قررت أن تعقد المؤتمر السوداني الوطني الشامل للجميع بغرض (تنظيم استجابة المجتمع المدني السوداني للصراع الدائر بشكل فعال من خلال صياغة وإقرار ”مشروع وطني سوداني“ ).
يهدف هذا المشروع لوقف الأعمال العدائية ووقف الحرب بشكل دائم ومعالجة القضايا الإنسانية وإصلاح مؤسسات الدولة، بناءً على توافق وطني شامل. ومن المقرر أن تمر عملية الإتفاقية الوطنية الشاملة في السودان عبر مرحلتين،المرحلة الأولى تضع خطة رئيسية تتألف من العناصر الرئيسية للمشروع الوطني وفي سبيل ذلك ستُعقد سلسلة من الحوارات التحضيرية مع مجموعة متنوعة من الأفراد المدنيين السودانيين، وفي نهاية المطاف يتضمن إجراءات موصى بها ليناقشها ويصادق عليها ممثلو المجتمع المدني السوداني.
المرحلة ثانية يناقش فيها ممثلو المجتمع المدني السوداني المشروع الوطني الشامل وإقراره تحت رعاية الإتحاد الأفريقي وآلياته الموسعة التي تخطط لجولة واسعة من الحوارات مع القادة المدنيين وأعضاء الأحزاب السياسية وممثلي المؤسسات الرسمية وغيرهم من المسؤولين المدنيين، فضلاً عن المجتمع المدني السوداني والأفراد السودانيين.
5
ماهى خطة العمل؟
تشكيل ”فريق تنسيق“ مؤلف من 10 مهنيين (ذوي مصداقية) للإشراف على التصميم والتنفيذ تحت رعاية الاتحاد الأفريقي في إطار “خطة رئيسية”MASTER PLAN لتغطية العناصر الأساسية للمشروع الوطني السوداني وسيقوم فريق التنسيق بتحديد المشروع الوطني والأولويات ويحدد المواضيع التي ستُناقَش وسيختار فريق التنسيق مجموعة شاملة من الأفراد الموثوق بهم الذين يمثلون على نطاق واسع المجتمع المدني السوداني، بمن فيهم الشباب والنساء، للمشاركة في المنتدى التحضيري للمشروع الوطني السوداني.
وبعد ذلك سينقسم المنتدى التحضيري للمشروع الوطني السوداني إلى أتيام لمناقشة مواضيع الخطة الرئيسية (MASTER PLAN) ووضع التوصيات وخطط العمل التي تشكل المشروع الوطني السوداني.
كذلك سيقوم فريق التنسيق، بمساعدة الاتحاد الأفريقي بتحديد أخصائيين لدعم المنتدى بالعمل كخبراء وميسرين لتنفيذ المرحلة النهائية، وهي عقد مؤتمر يمثل جميع شرائح المجتمع المدني السوداني لمناقشة المشروع الوطني السوداني وإقراره.
6
من هم عضوية المؤتمر؟
هم السودانيون المعنيون، وسيشاركون بصفتهم الفردية ويعكسون وجهات النظر والهويات والدوائر السياسية المتنوعة والمفكرين والمهتمين.
7
من هو الممول للمشروع الوطني السوداني؟
بحسب الورقة المسربة، هو المؤسسات الأفريقية بالشراكة مع الحكومات الإقليمية والشركاء الدوليين التي أبدت استعدادها لتيسير المشاورات التحضيرية ويشمل التيسير دعماً مالياً ومادياً حاسماً وستنفذ جميع الأنشطة بالتشاور الوثيق والاتفاق مع الإتحاد الأفريقي. وسيُدعى مراقبون من هذه المؤسسات إلى الحضور.
8
إلى هنا أكون قد انتهيت من تلخيص فكرة مايسمى بـ(المؤتمر السوداني الوطني الشامل). الذي يجري التحضير له الآن بهمة شديدة ليعقد في أديس أبابا يوم 25 أغسطس الجاري.
التعليق:
1- المؤتمر تدعو له جهة مجهولة الهوية وتختبئ مؤقتاً لحاجة في نفس المتآمرين، ولا ترغب تلك الجهة أن تكشف نفسها علناً، لأنه من الواضح أنها إذا كشفت نفسها سيفضح ذلك مباشرة أجندتها ويثير الشكوك حول كل أعمال وأهداف المؤتمر.
2- من المضحك أن تدّعي تلك الجهة الغامضة أن الإتحاد الأفريقي سيكون أحد الممولين، والعالم كله يعرف أن ذلك الاتحاد تتفضل عليه الدول الغربية بتبرعات سنوية حتى يسير ميزانيته التي لا تقوى دول أفريقيا كلها على تغطيتها. فأغلب الأنشطة ممولة من الجهات التي لديها أجندة ترغب في تمريرها عبر الإتحاد، وتساهم بعض الدول العربية الغنية التي لا صلة لها بإفريقيا بتبرعات سخية لتضمن صمت الاتحاد على عواستها وانتهاكها لسيادة دول أفريقيا.
3- قال مؤلفو المشروع إياه إن المدعووين هم أفراد سودانيين (ذوو مصداقية) وممثلي منظمات المجتمع المدني السوداني.!!. مَن يُحدد يا ترى ذوي المصداقية أولئك، وما مصدر تلك المصداقية ومقاييسها؟ ومَن سيختار من بين آلاف منظمات المجتمع المدني، التي ستبعث بممثلين لها للمؤتمر؟. هذا طبخ مسموم ونيء…الداعون للمؤتمر سيدعون أشخاصاً ومنظمات تدعم أجندتهم وتمرر مشروعهم وحكاية أن الدعوة ستكون شاملة لن تكون سوى أكذوبة، إذ لن تشمل الدعوة الجهات غير المرضي عنها. هل ستتم دعوة منظمات المجتمع المدني التي يديرها الإسلاميون مثلاً.؟. محض هراء. !
4- لاحظ أن المنسقين (فريق التنسيق) هم من سيضعون مداميك المشروع الوطني!! وهم بحسب الورقة خبراء مهنيين!! مَن هُم، وما جنسياتهم، ومن الذي سيختارهم، وبناء على ماذا؟. الراجح أنهم خبراء أجانب سيحضرون مداولات المشاركين وبناءً عليها سينتجون ما يسمى بـ(المشروع الوطني السوداني الشامل) ويمررونه عبر المؤتمر بالخداع ثم يعلنون أن هذا المشروع منتج سوداني متوافق عليه من جميع السودانيين، وبذا فهو شامل وكامل الأوصاف!!.
ولكن هب أنهم مضوا كل ذلك المشوار وانتجوا مشروعهم ذاك فمن الذي سينفذه؟. بالطبع بعد سحق الجنجويد ليس هناك قوة صلدة يمكن أن تتآمر لفرض تنفيذه ولن ينفذ الجيش خططاً وبرامج هو ليس طرفاً فيها ولم يُدعى لمؤتمرها.
أتوقع أنه بمجرد إنتاج ذلك المشروع أو تلك الخطة، سيعلن الإتحاد الأفريقي تبنيها بالكامل وخاصة أن المؤتمر شكلاً كان تحت رعايته ولكن الإتحاد نفسه فشل من قبل في فرض خطة خفض التصعيد… فكيف يفرض هذه الخطة على السودان؟. غالباً ما تحدثه نفسه الأمارة بكل سوء أن يرفع المشروع الوطني الشامل إلى مجلس الأمن كخطة إقليمية لمعالجة الوضع في السودان ويحاول فرضها من هناك. وهيهات.
9
إنهم يمكرون… نعم ودائماً ولكن من المؤسف أننا ليس لنا سوى طق الكواريك وكأن المؤامرات تتوقف بمجرد أن تعلو أصواتنا بالعويل.
ينبغي بعد فضح خططهم أن ننهض لإنتاج وتبني خطة تمثل ترياقاً مضاداً لمشاريعهم. السؤال… هل هناك الآن أي خطة مضادة اليوم لما يمكرون ؟ .
أقول نعم… هناك مبادرة لتوحيد الصف الوطنى من أجل انتاج مشروع سودانى خالص وهو عمل جدي يجري حثيثاً لوضع ترتيبات وخطط إذا اكتملت ستثمل ترياقاً مضاداً لما يأفكون.

عادل الباز


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى