السياسة السودانية

معتصم اقرع: بين المثقف وكاتب الدعاية

[ad_1]

المثقف حسب رؤي ادوارد سعيد وتشومسكي وبندا وفوكو والكرار على وغيرهم كائن يجهر بالحقيقة ويكشف الأكاذيب ببساطة لان الحقيقة دائما في مصلحة المظلومين والتعتيم والتدليس يحمي اللصوص والقتلة.

بهذا المعني فان المثقف الحقيقي يبحث عن الحقيقة ويبني مواقفه واستنتاجاته عليها وعلى ما يترتب عنها.

من الناحية الأخرى فان كاتب الدعاية انسان بوق ينتمي لشلة أو حزب أو جماعة يتشكل انتاجه الثقافي بضرورة حماية جماعته وبث دعايتها والتنكيل بخصومها. الحقيقة قضية ثانوية لمثل هذا الكاتب اذ ان الأولوية هي الدفاع عن مشروع جماعته اذ ما هو إلا شاعر يمدح خليفة ويهجو خصومه منحه الخليفة مائة دينار أو وهبه ميزات اخري.

الكائن البوق الدعائي يتمتع بعلاقة انتقائية مع الحقيقة فهو يصرخ بها ان كانت تخدم جماعته ويدسها دسا أو يتجاهلها عمدا ان كانت تطعن في مشروع شلته أو يمكن تفسيرها في مصلحة خطاب مغاير كما انه يتستر علي إجرام وعمالة المعسكر الذي ينافح عنه تسترا ولا يبالي في اختراع وقائع ولي عنق الحقيقة فالتدليس حلال في سبيل الديمقراطية والمدنية.
الكائن البوق الدعائي تاجر معه بضاعة يود ان يبيعها للجمهور بغسل دماغ واسع النطاق، ولكن المثقف الحقيقي يصدح بالحقيقة بلا طمع ولا خوف ولا يهمه من يستفيد أو يخسر لإدراكه ان الحقيقة دائما في مصلحة المضطهدين.

المثقف الحقيقي انسان متجرد لا يبيع أي شيء ولا يحابي غير الحقيقة ولا يرهن قلمه لمحاور لها مصلحة غير مشروعة في تشكيل وتجريف الرأي العام.

المثقف يجد الحقيقة بفحص الأدلة، والقرائن، والفعل، والقول.

كاتب الدعاية ينظر اين يقف منافسيه ومنافسي جماعته علي السلطة والنفوذ ثم يحدد ماهية الحقيقة بناء علي تموضع الخصوم وليذهب التحليل العقلاني الي الجحيم مشيعا بصراخ هستيري عن خسة الأعداء.

كاتب الدعاية لا يكتفي بتجريف الوعي ولكنه يزيد بنحر المنطق والفلسفة والعقلانية لأنه يؤسس لأبستمولوجيا جديدة تتحدد الحقيقة التاريخية فيها بناء علي ماذا يستفيد أو يخسر الكيزان من هذا أو ذاك وفي هذا عدوان مركب علي السياسة والعقل والمستقبل يقع علي كل وطني أو يساري أو ليبرالي عبء الا يقع في فخه الآثم. ومن المؤسف أن نذكر كائن أن الحقيقة موضوعية بشروطها ولا علاقة لها بأين يقف الكيزان اخطأوا أم اصابوا. فلو نافح الكيزان عن وجود الرب فان ذلك لا ينفي وجوده كما لا يثبثه.

بعد سقوط نظام البشير في عام 2019 بدأت تظهر خصائص جديدة لطبقة من الكتاب لا تفقه عن العالم شيئا سوي ان “الكيزان كعبين”. وكتبت هذه الطبقة ملايين الأسفار الإنشائية عن هكذا كعوبية معلومة بالضرورة لأي احمق قاعد تحت عمود.

يتجلي عقم هذه الطبقة في الإضافة الوحيدة والمساهمة التي أتت بها هي “الكيزان كعبين” ولا اعتقد ان أي سوداني في حاجة الي هكذا إضافة حتى لو تم تحبيرها علي أصول النحو والبلاغة ورفع المبتدأ والفاعل.

في فترة البشير ظهرت هذه الطبقة من كتاب الدعاية بلبوس المثقفين، ولكن بعد سقوط الانقاذ سقطت الأقنعة واحدا تلو الآخر حتى ظهر كاتب الدعاية المتحزبة بلا موضوعية علي حساب الحقيقة ولم يتبق في وجهه مزعة لحم أو كبسة.

معتصم اقرع

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى