السياسة السودانية

معتصم أقرع: التموقع السياسي في زمن الاغتصاب

[ad_1]

تمر البلاد الآن بأحد أسوأ أوقاتها في تاريخ ما بعد الاستقلال، حيث تجري عمليات القتل والاغتصاب والنهب ليس فقط في مناطق بعيدة ، ولكن في قلب قلب عاصمتها بروتينية مخيفة.

في رسالة لجماعات سوء الفهم المتعمد، نقول انه عندما نذكر العاصمة، فليس ذلك لأن أهلها أكثر قيمة واستحقاقا من أي شخص آخر. نذكرها لأن الأمور إذا كانت سيئة في الخرطوم فهي بالتأكيد أسوأ في المناطق البعيدة مثل الجنينة.

ولا تنس أبدًا أن الخرطوم لم تملكها أبدًا قبيلة أو مجموعة عرقية اذ أنها كانت دائمًا مدينة الكل القادم من كل ركن بعيد في السودان. وهناك نسبة معتبرة مما يسمي صفوة المركز انحدر جدهم أو امهم في أمس قريب مما يسمي بالمجموعات المهمشة في المناطق المهمشة والأمثلة على قفا من يشيل.

تتطلب هذه اللحظة الفريدة من التاريخ التفكير والتموضع السياسي الذي يناسب فرادتها المرعبة. لذلك نحن بحاجة إلى أوسع تحالف ممكن لمقاومة وإنهاء الفظائع بغض النظر عمن يرتكبها. وهذا يعني قبول واعي بكل صوت يقاوم الفظائع وتأخير خلافاتنا الماضية أو المحتملة معه إلى وقت لاحق عند استعادة السلام.

وعي ضرورة اللحظة لا يعني فقدان الذاكرة السياسية ولا هو بشيك علي بياض في التو أو في المستقبل.

بهذا المعنى، إذا خرج الشعب السوداني وتظاهر ضد الاغتصاب والانتهاكات، فلن انصب محكمة تفتيش تنبش في ميول المتظاهر السياسية أو الأيديولوجية أو الدينية.

ولن أجد الجرأة للاستهزاء بهكذا جماهير أو إدانتها أو بعبصة أرواحها لقياس درجة نقائها السياسي. ولن يهمني اطلاقا إذا كان المتظاهر ضد اغتصاب مدينته قحاتي أو كوز أو سنبل أو أنصار سنة أو شيوعي أو مواطن لا تهمه السياسة فكلهم سودانيين يستحقون أمنهم في دارهم ومالهم وعرضهم.

في مظاهرات الغضب لا أرى سوى جماهير سودانية تقاوم اغتصاب مدينتها ولا تجد مني إلا دعمي الكامل وغير المشروط بلا تردد.

لو تعرض أي انسان لهجوم كاسر في بيته وجسم امه وبنته وجاء جار لمساعدته علي صد العدوان لا اعتقد انه حينها سيتذكر أو يهتم بالفلسفة السياسية التي يتبناها الجار أو ان هذا الجار مرتشي سرق حصة الحي من الدقيق. هذا النوع من التفكير المفارق للواقعية يحدث فقط في وسائط التواصل الاجتماعي كقضية نظرية بحتة استنادا علي طائفية سياسية ايدلوجية ضيقة الأفق ذاهلة تماما عن فرادة اللحظة.

السياسة ليست لعبة حب فيها نتعاون فقط مع الملائكة الذين نعشقهم بكل جوارحي ومشاعري العميقة. بل السياسة أكثر جدية يمكن ممارستها على شقين. في جانب، يحق لأي مجموعة أن تنظم نفسها استنادا على أضيق نطاق من النقاء الأيديولوجي حيث يتم فقط قبول الذين تتطابق أفكارهم مع الجماعة بعد ان يجتازوا اختبار العذرية الفكرية.

وفي الشق الآخر على هذه المجموعة الأيديولوجية الضيقة أن تتواصل وتتعاون مع مجموعات أخرى مختلفة لتحقيق واجب عاجل وملح مثل إنهاء اغتصاب الجنينة أو الخرطوم.

وعندما يتحقق هذا الهدف، يمكن للجميع العودة إلى ضغائنهم القديمة وكراهياتهم المشروعة وغير المشروعة ضد بعض الأفراد والجماعات المتحالفين معهم مرحليا والمتعاونين لإنهاء الانتهاكات الجسيمة غير المسبوقة في تاريخ الخرطوم الحديث.

سيكون هناك ما يكفي من وقت في المستقبل للعودة إلى كل الخلافات السياسية القديمة والكراهيات، لكن دعونا نعمل الآن معًا بلا نرجسية منغلقة علي ذاتها لإنهاء اغتصاب البلاد.
الكتابة ليست عشرة بلدي في حانة الاحباب>:

إذا فشلت هذه الصفحة في ان تصدمك بفكرة أو موقف تبنته، فهذا يعني أنني قد خبت في تقديم أي منظور جديد أو فكرة أو رؤية جديدة وجديرة باهتمامك.

الكتابة مسؤولية لا تنحني لأي بقرة مقدسة وتترفع عن استجداء توسيع القبول الجماهيري بتملق الانحيازيات المسبقة لجماهير سعيدة بأفضلية فكرية وأخلاقية مستوهمة.
لا قرف يثير غثيانا يفوق منظر الكاتب الراقص دائما بهدف إسعاد نادي جماهيره ورادحا بلا انصاف ضد معسكر العدو بالحق والباطل.

واجب الكتابة ابراز الحقيقة بلا وجل من تعكير صفو الأعداء أو صفو ذوي القربي السياسية, لا فرق.

قال الامام أبو الحسن الشاذلي “غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه. غاية الإنصاف أن ينصف الإنسان من نفسه.”

معتصم أقرع

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى