مروة بابكر: نحن ندرس متلازمة جينية تقود الى نوبات صرع شديدة لا تستجيب للأدوية

بحمدالله – وبفضل دعم الفريق البحثي- تم الآن نشر ورقة علمية ثانية للبحث الذي قمت بيه في معمل بروفيسور Eric Levine في مجلة Epilepsia ، وهي من اهم المجلات العلمية التي تعنى بأبحاث الصرع.

لأشرح لكم ما قمنا بنشره باختصار شديد، سأقوم بالتذكير بنقاط بسيطة:
– نحن ندرس متلازمة جينية تقود الى نوبات صرع شديدة لا تستجيب للأدوية في معظم الأحيان.

– نقوم بدراسة المتلازمة عن طريق تسجيل النشاط الكهربي للخلايا العصبية التي قمنا بتحويلها من خلايا جذعية (مستخلصة من تحويل خلايا جلدية من الأطفال المصابين بالمتلازمة).

– قمت في رسالة بحثي للدكتوراة باكتشاف زيادة في تيار الصوديوم الداخل للخلايا العصبية (من ضمن أشياء اخرى تتعلق بالجينات تحدثت عنها في بوست سابق).

– دخول تيار الصوديوم ثم خروج تيار البوتاسيوم من الخلايا هو الأساس الكيميائي لتوليد النشاط الكهربي الذي يطلق الاشارات العصبية للتواصل بين خلايا المخ.

بعد تخرجي السنة الماضية عملت كـ “postdoctoral research scientist” او “عالم أبحاث بعد الدكتوراة” اذا صحت الترجمة. وقمت بمحاولة اكتشاف الخلل الذي يسبب زيادة تيار الصوديوم داخل الخلايا. وفي هذا البحث الذي تم نشره الآن:

– قمت باستهداف قنوات الصوديوم ودراسة حركية هذه القنوات و”البوابات” التي تقوم بالفتح والاغلاق وتتحكم في مرور ايونات الصوديوم.

– اكتشفت ان العملية الكهربية التي تتحكم في فتح القنوات هي سليمة تماما، اما العملية التي تتحكم في غلق القنوات فهي معطوبة وتؤدي الى عدم اغلاق كلي وبالتالي تسرب للصوديوم (ذا الشحنة الموجبة) الى داخل الخلايا، مما يؤدي الى زيادة النشاط الكهربي للخلايا بصورة كبيرة ويمكن ان يكون سببا اساسيا في حدوث الصرع عند هؤلاء الأطفال.

– هناك اكثر من عشرين دواء معتمد في معالجة الصرع، فقمت باختيار دواء يسمى روفينامايد لأنه يستهدف عملية اغلاق قنوات الصوديوم ويساعد في اغلاقها.

– قمت بتسجيل النشاط الكهربي للخلايا ذات النشاط الزائد ثم وضعت هذا الدواء في السائل الشوكي النخاعي الصناعي المحيط للخلايا، ووجدنا ان هذا الدواء يعيد الخلايا الى معدل نشاط طبيعي ويساهم في اغلاق قنوات الصوديوم بصورة اقرب للطبيعية.

نقاط اخيرة:
– اريد ان انبه ان هذا البحث يختص بمتلازمة زيادة كروموسوم ١٥ ولا يجب تعميم وجود هذه المشكلة في قنوات الصوديوم واستخدام هذا الدواء على جميع انواع الصرع، فكل نوع من الصرع لديه اسبابه ولديه علاج يستهدف الاسباب المعينة.

– ماشرحته الآن هو مثال لعمل علماء المخ والأعصاب ومحاولتهم اكتشاف مالم يتم اكتشافه بعد، وقد يسهم هذا البحث في توجيه الاطباء الذي يشرفون على مرضى مصابين بهذه المتلازمة الجينية لاستخدام انواع معينة من الادوية تكون اكثر دقة في معالجة اسباب المشكلة على المستوى الخلوي والجزيئي.

– اريد التعريف والتذكير بأن هناك طريق مهني ووظائف تسمى “physician-scientist” او “طبيب-عالم” تمكن الشخص من العمل كعالم في معمل ابحاث وطبيب في المستشفى في نفس الوقت حيث يقوم بالاكتشافات العلمية ومعالجة المرضى في نفس الوقت. اتمنى ان اكون أحدهم واتمنى ان يكون هناك الكثير من الأطباء-العلماء السودانيين مستقبلا وان تخرج بلدنا من هذا الضيق وهذه المحنة التي هي فيها.

د. مروة بابكر