السياسة السودانية

محمد محمدخير يكتب: التحول الكبير!

[ad_1]

غَارِقٌ في الوهم من يظن أنّ السُّودان الذي نُعايشه الآن، هو السُّودان الذي كُنّا نعرفه قبل 20 عاماً، وهذه رسالة لأصدقاء المَنافي وللرّاغبين في العودة على خلفية السُّودان الذي كان.

كل ذلك البناء تخلخل وطَفحت قيمة جديدة يصعب على علماء الترمنولجي اجتراح مُسمّى لها، ليس لغموضٍ في بنيتها ولكن لأنّها حالة فوّارة ومُتجدِّدة وكاسحة.

هناك مصادرٌ سريةٌ للأموال، وعادي جداً أن تجد موظفاً لا يتجاوز مرتبه المائتي دولار لكنه يتسنّد على منزل يناهز ثمنه المائتي ألف دولار ويقود عربة تبلغ قيمتها أكثر من ثلاثين ألف دولار وله سطوةٌ وسحرٌ وغموضٌ وشأوٌ وبأسٌ.

البلد كلها في حالة طقس سري، تبدّد ذلك الوضوح وغابت تلك العفوية، وتلاشت البساطة، وازوَرّت المعاني المُصاحبة لتلك الخصال، والخطر الأدهى أنّ طقس السرية أصبح قاعدة الارتكاز وحجر زاوية الحياة التي تصعد على أعمدتها بكل ما يتطلّبه الغُموض، وأفرزت هذه الحالة تقاليد جديدة وقيماً مُكتسبة وتعريفات مُبتكرة، فالمرتشي مثلاً ليس هو ذلك الشخص المذموم الذي كان ينظر إليه زملاؤه المُوظّفون حين كانت الوظيفة تنافساً شريفاً بين الخريجين نظرة الاحتقار، المُرتشي الآن هو الفلاحة الوظيفية التي تعود على شاغل الوظيفة بالنفع المُباشر جرّاء فقه استدرار الوظيفة واحتلابها وجعلها فيئاً شخصياً يتحوّل لمحصول نقدي، وتعريف المرتشي على أساس هذه القاعدة الجديدة هو الشخص الذي يتقبّل (النقد) بصَدرٍ رَحبٍ.

التكييف الشرعي والقانوني الداعي لتعدُّد الزوجات وسّع نظرة النساء لهذا الأمر فبلغت أقصى اتساعاتها ونفخ الحياة في شرايين المُسنين لما فوق الستين في ظل التقدم العلمي المُتصل برافعات الدم، فصارت مُواصفات العريس المرغوب هو الشيب المُشتعل والبصر الضعيف والأسنان المفقودة بفعل السكري (ولو في شوية ضغط ده عِز الطلب)..!

كنت أجالس مُسناً بمنزل الصديق عادل عبد الغني، ومن خلال الأنس عرفت أنه تزوّج بثلاث بنيات صغار خلال أربعة أعوام فقط، وهو رجلٌ ميسورٌ ووارثٌ، وله دراية في إدارة المال، فسألته هل يرغب في تكرار هذه التجارب مرةً ثانيةً، وكان السؤال على صيغة هل ترغب في الزواج مَرّةً خامسة؟ فأجابني بأنّه الآن (مُتْكَلِّم)، فَعَادَت بي إجابته لثلاثين عاماً مَضَت حينما كانت النساء تقول (البت مُتكلِّمين فيها).

هذه لقطات بسيطة من أهوال أراها يومياً في السُّودان، تؤكِّد لي أنّ هذا البلد في حالة تحوُّل يصعب على أسرع العدائين اللحاق بخفة حركته، طقوس سرية تتسيّد الحياة، ومُسنون في طور المُراهقة، وسياسيُّون يُراوحون مَكانهم ويتحدّثون بذات لغة ما بعد الاستقلال ومن تحتهم أرضٌ تغادر أراضيها، البحر يُصب في الشمس، والأرض تصب في البحر، والشمس تَحدق في الاثنين..!

صحيفة الانتباهة

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى