السياسة السودانية

علي عسكوري: العشر قام ليه شوك..!

[ad_1]

لم اتفاجأ بالعنتريات التى صحبت مؤتمر اديس ابابا الاخير، ويجب ان لا يتفاجأ احد او يحتج او يغضب، لقد فهم هؤلاء المستأسدون ان (تور) السودان قد وقع فاستلوا سكاكينهم وتلمظت شفاههم وسأل لعابهم ينتظرون ذبح الفربسة ليتقاسموا لحومها..! ذلك حلم قديم لجيراننا في الشرق، وكما اورد الكاتب (الان مورهيد) في كتابة (النيل الازرق) قول الامبراطور وقتها للرحالة الفرنسي الذى مر بسنار في طريقه الى الحبشة ما يمكن تلخيصه (معذرة اكتب من الذاكرة) : (ان الاراضي من سنار الى بني شنقول هى اراضي اثيوبية، ولكن الاعراب استقوا علينا حاليا فانسحبنا منها، ولكن سنستعيدها يوما ما”.

يبدو ان رئيس الوزراء الاثيوبي ظن مخطئا ان الوقت قد حان لتحقيق حلم النجاشي القديم ولكن هيهات..!
اما صاحب الذهب فعليه ان يتذكر انه لولا سرقة ذهب السودان لما صار رئيسا يتطاول على بلادنا ويزدريها ويلطخ سيادتها بعنتريات فارغة تصل حد الوصاية.

وما كانت مثل تلك التصريحات لتصدر من رؤساء افارقة احدهم تستضيف بلاده مقر الاتحاد الافريقي، والاخر سبقه اسلافه برفع رأية التحرر الافريقية وقاتلوا من اجل استقلال بلادهم ووقفوا ضد الاستعمار الاوروبي. والحال كذلك، وجب علينا تذكيرهم بالتاريخ القريب. فعند هجوم الطليان على الحبشة لم يجد الامبراطور هيلاسلاسى بلد يلجأ اليه ويأمنه على حياته غير السودان، وتمت استضافته في ود مدنى ردحا من الزمن، أما التاريخ الاقرب جدا فما كان لجماعة الرئيس الراحل ميلس زيناوي ان تدخل اديس ابابا وتسقط نظام الديرج (نظام منقستو) لولا الجيش السودانى الذى دخلت دباباته العاصمة جنبا الى جنب مع قوات زناوى وبقيت هناك حتى استتب الامر للنظام الجديد.

تري هل نسي السيد رئيس الوزراء كل ذلك، ام انه جزاء سنمار…! ان السيد رئيس الوزراء ونظامه مدينون للسودان بوجودهم في السلطة ابتداء، لكنه الجحود ونكران الجميل.

اما صاحب الذهب، فعليه ان يراجع دفاتر اسلافه ليعلم كم ساهم الشعب السوداني من حر ماله في دعم حركة جومو كينياتا (ماو ماو) لتحرر بلاده من نير الاستعمار.

في حقيقة الامر فإن اغلب – ان لم يكن كل- شعوب ودول افريقيا شمالا وشرقا وغربا وجنوبا مدينة لبلادنا وشعبنا لدعمها لهم في نضالهم ضد الاستعمار.. فقد كانت بلادنا من اوائل الدول الافريقية التى نالت استقلالها، وانهمكت قيادتها وقتها في دعم بقية شعوب افريقيا، بالسلاح والمال والتدريب حتى تحررت افريقيا من نير الاستعمار القبيح. لقد كان ذلك واجب المرحلة التاريخية وقد نهض به اسلافنا على خير وجه، ومنحوا دعم نضال شعوب افريقيا من اجل الحرية اسبقية على تنمية بلادهم وهو امر ساهم في تأخير تنمية بلادنا، فقد ذهبت الكثير من الوفورات المالية لدعم حركات التحرر وها نحن اليوم نقبض ثمن دعمنا عمالة وتطاول واطماع.
الآن استدار علينا بعض من يجهلون تاريخنا ليفرضوا الوصاية بعد ما وقف معهم شعبنا عندما كان الاوربيون يضربونهم بالسياط وينهبون ثرواتهم ومقدرات بلادهم.

هنالك واقعة شخصية ربما يفيد ذكرها تعزيز روايتنا عن دور بلادنا في افريقيا وافضالنا عليها… وليس هذا من قبيل الامتنان فنحن رواد التحرر ولا نمتن على احد عندما ننهض بواجبنا ، ولكن الذكرى تنفع المؤمنين وحتى لا يتطاول علينا احد.

اذكر في نهاية الثمانينات فوضنى وزير المالية وقتها الراحل دكتور عمر نور الدايم لتوقيع اتفاق منحة مع بنك التنمية الافريقي الذى كنت مسؤلا عن مشروعاته بالسودان. كانت المنحة لدراسة تحلية مياه البحر الاحمر لحل ضائقة المياه في مدينة بورتسودان. في الغداء الذى تلى التوقيع جلست بصفتى ممثلا للحكومة في مقابلة نائب رئيس البنك (نيجيري الجنسية) الذى وقع نيابة عن البنك. اثناء الغداء بداء الرجل يحدثنى عن خلفيته المهنية.. وقال انه بدأ حياته المهنية دبلوماسيا في بعثة نيجيريا الدائمة في الامم المتحدة. وذكر ان البعثات الافريقية مطلع ستينات القرن الماضي كانت قليلة ولا تملك الخبرة في الشئون الدولية. ولذلك عند طرح اى قضية في الجمعية العامة كانت جميع البعثات الافريقية دون استثناء تتدافع على بعثة السودان لتحديد موقفها من القضية. وعندما سألته لماذا تفعلون ذلك، قال لى: هذا سفير السودان خريج جامعة الخرطوم اكثر تأهيلا ومعرفة منا جميعا، ولذلك كان ما يقوله لنا سفير السودان هو الرأي الذى يتبناه الافارقة…! وختم حديثه قائلا انه مدين لعدد كبير من الدبلوماسيين السودانيين وتعلم منهم الكثير وكان كثير الحضور لمقر البعثة والنقاش مع دبلوماسييها. وسألنى في نهاية حديثه: انتم السودانيون اناس متعلمون … ماذا دهاكم..؟ ولم اجد ما اقوله له سوي… it is a long story
الان للاسف يستأسد علينا هولاء الذين يجهلون تاريخنا، طمعا مع اخرين في مواردنا وفي بلادنا. يريدون- مدفوعين ببعض من باعوا بلادهم وشعبهم بثمن بخس- ان يملوا علينا شروط من يقف خلف الستار، ويفرضوا علينا وصايتهم يأمرونا ماذا نفعل وما لا نفعل في وصائية لا يمكن ان يقبل بها شعب حر، ومن المؤسف ان يأت هذا الحديث من اخوة افارقة جعلوا من انفسهم وبعض الخونة اداة طيعة للاستعمار الحديث.

لقد اصابنا الهوان لاننا انغمسنا في قضايا عقيمة، شريعة او علمانية، ديمقراطية او ديكتاتورية، مدنية ام عسكرية الخ من الجدل البيزنطى الذى هلك الحرث والنسل وما انفك، حتى وهنت مؤسساتنا التى ضربها الفساد ونخرها التسيب وكادت ريح بلادنا ان تذهب وطمع فينا (اليسوى والمايسوى)، حتى اصبح تفكيك بلادنا يجرى على قدم وساق والناس ذاهلون.
تركنا البناء والعمل وانصرفنا لصراعات عقيمة لا تنته، فما نكاد نخرج من حرب الا ندخل في اخرى وهكذا دواليك.
لقد حق لهولاء ان يطمعوا ويستأسدوا علينا بعد ان غزتنا مليشيا – لهم معها حبال وصل ومصالح- في عاصمة بلادنا ونهبتها وشردت سكانها وحولتهم لنازحين او لاجئين، كل ذلك ولم يشيروا لها بالاسم دعك من ادانتها…! ورغم كل الانتهاكات والدمار والخراب لا يزال بعض الخونة يعتقد ان بوسعه ان يأت للحكم فوق صهوة جواد الاجنبي محتقبا الديمقراطية بعد ان دك جناحه العسكرى عاصمة البلاد واستباحها…! يتآمرون من بلد لبلد يحرضون الاجانب على احتلال بلادنا ووضعها تحت الوصاية.من سيحكم هولاء يا ترى…! ذات الشعب السودانى الذى استبيحت عاصمته ام انهم سيستوردون شعبا آخر!

بعد كل هذا الهوان والاستضعاف الذى وقع علينا ثبت ان لا مخرج لنا سوى وحدة كلمتنا، وتأجيل الايدولوجيات والصراع العقيم، والانصراف للعمل، وبناء افضل واقوى جيش في افريقيا حتى لا يتطاول علينا احد، فبلادنا بهذا الضعف والهوان لن يكون بوسعنا تطلبيق شريعة او علمانية او اشتراكية لاننا سنظل في حالة دفاع عن وجود الدولة نفسها، وكما تابعنا فالعشر قام ليه شوك، وعلينا تكسير الشوك بوحدتنا ومنعتنا والعمل لبناء بلادنا، غير ذلك سيستمر التطاول وستتوسع المؤامرة وسيزداد عدد الخونة وتتعمق خيانتهم وعمالتهم.

اعلم يقينا ان ملايين السودانيين استشاطوا غضبا بعد هذا التطاول والاذدراء والاستضعاف والتنمر، لكن الغضب والانفعال اللحظى ليس كاف لمعالجة الامر، انما المعالجة تكون في بناء قدراتنا من كل نوع بتنظيم انفسنا وتوحيد كلمتنا وحسم الخونة وانكبابنا على العمل الدؤوب من اجل البناء، فالعمل بعزيمة وبلا كلل هو المخرج الوحيد و لنضع الاساس المتين للاجيال القادمة لتكمل البناء، وبعدها سنرى من يجروء ليتطاول علي شعبنا وعلى بلادنا.

علي عسكوري
١٤ يوليو ٢٠٢٣

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى