السياسة السودانية

الحلم الذي طال انتظاره.. ترفيع مستشفى أبوعشر إلى مستشفى تعليمي

[ad_1]

سامي عبدالرحمن

لم يشهد أهالي مدينة أبوعشر بولاية الجزيرة – وسط السودان – نشاطاً وحيوية لمشفاهم العريق، كما بدت عليه غداة صدور قرار وزارة الصحة بولاية الجزيرة، القاضي بترفيع مستشفى أبوعشر الريفي إلى مستشفى تعليمي بكامل مزاياه، وما من شيء يضاهي إحساسهم بمزيج من التفاؤل والارتياح والفخر بذلك القرار، بعد أن كانت تساورهم الشكوك في انتظار فجرٍ لا يلوح، ولطالما كان حالماً طال انتظاره.

وأصدرت وزارة الصحة بولاية الجزيرة قراراً بتاريخ (25/07/2023م) ممهوراً بتوقيع مدير عام الوزارة الدكتور أسامة عبدالرحمن أحمد الفكي، ينص على: (لا مانع لدينا من ترفيع مستشفى أبوعشر الريفي، إلى مستشفى تعليمي)، وذلك بعد (94) عاماً من إنشاء المشفى.

البعثة الطبية الصينية

وذاع صيت هذا المشفى العريق الذي تأسس في العام (1929م) وظل يقدم خدماته الطبية لأكثر من (150) بلدة ومدينة محيطة بمدينة أبوعشر، باستقبال البعثات الطبية الصينية منذ العام (1974) والتي تقدم مساعداتها الطبية لملايين المستفيدين من المرضى في المنطقة وبقية مدن السودان، حيث نجح المستشفى في إجراء أول عملية قلب مفتوح في العام (1976م) بواسطة فريق طبي صيني.

وبدأ مستشفى أبوعشر، خلال السنوات القليلة الماضية يستعيد عافيته شيئاً فشيئاً، بعد أن تمكن الكادر الطبي من إجراء العديد من العمليات الجراحية المعقدة مثل عملية استبدال كامل لمفصل المخروقة، واكتسب هذا الصرح زخماً كبيراً بفضل تواجد الفريق الطبي من جمهورية الصين، وبفضل تلك الجهود ارتفع عدد المترددين من المرضى إلى نحو (80 ألف – 100 ألف مريض) سنوياً خلال آخر الإحصائيات .

مبنى ذو طابع حداثي

تم تصميم المستشفى بطرازه القديم على قِرار مرافق الريف الإنجليزي لاختيار موقعه وسط الحقول والمزاع في البلدة، حيث تبلغ مساحته ما يزيد عن (10) آلاف متر مربع، وخلال السنوات الماضية استحدثت جمهورية الصين ممثلة في وزارة التجارة مبنى الإدارة والحوادث الجديد ذو الطابع الحديث.

يتوقع أن يؤدي ترفيع المستشفى إلى تقديم خدمات طبية إلى قرابة 100 ألف شخص سنويًا

العقل المدبر

دون أن تلتقط أنفاسها المنهكة، ودون أن تسمح لنفسها ولو بهدنة قصيرة، صارعت الدكتورة ومضة مصطفى الشيخ المدير العام للمستشفى، مختلف إدارة وزارة الصحة بولاية الجزيرة حتى تنتزع هذا القرار المستحق بتحويل المشفى العتيق إلى مستشفى تعليمي لينعم أهل المنطقة بجودة خدماته الطبية وتوفير الحد المناسب منها.

ولتحقيق أولى خطوات النجاح، ارتأت إدارة المستشفى أنه لابد من التماس المميزين من الاختصاصيين والاستشاريين والمحافظة على استمرار تواجدهم قدر الإمكان، واستنفار المواهب من الكوادر الطبية بعد أن كانت المستشفى مقفرة وغارقة في الظلام في وقت سابق.

تذليل العقبات والصعاب

استهلت خطواتها الأولى، وكابدت لسنوات وفي أحيان كثيرة شعرت بأن رأسها بات عشا للدبابير في الكثير من الأوقات العصيبة حتى تصل المستشفى إلى ما وصلت إليه اليوم، وسرعان ما بشر نشاطها ببزوغ نجمة في علم الإدارة، تقول الدكتورة ومضة مصطفى الشيخ المدير العام، إن واحدة من أكبر العوائق التي حالت دون تحويل المستشفى إن مستشفى تعليمي في السابق، هو عدم توفر الاختصاصيين السودانيين.

ومع المحافظة على استمرارهم في المستشفى لأطول فترة ممكنة وفي سبيل ذلك، تضيف الدكتورة ومضة “قدمنا كإدارة مستشفى العديد من الحوافز التشجيعية لاستمرار تواجد الاختصاصصين وعلى سبيل المثال فرضنا رسوم مقابلة للاختصاصيين بواقع (2.500) جنيه سوداني، يعود منها مبلغ (2000) للاختصاصي بينما يعود منها للمستشفى مبلغ (500) جنيه فقط.

توفير كافة المطلوبات

إضافة إلى ذلك، ظللنا نرفع إلى وزارة الصحة حاجة المستشفى للاختصاصيين باستمرار دون كلل أو ملل، حتى تكللت جهودنا بالنجاح وتمت الاستجابة إلى مطالبنا وبدأت الوزارة في توزيع “اختصاصيي الكشف الموحد”.

علاوة على ذلك، قمنا كإدارة مستشفى تتابع الدكتورة ومضة: برفع تقرير كامل عن المستشفى يحوي التردد الشهري والسنوي للمستفيدين من المرضى وحجم العمليات التي تجرى بواسطة الفريق الطبي من البعثة الصينية، وكذلك الأجهزة الطبية المتوفرة وجاهزية غرف العمليات والأجهزة الطبية التي تمت إضافتها أخيراً للمعمل “وبعد طول انتظار ووعود تحقق الحلم بفضل الله والحمد لله على ذلك”.

ومن متطلبات استفاء شروط ترفيع المستشفى إلى مستشفى تعليمي قمنا بتشغيل قسم الموجات الصوتية يومياً بعد أن كان يوماً واحداً في الأسبوع، إضافة إلى عامل مهم جداً حيث قمنا بتوفير عدد (4) أطباء للطوارئ مقيمين ويشمل ذلك أقسام (الباطنية – الأطفال – الجراحة والعظام – والنساء والتوليد) لمتابعة المرضى في العنابر بشكل دوري.

وحتى نسكمل مطلوبات التحويل إلى مستشفى تعليمي، تتابع الدكتورة ومضة قائلة: قمنا بتوفير جهاز لفحص هرمون الغدة، وهرمونات الخصوبة والسكر التراكمي، وتوفير خدمة فحص انزيم القلب، وفحص الدهون، وفحص وظائف الكبد، وفحص وظائف الكبد، وخدمة فحص الأيونات، وفحص مسببات الإجهاض عند النساء وغيرها من الخدمات.

خط الكهرباء الساخن

ومن ضمن مطلوبات استيفاء الشروط أيضاً استقرار التيار الكهربائي، تقول المدير العام للمستشفى قمنا بتوصيل أعمدة الإنارة من إحدى البلدات القريبة إلى داخل مشروع النيل الأزرق، كما قمنا بشراء كيبلات التوصيل وأجهزة بمليارات الجنيهات حتى نستطيع تشغيل الخط الساخن، ومن هنا أوجه صوت شكر خاص للمهندس بدران بشير لحضوره وإشرافه على التنفيذ، وصوت شكر مستحق أيضاً للمهندس الطيب السني لمخاطبته إدارة الكهرباء في الخرطوم للدعم وتشغيل الخط الساخن للمستشفى.

مزايا المستشفى التعليمي

ومن مزايا ترفيع مستشفى أبوعشر الريفي إلى مستشفى تعليمي، تضيف الدكتورة ومضة مصطفى الشيخ، أن حصة المستشفى من العلاج المجاني سوف تتضاعف وقد تصل إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف حصة المستشفى الريفي بالإضافة إلى توفير الكوادر الطبية بالمستشفى بشكل منتظم من طلاب كليات الطب وطلاب التمريض، وأطباء الامتياز، ونواب الاختصاصيين والاختصاصيين بمختلف تخصصاتهم على مدار (24) ساعة، ما يتيح فرصة استيعاب أكبر عدد من المستفيدين من المرضى لتلقي الخدمة بسهولة ويسر وجودة عالية.

ومن فوائد قرار ترفيع المستشفى إلى تعليمي أيضاً استمرار أعمال التدريب والعملية التعليمية للكوادر الطبية في ظل المستشفى التعليمي ما يعني مواكبة التطور العلمي والعملي في مجال الخدمات الطبية، بجانب توفير عدد (5) أجهزة مصنع أوكسجين، إضافة إلى توفير جهاز لفحص مرض الدرن وفيروس كورونا.

المدير الطبي للمستشفى الدكتورة زينب فضل الله، تقول: “مستشفى أبوعشر التعليمي هكذا ننطقها ونكتبها منذ نعومة أظافرنا لقناعتنا التامة بأنها أهل لذلك، وأنها تأسست منذ البداية على قِرار مستشفى تعليمي وإن صنفت في وقت سابق بالمشفى الريفي”.

تم وبحمد الله ترفيع المستشفى إلى تعليمي في الأيام القليلة الماضية تتابع الدكتورة زينب: ولذلك القرار تبعات خدمية كبيرة، فالمستشفى يقع في منتصف المسافة بين العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، وبذلك يخدم شريطاً لا يستهان به من البلدات والقرى المجاورة لمدينة أبوعشر، إضافة إلى كونه يقدم خدمة طبية مستمرة”.

وبفضل قرار الترفيع هذا تمضي الدكتورة زينب في شرحها قائلة: “سوف يتم توزيع عدد من الأخصائيين ونواب الأخصائيين وعمل وحدات داخل المستشفى على سبيل المثال وحدة الجراحة العامة والباطنية والأطفال والنساء والتوليد، وسوف يكون العمل على مدار الـ(24) ساعة بكامل طاقم العمل، وقد توفرت كافة الفحوصات المعملية والأشعة والموجات الصوتية.

وحدة عناية مركزة

هذا الترفيع من شأنه أن يخدم المستشفى بتوفير الأجهزة الطبية والكوادر الرفيعة من وزارة الصحة وسوف تقام وحدة عناية مركزة للحالات الحرجة بعد استيفاء معظم شروط ومتطلبات التحويل إلى مستشفى تعليمي، وتختتم حديثها: “وبحسب آخر تقرير لإدارة المستشفى فقد بلغ عدد المترددين من المرضى إلى المستشفى نحو (7) آلاف مستفيد خلال الشهر ما يعني وصول عدد المترددين في السنة ما بين (80 ألف – 100 ألف مريض).

وفي سبيل الإيفاء بجميع المتطلبات استقبلت المستشفى خلال الفترة الماضية بحسب المدير الطبي مجموعة من الاستشاريين في تخصصات نادرة ومعقدة مثل اختصاصي الباطنية، المخ والأعصاب، استشاري باطنية وزارعة الكلى، وجراحة التجميل والترميم، وهؤلاء تم استقبالهم قبل قرار الترفيع

بنك الثواب حاضراً:

أشرف برنامج بنك الثواب الشهير بقيادة الإعلامي عبدالله محمد الحسن، تضيف الدكتورة زينب فضل الله، على إجراء ما يزيد عن (100) عملية من عملية صغيرة إلى عملية معقدة داخل مستشفى أبوعشر ومعظم هؤلاء المرضى من الأسر رقيقة الحال.

الانتقال من مرحلة إلى أخرى

وفي الشأن ذاته، يرى الدكتور أحمد الأبوابي أن تحويل أي مستشفى من ريفي إلى مستشفى تعليمي يعتمد على حقيقة الإمكانيات المتوفرة في المستشفى المعني، “وهو ليس استبدال لافتة بلافتة أخرى، وإنما الانتقال من حالة إلى حالة أخرى عبر توفير المزيد من إمكانيات المستشفى”.

ويضيف المطلوب في مثل هذه الحالة التي يعتمد عليها التحويل إلى تعليمي الجانب التدريبي وعندما نقول تعليمي يعني أننا نقصد مستشفى تدريبي والتدريب هنا يشمل طلاب كليات الطب الذين يتبعون إلى إحدى الجامعات القريبة بحيث يتم توفير وتهيأة الظروف لتدريب الأطباء وتدريب الممرضين وكذلك يتم استيعاب لأطباء الامتياز بقدر ما، بالإضافة إلى توفير اختصاصيين واستشاريين مؤهلين للتدريب والتعليم بعدد كافٍ ومثال لذلك توفير أختصاصيين للنساء والتوليد وأطباء الطوارئ، وإذا اكتملت كل هذه المطلوبات والاشتراطات حينها يمكن أن نتحدث عن مستشفى تعليمي حقيقي”.

الطريق يصنعه المشي

ورغم أن قرار ترفيع مستشفى أبوعشر الريفي، إلى مستشفى تعليمي لم يوصل المستشفى إلى مرحلة الكمال، ولم يكن نهاية المطاف وربما يضاعف التحديات في المحافظة على توفير الخدمات الطبية مع المحافظة على جودتها، إلا أن إدارة المستشفى والفريق العامل يمتلكون من الإرادة ما يكفي، وعزماً لا يلين وكما قيل (أيها المسافر ليس هناك طريق.. الطريق يصنعه المشي).

[ad_2]

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى