السياسة السودانية

تأثير انقلاب النيجر على الوضع الأمني في دارفور

بعد نهاية عهد الرئيس النيجري المنتخب “بازوم” بانقلاب عسكري – على الأقل في الوقت الحالي – ستظهر حقبة جديدة من التداعيات على إفريقيا والمنطقة كلها .. وبالتأكيد فإن السودان عموماُ ودارفور خصوصاً ستتأثر بهذه التغيرات.

لا توجد حدود مباشرة بين السودان الغربي مع النيجر، لكن حدود السودان عبر دارفور مع تشاد تدخل المنطقة في حالة تداخل متواصل، وأنت تتجول في شوارع المدن النيجرية لا تختلف سحنات السكان عن سكان السودان ومناطق إقليم دارفور، بل يوجد الامتداد القبلي والتجارة والزواج وغيرها من التواصل المجتمعي.

بعد حدوث انقلاب النيجر وتكوين سلطة عسكرية، لم يتضح البرنامج تماماُ للمجتمع الدولي، وإن كانت المؤشرات تدل على أنه صراع “روسي – فرنسي” جديد في المنطقة، بعد الذي حدث في مالي وبوركينا فاسو، إذن وحتى هذه اللحظة لم تظهر معالم أخرى في التغيير كالذي يتم الحديث عنه في شبكات التواصل الاجتماعي في السودان بأنه نهاية حقبة عرب النيجر “القصيرة” وعودة الحكم من جديد للعنصر الزنجي، والذي كان مستمراً منذ استقلال النيجر.

ورغم أن إغلاق الحدود يعتبر إجراء روتيني في معظم الدول التي تحدث فيها انقلابات أو تفلتات أمنية، إلا أن إغلاق الحدود في الدول الإفريقية يعد حبراً على ورق فقط، فما أسهل التنقل عبر “الحدود المغلقة” بين كل الدول الإفريقية، وذلك لطول الحدود من ناحية، ولضعف التأمين من ناحية أخرى؛ لضعف موارد الدول الإفريقية.

فإن كانت هنالك احتمالات لتحركات عسكرية ذهاباً أو إياباً بين السودان والنيجر فهي ستكون عبر دارفور، والراجح بأنه فعلاً ستكون هذه التحركات “ذهاباً وإيابا”، فذهاباً من السودان سيشمل ذلك بعض المقاتلين في صفوف قوات الدعم السريع، الذي يئسوا من تحقيق انتصارات “مكتملة” وتحقيق حلم قيادتهم بالسيطرة على السودان ومن ثم على عموم إفريقيا، فقط سقطت الحاضنة “العنصرية”، وسيكون هم العائدين ضمان أمن أسرهم، وهنالك احتمال ضعيف لعودة مقاتلين بنية الحرب واستعادة حكم الرئيس المخلوع “بازوم” بالقوة، وذلك خوفاً من تعرض الأقلية العربية في النيجر للاضطهاد لاحقاً. وأما إياباً أو من النيجر إلى السودان فقط تخاف عشيرة الرئيس المعزول وما تبقى من مليشيات منظمة ذات أصول عربية من أن يتم سحقها – ولو لاحقاً – فتقرر الانتقال للسودان وانتظار المصير غير المعروف مع من سبقوهم وزج بهم في حرب الجيش السوداني والدعم السريع. وكما ذكرت هذه الحركة والانتقالات ستكون عبر دارفور والحدود الهشة مع الجارة تشاد.

هل يمكن أن يبقى بعض الذاهبين أو العائدين من النيجر في دارفور ولا يواصلون رحلتهم من وإلى الخرطوم؟ نعم يمكن أن يحدث ذلك، فمناطق الصراع تشمل دارفور وخصوصاً ولاية غرب دارفور حيث يسيطر الدعم السريع حالياً على معظم المدن.

إن الوضع الأمني في دارفور – من غير انقلاب النيجر – يعتبر في حالة هشة وحالة مقلقة جداً، فمع سيطرة القوات المسلحة على معظم مناطق الإقليم، وسيطرة الدعم السريع على بعض المدن، ووجود حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقيات السلام وغير الموقعة في بعض المناطق، ومع الُهدن المعلنة وغير المعلنة بين بعض المكونات، تبقى خطورة التصاعد والانفجار حاضرة في معظم الأوقات.

إذن سنكون في حالة ترقب للحالة السياسية والأمنية في النيجر، ومع كل تطور جديد سيكون هنالك تطور أحدث في السودان ودارفور خصوصاً، فإن رعشة في أحد أصابع القارة الإفريقية يتأثر بها جسد إفريقيا العظيم كله.

كتب: عيسى الطاهر (الفاشراوي)


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى