السياسة السودانية

هشام الشواني: لكي نتجنب الأخطاء السابقة

[ad_1]

تاريخ السودان السياسي من ناحية هو تاريخ الصراع السياسي على السودان من الخارج، وفي حقيقة الأمر ومنذ بداية دخول السودان للعصر الحديث في العام ١٨٢١ مع غزو محمد علي باشا؛ ظل السودان يخضع لمؤثرات التدخل الخارجي ورياحه بأكثر من دوافع السياسة الداخلية والمحلية، وخلال قرنين من الزمان وقد مرت مئتا عام منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ظل التدخل الخارجي هو العامل الأكثر تأثيرا.

لم تمض السنوات خصوصاً عقود ما بعد الاستقلال بدون نضال وكفاح حقيقي من أجل أن يكون الفعل السياسي والقرار السياسي للدولة نابعا من داخلها، نضال يحمل هموم المشروع الوطني وقضاياه الملحة للتنمية والوحدة والتعليم والصحة وغيرها. ولقد عصفت بأفريقيا رياح التغيير منذ بداية عهد ما بعد نيل الاستقلال. لم يكن السودان استثناء، فقد مرت به نزعات الوطنية والليبرالية والاشتراكية والإسلامية والتوجهات الإقليمية والإثنية ولا يزال السودان لم يستشرف بعد طريقه نحو المستقبل.

إن الحرب القائمة اليوم ضد التمرد هي جزء من تاريخ النضال الوطني، وهي محطة مهمة وقد بلغت فيها المُهددات قمتها بأكثر من أي وقت مضى، وجاءت في زمن لم تعد أفريقيا من حولنا هي أفريقيا القديمة، أفريقيا اليوم في غالبها هي تجمع لأنظمة التبعية والسمسرة والفساد، وأنظمة (الكمبرادورات) والمُنظمات الغربية والنخبة الأكثر استعبادا للغرب. ومنظمة الاتحاد الأفريقي اليوم والتي كنا من المؤسسين لفكرتها وقت أن كانت فكرة جنينية أولية، ثم كان اجتماع أديس أبابا وتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، هذه المنظمة اليوم هي شيء مغاير لبدايات فكرتها القائمة على الوحدة والتعاون والتحرر من الاستعمار. أفريقيا اليوم مختلفة تماما وقد صارت أنظمتها وحكامها ونخبتها جزء من أدوات الاستعمار والتدخل الخارجي حيث تستطيع حقائب المال عن طريق الوسطاء لأن تصنع كل موقف، إنها دول سياسات إفقار الشعوب، وقيام عواصم ومدن التفاوتات الطبقية الحادة حيث اللاعدالة واللامساواة وأحياء الصفيح.

لقد قرأت بيان احتماع وزراء خارجية الآلية الرباعية المكونة من (كينيا وأثيوبيا وجيبوتي وجنوب السودان) بيان به عدة نقاط لكنني توقفت عند نقطة مهمة في الفقرة السادسة، حين تُصرح كينيا بأنها مُستعدة لاستضافة عملية سياسية تقود للسلام والتحول الديمقراطي والحكم المدني في منتصف يوليو المقبل أو بداية أغسطس، وكينيا هذه في قلب أفريقيا المُستعبدة والتابعة للغرب ولمن يدفع الأموال.

ولكن يقظة السودانيين الوطنية ووعيهم لما تسببه العبارات السابقة من كوارث حين تُقال من الأجانب، إن عبارات التحول الديمقراطي والحكم المدني مجرد لغة براقة جاءت بالحرب والدمار والخراب وصنعت اتفاق إطاري يهدد البلاد ووجودها. هذه اللغة يجب أن تكون ناتجة عن مضمون وطني سوداني حقيقي وليست مجرد مفاهيم فارغة تقال للتضليل والكذب وتغليف التدخل الأجنبي.

* إن الكرامة الوطنية اليوم تقتضي مبادئ وثوابت يحب أن نضعها محل توافق عام وألا نكرر الأخطاء السابقة، لابد من الآتي:
١- الحلول السياسية يجب أن تكون حلول سياسية سودانية بلا تدخل خارجي.
٢- الانحياز هو لبقاء الدولة وإنهاء التمرد، فلا مكان للحياد.
٣- التركيز يكون على ثوابت في الأمن القومي لا يجب المساس بها، ومن ضمنها الجيش الوطني المهني الواحد وهو القوات المسلحة السودانية، مع مسار وطني للإصلاح والتقويم والتطور.
٤- التوافق السياسي أصبح واجبا تقتضيه المسؤولية الوطنية.
٥- لا عودة لمنطق ولغة وسياسة ما قبل الحرب، فتلك الذهنية هي التي تسببت في الحرب أصلاً، فلا مكان للإقصاء والعنف ولا فرصة للعمالة والحلول الأجنبية. يجب أن نفكر في السودان اليوم بعقلية وطنية وروح أكثر قربا من ثقافة الحوار والتفاهم والتسامح والمسؤولية.

* على كينيا وعلى مبادرة إيقاد أن تعلم ذلك جيدا، فدور كينيا تحديدا سلبي جدا تجاه السودان، ومن المؤكد كما تحدثت تقارير ذات موثوقية عالية عن تعامل مالي وفساد رئيس كينيا ومجموعته وعلاقته المشبوهة بقائد المليشيا محمد حمدان حميدتي.

* يجب أن تأخذ الإرادة الوطنية زمام المبادرة، ويجب أن يتحرك الوطنيون مجتمعين وموحدين بما يتجاوز ضيق الانتماءات الحزبية والايدبوجية والاقليمية، نحو موقف سياسي وطني يدعم تحقيق النصر والوصول للأهداف الوطنية بكافة وسائل العمل السياسي.

* الطريق نحو التحول الديمقراطي والحكم المدني والسلام وإنهاء التمرد يجب أن يتم على أساس وطني وإرادة سودانية خالصة. فلا مجال للكذب والتضليل بمصطلحات الديمقراطية والحكم المدني مرة أخرى.

* لا تستعجب عزيزي القارئ حين ترى أن من سخريات القدر أن يطلق التمرد العائلي الأسري القائم على رابطة الدم على حربه اسم حرب الديمقراطية!! والسبب هو أن العقل الذي يفكر للتمرد وللحلول السياسية الخارجية ولحامليها المحليين هو عقل واحد، مركزه في الخارج ويظهر اليوم مع اللوبي المقيم في كينيا ونظامها جزء أصيل منه.

هشام الشواني

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى