السياسة السودانية

القصبي.. بين سندان التجارة الدولية ومطرقة المصافحة الإسرائيلية!!

[ad_1]

بقلم: حاتم السر المحامي

اتصل بي صديق قديم دبلوماسي واعلامي فلسطيني مشهور ويقيم في بريطانيا وناقش معي بحكم خلفيتي السابقة وزيرا للتجارة في السودان وبحكم معرفتي بمعالي الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة السعودي ما جري نشره على نطاق واسع لمقطع فيديو يصور وزير الاقتصاد الاسرائيلي وهو يصافح وزير التجارة السعودي في لقطة لا يتعدى مداها الزمني ثوان معدودة تم تصويرها قبل الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية.

ولعل صديقي قد حفزني بسؤاله للكتابة والاسترسال في تناول هذا الموضوع والذي حدث اثناء انعقاد المؤتمر الوزراي لمنظمة التجارة العالمية (WTO) الذي يعتبر السلطة العليا لاتخاذ القرارات في مجال تنظيم وتسهيل التجارة العالمية وينعقد بانتظام مرة كل عامين وذلك منذ 1996حيث انعقد المؤتمر الوزاري الاول (التاسيسي) في سنغافورة. واليوم تستضيف العاصمة الاماراتية مدينة ابوظبي الجميلة فعاليات الموتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية بحضور ومشاركة وزراء التجارة وكبار المسؤولين و 175 وفداً من أعضاء المنظمة يمثلون أكثر من (160) دولة من جميع أنحاء العالم.

د.ماجد القصبي وزير التجارة السعودي

معروف ان معالي الوزير القصبي الي جانب أنه وزيرا للتجارة في المملكة العربية السعودية فهو رئيس مجلس وزراء التجارة العرب الذي ينعقد دائما علي هامش هذا المحفل العالمي الحاشد .في وسط هذا الكم الهائل والجمع الغفير والحشد الضخم من المشاركين والضيوف المتجمهرين في البهو انتظارا لانطلاق الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوزاري للمنظمة وبينما كان وزير التجارة السعودي الدكتور ماجد القصبي منشغلا بالحديث مع أحد نظرائه من الوزراء الافارقة أتي شخص ماداً يده للسلام علي القصبي ومن الطبيعي ان يقوم الوزير السعودي برد التحية بصرف النظر عن شخصية الذي طلب المصافحة لاننا مأمورين برد التحية : (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا) ولكن يبدو ان جهة ما من الجانب الاسرائيلي كانت تقف متأهبة ومترصدة لتصوير اللقطة العابرة في مقطع فيديو ومن ثم القيام بتوزيعه وتسميته بأنه لقاء بين الوزيرين ،ولاننا شعب يحب الاثارة ويعشق المؤامرة ودائمًا يحلو له الجزء الخفي من أي موضوع لذلك انشغل الناس بالصورة وتركوا الأصل انشغلوا بالمصافحة وهي امر عادي وطبيعي في مثل هذه المناسبات واهملوا متابعة قرارات الملتقي الوزاري العالمي المهمة.!!

تباينت ردود الأفعال ادانة ورفضا وتحفظا وتأييدا وتشجيعا وتوضيحا حيال المشهد الذي روجت له بعض وسائل الاعلام لمصافحة عابرة لوزير الاقتصاد الإسرائيلي مع وزير التجارة السعودي واختلفت الرؤي وتباينت التقييمات للحدث وأتت المواقف من المصافحة مختلفة وفقا وتبعا لخلفيات ومنطلقات وزوايا النظر لكل جهة.

وبحكم معرفتي المتواضعة بمعالي الوزير الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي حيث جمعتنا سوياً ولسنوات جلسات مجلس وزراء التجارة العرب الذي يرأسه القصيبي نظراً لأن الرئاسة مخصصة للسعودية بحكم ثقلها ووزنها واحتراما لدورها ،كما تزاملنا كوزراء تجارة نظراء، وتبادلنا الزيارات الوزارية، وأيضاً سافرنا سوياً في رحلة طويلة ممتدة الي بوينس إيرس عاصمة الارجنتين لحضور الاجتماع الوزاري الحادي عشر لمنظمة التجارة العالمية، قلت لصديقي العربي الغاضب ان الذين هاجموا وانتقدوا المشهد لقد اختاروا الشخص الخطأ وأستطيع أن أشهد بما أعلم والشهادة لله لا يجوز تحريفها ولا كتمانها،( ومن يكتمها فانه آثم قلبه) فالقصبي لمن يعرفه فهو شجاع في مواقفه، واضح في أفكاره، مُتقنٌ لعمله، لطيفٌ في تَعامُله، قَويٌّ في قيادته. وبالرغم من كل الألقاب التي يحملها فهو انسان بسيط ومتواضع. وطال ما أن الشئ لا يستغرب من معدنه فلا غرو ولا استعجاب فكل الأوساط والخلفيات الأسرية والمهنية التي ينتمي اليها القصبي تؤهله الي أن يكون بهذه المواصفات المذكورة. فمعروف عن القصبي أنه الوزير السعودي والسياسي المخضرم ذو التوجهات العربية والقومية والذي يحمل ميراثا سياسيا سعوديا خالصا وثابتا منذ عهد الملك عبدالعريز بن سعود الي يومنا هذا وطوال مسيرته السياسية لازمته سمة أساسية وهي الوقوف الي جانب قضية الشعب الفلسطيني العادلة وغيرها من قضايا مناطق النزاعات والحروب في العالم وقد عرف بارتباطه واهتمامه بالقضية الفلسطينية وإعطائها جزء من وقته وتقديمها للعالم باعتبارها قضية عادلة مطالبا بحق الشعب الفلسطيني في ان يكون له وطنا. نصحت صديقي قائلا له ولمن لا يعرف القصبي أن الرجل صاحب سجل حافل وممتلئ بمواقفه القوية المعارضة لسياسات إسرائيل ضد الفلسطينيين.

بعيدا عن المزايدات ونظرية المؤامرة ندعو كل من أساء الظن أو استعجل الحكم الي عدم التوسع في تفسير ما جري بعيدا عن السياق، لأن أخذ المشهد وتفسيره خارج سياقه أدي الي الوقوع في الخطأ وسوء الفهم لهذا الحدث العارض. ومعروف أن السياق له أهمية كبري في سلامة الاستدلال وتحديد المطلوب من الخبر، ومن القواعد المهمة عند الأصوليين وعند علماء اللغة العربية ان معرفة السياق هي من طرق استقراء المعاني والدلالات. وبالطبع هناك فرق كبير بين ان تنضم الي شخص إسرائيلي وتصافحه وتلتقط معه صورة بعلمك ورضاك، وبين ان تظهر في صورة ملتقطة في مناسبة عامة وبدون علمك وبدون استئذانك. هذه هي حقيقة الصورة مجردة من أي رتوش للقطة تمت في محفل عالمي يعج بوفود لأكثر من 160 دولة من دول العالم لا يعرف الجار جاره في مثل هذه الملتقيات الضخمة والكبيرة.

ندعو الذين سارعوا بانتقاد المصافحة وادانتها الي عدم التوهم بان القصبي سوف يقوم بتغيير مواقفه تجاه السياسية الإسرائيلية بمجرد هذه المصافحة العابرة والماكرة.وعليهم أيضًا ان يدركوا بان بلاده السعودية لن تقدم أعز ما تملكه من مواقف في طبق من ذهب لإسرائيل وبدون مقابل ،فقد أعلنت السعودية وكررت مرارا وتكرارا شروطها المحددة للتطبيع ،وأكدت انها لن تعترف بإسرائيل قبل اعتراف إسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة.

موقف المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية واضح ومشرف ،ولا تؤثر فيه مثل هذه الحملة المسعورة ،التي قامت بها جهات يحركها الغرض والمرض.الموقف السعودي من القضية الفلسطينية من الثبات والقوة والوضوح، بحيث لا تزعزعه ولا تقلقه مثل هذه الظواهر العارضة، وهو موقف راسخ منذ عهد الملك عبدالعزيز الي يومنا هذا.وسوف يبقي سدنة الكعبة المشرفة وحراس البيت الحرام هم حراس المسجد الاقصي الشريف.

موقف السعودية من القضية الفلسطينية لا يرقي اليه الشك فالسعودية التي أعلنت على لسان ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود انه لا علاقات ولا تطبيع مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967وعاصمتها القدس الشرقية؛

والسعودية التي طالبت على لسان وزير خارجيتها بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ودعت الي انسحاب كافة افراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة؛

والسعودية التي جاء على لسان سفيرها لدي هولندا مخاطبا محكمة العدل الدولية بلاهاي بضرورة تصنيف حرب إسرائيل على غزة بالإبادة الجماعية؛

والسعودية التي قالت سفيرتها لدي واشنطن امام منتدى دافوس ان الشعب الفلسطيني يستحق دولة ذات سيادة ولا تطبيع مع إسرائيل بدونه؛

السعودية التي كانت من أكثر الدول وضوحا في موقفها من التطبيع مع إسرائيل عندما أعلنت انه في ظل العنف واستمرار القتل لا يمكن ان نتحدث عن تطبيع.دولة بمثل هذه المواقف المذكورة أعلاه لا يمكن ان تخون القضية الفلسطينية ولا يمكن ان تسمح ببيع الدم الفلسطيني.

 وزير التجارة السوداني السابق

[ad_2]

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى