السياسة السودانية

الخرطوم مثال التعايش بكل ابعاده

[ad_1]

والخرطوم (المُغَسَّلَة بطهور مويتين) على قول الشريف زين العابدين الهندي ماكانت لتأبه لتنبؤات الفرنسي (نوستراداموس) الأجنبي ولكنها في( سودانوية) خالصة تستجيب لفراسة الشيخ (فرح ود تكتوك) حفيد (محمد جديد أبطح) ،، تمددت حتى سوبا و (عجوبا ) تريد لها خراباً كسابقها وتحلم أن تسكنها القطط (السمان منها في الزمن الأعجف ) ،،،تحترق ؟ نعم ،، اشتعلت بقدح زناد الحالمين ،، بعقول العصافير في الأجسام الكبيرة ..ولم يراوح محله رغم أن المطر قد نزل في (عز الحريق) …

من حرق واعتدى وافتض عذرية عفاف الخرطوم ماعرف لها طعم ولا لون ولا رائحة ،، لون سمائها ورائحة (الطين في جروفنا ) وطعم الشراب العذب من (سليل الفراديس )..
وماشرب أسلافه من بئر (الحاج يوسف دهاشة ) تجاوره الخلوة بشرق النيل، ، ولا استراح تحت ظل (النيمة ) في (الحليلة شوحطت) سابقا و(شمبات ) لاحقا،، ولا انتظم في سلك (جيش) الشيخ إدريس ود الأرباب وخليفته (المقابلي) ،، وود ام مريوم والشيخ خوجلي ابو الجاز والسيد المحجوب،، وماسمع (كركرة) السبحة (الألفية ) إذا جَنّ الليل في جوف غار الشيخ أحمد الطيب ود البشير في جبل (أم مرحي) على نشيد الشيخ المكاوي في رائعته (ياليلى ليلك جنّ) :
أم مرحي فوق جبلنا
أصلو الإكسير معدنّا
الشرب بالكوب والدنّا
وكل الغِشاهو تهنّا
ولم تسعفه الذاكرة في استدعاء أيام الطفولة بين ازقة وحواري(واوسي) والزبير باشا رحمة ود منصور مازال يافعا بين الخلوة والكُتّاب لم يتهيأ بعد لمغامرات جنوب خط الاستواء بين ملوك الزاندي والنوير والمكركا..ولم يكن (عاج ) الفيل حلما ولا(ظله) ،، ولم تكن (بت مسيمس ) قد تلمست بعد خُطاها في طريق تخليد الملك القادم الذي أسقط ممالكا وسلطنات وفتح حدودا مغلقة وأسوار عالية وقضي بقية حياته في جبل طارق منفيا عن أهله ووطنه، ، تماما كالأزهري إسماعيل الذي جلب لوطنه الحرية وقضى ماتتبقى من حياته(في السجن حبيسا )..
ومن أراد للخرطوم أن تبيد وتفنى ما قرع أذنه صوت الشريف زين العابدين في ملحمته:
أنت كبيرة أكبر من صغارة العسكر
وانتِ عظيمة مابذِلِّك سلاح البِقهَر
وانتِ عزيمة لا بتلين ولا بتتكَسّر
وانتِ أنوف أشَم من بِيلا مابتتعَفَّر ..
إن من قتل وارتزق وباع وقبض ، لم يشعر بآلام (بنونة بنت المك نمر ) وشقيقها(عمارة ) مصاب بالجدري لايقدر على (الكِتال) ضد الدفتردار فيموت على سريره وينفث الرماد على جسده خوف العدوى ،، وهي لم ترد له الموت (اب رمادا شح ) ولكنها كانت تعده ليوم يتوشح فيه بالدماء، فلا نامت أعين الجبناء..و(مهيرة بنت عبود) ودورها في (كورتي)
ولم ينظر إلى الرجلين الوارمتين عند(رابحة بنت علي ) حفيدة شيوخ العريفاب من كنانة وهي تقطع الفيافي بالليل والنهار من لدن فشودة إلى(جبل قدير) لتخبر الإمام المهدي أن الملأ الغازي يأتمرون به وبجيشه ،، فكانت عينا للوطن لا عليه ..
ولا عرف( بنت المكاوي) ، والشريفة(مريم الميرغنية ) التي ملأت الشرق قرآناً وبنيانا..و(ملكة الدار محمد عبدالله ) التي سبقت الرجال في الرواية ،، وغيرها وقبلها وبعد كثيرات ..
لا يحرق ويختطف فلذات الأكباد من تذوق (العبّادي ) و محمد بشير عتيق وأبو صلاح (القلبو انقسم نُصين ) وود الرضي الذي صاح ونادى(سنة الإسلام السلام ) وسيد عبد العزيز وعبيد عبدالرحمن وود البنّا وحدباي و خليل أفندي فرح و (عزة ) تسكنه كما سكنت قلوب رفاقه في ( دار فوز ) تلك الدار التي كانت تهوى إليها قلوب المثقفين والادباء في ذاك الوقت وعدها خالنا وعمنا دكتور النور حمد في (مهارب المبدعين ) ، و بالمحجوب المهندس والمحامي ينفث دخان (كدوسه ) يغني (لسنكات) عاصمة الصيف المنسية، ، وللفردوس المفقود وهو ابن بحر ابيض والدويم التي ملأت العقول ببخت الرضا ، والحقول بالقطن والخضار والثمار …
لا يعلم للوطن قيمة من لم تأسره ألحان(كرومة ) وتسجيلات (ديمتري البازار ) ومن لم يخترق دواخله صوت الكروان (بادي محمد الطيب ) وهو يصيح وسط الأغنيات طربا كصوفي معذب على قول (الفيتوري ) ويطربك حد الطرب عندما يغني لصالح عبد السيد (ابو صلاح ) رائعته التي أدهشت عميد الأدب العربي (طه حسين ) :
جافي المنام لاسعني حَي
أم زاد غرام ضاوي المُحَي
قالب الدِرِع يقدِل ضُحَي
طال جيدو فاق ظَبي السٌّحَي
قال لي تطوف بي كُلِّ حَي
كيف تبقى عاشِق وانت حَي
ومن لم يطرب لأولاد شمبات وأولاد الموردة و خضر بشير والنور الجيلاني والكاشف وسرور وخوجلي عثمان وعثمان حسين وعثمان مصطفي وابن البادية وإبراهيم عوض وثنائي العاصمة وثنائي الجزيرة، والتاج مكي وسيدي دوشكا والنعام آدم ومحمد كرم الله والعاقب محمد حسن ، صديق متولي عمر احساس، ومحمد الأمين ووردي والاكتوبريات ،، وابوعركي ووجعه على (عفاف الصادق حمد النيل ) سنده وعضده، ، ودكتور عبدالقادر سالم الذي شاقه (ليمون بارا) و(مكتول ) الهوى في كردفان الصمغ الذي نسبوه للعرب وهو سوداني أصيل والهشاب والدونكي وتوشكي و (السُنجُكاية ) قريته الهادئة الوادعة بين الجبال والرمال..
البلد الذي نحب ، هو الذي جعل حب سيد المرسلين في القلب ينفعل ويشتعل،.وجعل شعر أمداحه (خبزا ساخنا وثمراً على الأشجار ) على قول (نزار قباني ) ، بأمداح حاج الدقوني، ، حاج العاقب ، علي ود حليب ، صالح الأمين وابنه صالح ، حاج الماحي ، و(باشة المداح) احمد ود سعد ، وقدوره ،، وود عبد الملك ، وداب كساوي ، و ود يونس في أبي حراز بقبابها المائة ، والشيخ المكاشفي ، والشيخ عبدالمحمود نور الدائم الشيخ قريب الله أبو صالح ، والشيخ حياتي حاج حمد العربي والشريف يوسف الهندي ،والصابونابي وبرعي الزريبة الذي (شرب الكأس مصطلِما ) والشيخ محمد عثمان عبده البرهاني ، ومعهم المادحون (نُقًار ) الطار بإيقاعات ( المربع ) و (المعشر) و (الدقلاشي ) و (المخبوت) و(الحربي) في الكاسنجر والكباشي وقوز بدر ومسيد الصائم ديمة والشيخ برير ود الحسين والتجانية في نيالا والجنينة ، وأصوات علي الشاعر والأمين القرشي وعبدالله الحبر وعلي المبارك وأولاد حاج الماحي وأولاد الكباشي، والخليفة الباترا وعبدالناصر المصباح وغيرهم في الزوايا والتكايا …
يحب الوطن من تحلّق وتعلّق بالخلاوي وجمل صوته وحياته بالقرآن في أم ضوا بان، وود حسونه ، همشكوريب ، ود الفادني الشيخ طه الأبيض، الشكينيبة ، كدباس، خلاوي الغبش، طابت الشيخ عبدالمحمود ، طيبة الشيخ عبدالباقي، مسجد السيد الحسن في كسلا ، خلاوي الأشراف في سنكات وفي ( وقر) ، وخلاوي المجاذيب في أركويت والدامر وخلاوي الشيخ أبو عزه وغيرها الكثير ..

من يعشق الوطن لا يقتل..

لا يقتل من عشق الأدب في حضرة الطيب صالح وظل الشجرة في (كرمكول) ومصطفى سعيد الغامض وجين موريس وآن همند ومحجوب ، وبت مجذوب وود الريس ، والزين (المكتول في حوش العمدة ) .
لا يحرق وينهب كن قلب دفاتر الطيب سند ، وابداع سيف الدين الدسوقي ، والمجذوب ومحمد عبد الحي ، كجراي، ابو آمنه حامد ، عمر الدوش ، فضل الله محمد …هاشم صديق ، ازهري محمد علي ، محي الدين الفاتح ، حميد ، حدباي ، الصادق الياس
ومن اكتحلت عيناه بلوحات إبراهيم الصَلَحي ، راشد دياب ، كمالا إبراهيم إسحق،
ومن تجول مع (حسن نجيلة ) في ذكريات بادية الكبابيش ، ومع محمد سعيد العباسي ، ومن قرأ جغرافيا الصف الرابع متجولا من القولد إلى يامبيو ، ومن ريرة إلى بابنوسة، ، ..
لا يحرق وينهب ويهدم من استمتع بروائع إبراهيم أحمد عبدالكريم في (نسائم الليل ) و (أيام لها إيقاع ) في حضرة حسين خوجلي ، و(صور شعبية ) للطيب محمد الطيب، وعالم السنما مساء الخميس ، ومع محمد عبدالله الريح في (الصيد والطبيعة ) ومع عثمان مكي (في عالم الرياضة ) الذي يأذن وقته بدخول موعد وجبة الغداء في كل بيت سوداني ،
لا ينهب ويقتل من جلس في (دكان ود البصير ) مع عبد المطلب الفحل ، واستمتع بجمال لغة الضاد بصوت (فراج الطيب ) وتفسير البروف عبدالله الطيب المجذوب للقرآن الكريم بلغة الناس والتلاوة العذبة بصوت صديق احمد حمدون ،
لايقتل من ذاب ولها في عشق الهلال، وحب المريخ وابداعات الموردة زمان عزالدين الصبابي ومغربي وبريش ، وأيام السوكرتا ، والاهلي والاتحاد مدني …والميرغني كسلا ، وبري ، وتوتي وكوبر ْ والعصمة الكاملين، وصوت الرشيد بدوي عبيد (هو والقون ) وعبدالرحمن عبدالرسول محللا للمباريات وفي ختام النقل يذاع دخل المباراة ..
لايقتل ويحرق و يغتصب من طربت أذنه لشعر البادية في البطانه أم هبج من لدن (حسان الحرّك) اول من قال المسادير ، مرورا بود الشلهمه والصادق حمد الحلال (ودآمنه ) وشغبة المرغومابية، عوض الكريم ابوسن، الحاردلو ، ود البنا ، ود شوراني، والمحلق(صاحب تاجوج ) وود الفراش ، وعكير الدامر ، وشعراء بادية كردفان وبني جرار والكبابيش وغيرهم في بلادنا …
هذه البلاد عزيزة ، وأهلها كرام ، لها تأريخ وقيم وامجاد، ذكريات ، وتراث ، ايام ودهور، انتصارات وانكسارات ، أفراح واتراح، أرض وطين ونيل وجروف ْ شعر وأدب وموسيقى وإيقاع وطار ونوبة، وطنبور، صوت ساقية وخرير جداول ، شهداء وجرحي ومفقودين، ماء ودماء ، ظلال وثمار، غيم وأمطار، وديوان مفتوح وجبين مطروح وبليلة مباشر ، ماذ وغذا ء وخضرة ووجه حسن ، قصص واعاجيب ، أغاني وأحاجي، روضة ومدرسة وجامعة وخلوة ومقهى ومطعم ،، قباب وذكر، حصاد وتمر ونخيل وذرة..
لها محبة لن تمحوها الايام القاسية ولا أصوات المدافع ووقع القنابل والسنابك، ولا الهجرة في الداخل والخارج ولا معافسة الرزق والبحث عن الأمان في بلاد أخري ..
الوطن الذي نحب يستحق البقاء..
# حفظ الله السودان وأهله

*lمتداول

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى