السياسة السودانية

الطاهر ساتي يكتب: قضية الساعة..!!

:: إلى وقت قريب، كانت السلع الرائجة في سوق السياسة هي ذم الفلول ومدح ثورة ديسمبر المجيدة، ويبدو أن هذه السلعة قد (كسدت)، ولم يعد لها زبائن، بل حتى القطيع لم يعد تواقاً لها ولا ذواقاً.. فالسلع الرائجة في السوق حالياً هي المطالبة بدمج الدعم السريع، وتصبح ذات قيمة عالية عندما يتم عرضها في بيوت الأعراس بنهر النيل..!!

:: وكما تتابعون، قبل أسبوع، من منصة أعراس الزاكياب بنهر النيل، طالب رئيس السيادي عبد الفتاح البرهان بدمج الدعم السريع في الجيش، ثم وضع الدمج شرطاً للمضي في دعم الاتفاق الإطاري.. وبعد البرهان مباشرة، من منصة أعراس ود حامد بنهر النيل، طالب عضو المجلس السيادي ياسر العطا بدمج الدعم السريع في الجيش..!!

:: لو تم حل المجلسين السيادي والوزراء، لذهب بنا الظن بأنهم اختاروا منصات أعراس نهر النيل بديلاً مناسباً للمجلسين المحلولين، بحيث تناقش عليها كل قضايا البلاد بما فيها العسكرية، ولكن حتى الآن لم يتم حل هذين المجلسين الموقرين، ولذلك يبقى اتخاذ البرهان والعطا لمنصات أعراس نهر النيل مكاناً لطرح هذه القضية الحساسة سراً بينهما وعرسان تلك الديار..!!

:: هل تم تنفيذ الإطاري لحد الوصول إلى بند الترتيبات الأمنية، ورفض حميدتي تنفيذ بند الدمج؟، (لا).. هل السودان محكوم بدستور المحامين، بحيث أصدر البرهان قراراً بتشكيل لجان فنية لدمج الدعم السريع في الجيش، ورفض حميدتي الاعتراف باللجان؟، (لا).. هل ظهر على سطح الأحدث أي مؤشر – قولاً كان أو فعلاً – لرفض حميدتي دمج الدعم السريع؟، (لا).. إن كان ذلك كذلك، (الجوطة في شنو؟)..!!

:: وبالمناسبة، قبل ثلاثة أيام من خطابه بنهر النيل، قال العطا – في تلفزيون السودان – بالنص: (الخلاف بين البرهان وحميدتي، وليس بين القوتين، وسببه اختلاف في الرؤى السياسية، إذ يرى حميدتي تشكيل الحكومة بأي قوى محدودة، لكن الجيش يتمسك بحكومة ذات قاعدة عريضة، لأن تشكيل حكومة ضعيفة سيكون مهدداً للأمن القومي)، هكذا كان العطا واضحاً في الإشارة إلى القضية الجوهرية..!!

:: قضية الساعة التي يتهربون منها، ليست هي العلاقة بين الجيش والدعم السريع، بل هي العلاقة بين الرئيس ونائبه بسبب الإطاري.. كلاهما وقّع على هذا الاتفاق، ليحكما – بالشراكة مع أحزاب فولكر الثلاثة – بمعزل عن الأحزاب الأخرى، بما فيها بعض قوى الثورة والتغيير والكفاح المسلح.. نعم، وقعا مع النشطاء ليحكموا بالاتفاق الإقصائي، ولكن يأتي الجيش بما لا يشتهي الموقعون، مع الاعتذار لبيت الشعر الشهير..!!

:: القضية واضحة كالشمس في كبد السماء.. فالجيش لن يقبل بحكومة قاعدتها ضعيفة ومهددة للأمن القومي، أو كما قال العطا في خطاب الوضوح بالتلفزيون، وكذلك الجيش لن يحمي دستوراً ناقصاً صاغه (10 أنفار)، أو كما قال كباشي في الخطاب الأكثر وضوحاً باالدلنج، ويبدو أن البرهان استوعب موقف الجيش ويعمل على معالجة الخطأ، ولم يستوعبه حميدتي بعد، ولكن حتماً لن يتمادى في الخطأ..!!

صحيفة اليوم التالي


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى