السياسة السودانية

سناء حمد: يا هولاء …. ان السُمر سيعبرون!!

تواصل معي عدد من الاصدقاء بخصوص ما نسبته لي صحيفة لم أجد لها في مكتبات الخرطوم مكان !! رغم انها تعد احدى اذرع الحرية والتغيير الاعلامية ، ولكن جرى عليها الزمان كما فعل بتكتل الحرية والتغيير نفسه الذي انتهى الى اربعة احزاب ..بعد ان خرج منه الشيوعي وطُرد منه البعث . !!

ورغماً عن ركاكة الخبر و صياغته ذات الغرض ومحاولة لي عنق الحقيقة فيه ، الا اني بصدق انزعج حين يضعني احدهم معه في سلة العملاء والسايكوباث الذين ظلوا لثلاثة عقود يحرضون على بلادهم واهلهم ..يقدمون الشهادة تلو الشهادة لفرض العقوبات عليها ، وهم مسؤولون عن الآف الموتي ومئات الآلاف من الذين تضرروا بسبب تلك العقوبات التي وقفوا هم يحرضون الخارج على بلادهم واهلهم… وللاسف بعد ان حكموا فشلوا في تغيير طبعهم اللئيم فطَرقوا يفككون عُرى الدولة والمجتمع ويواصلون تحريض المجتمع الدولي على بلادهم …
انا لست مثلهم وان اكون … و اني لفخورة بهذا الوطن وبأهله الغبش من حلفا حتى ابيي ، ومن طوكر الى الجنينة ، وحملت السلاح و سأبذل النفس دفاعاً عنه ان استدعى الامر ذلك .. لذلك شكراً لهم على حسن اختيارهم للصورة المرفقة فهي صورة اعتز بها ! فقد اتت بعد انتصار هجليج وعودة المنطقة لارض الوطن ،
انا لست ممن يسمح بتحويل وطنه لمحرقة ، فهذا بلد دفعنا ثمناً غالياً لنحافظ عليه ..لنجعله رغم المؤامرات واحة استقرار اقليمي ، ومركز اعتدال ديني ووسطية ، ومركز للاجتهاد والتجديد والاصلاح الفكري ، هذا بلد مسلم ..مالكيَّ المذهب ولكنه لا يرفض المذاهب الاخرى ، وهو بلد هواه صوفي ..دخل فيه الاسلام تحت وقع دفوف الصوفية واهازيجهم ومدائحه وراياتهم الملونة ..وتمدد بحركة التجارة والتجار.. ورغم ذلك للسلفية فيه وجود ونشاط محترم وله قبول ، بلد دخل فيه الاسلام النفوس واستقر في القلوب …بلد اهم سماته التسامح مع الآخر والتصالح مع الذات ..وحين حكمتم سعيتم لضرب هذه الروح وهذه الاخلاق ولكن هيهات !!
ان كل حركة في هذا السودان الكبير نحو التطرف تعني هزة كارثية ..تخالف تاريخه وطبيعة مجتمعه وهى كارثة على الدولة وعلى الاقليم !!
ولعل المقال الذي كتبته بعنوان لأجل شراكةٍ ذهبية متاح على حائطي في الفيس بوك وفي بعض المواقع الاعلامية المهنية والمحترمة ، وما زلت اكرر الترحيب بجهود الدبلوماسيين الامريكيين في حل الازمة السودانية ، وما زلت اطلب منهما التعامل مع السودان وقضاياه بذهنٍ مفتوح وعقل يزن الامور كما ينبغي ..وكتبت لهما ان ” المساعي التي تقومان بها لفرض دستور يصادم عقيدة هذا الشعب ..ويزدري الاسلام بهذه الصورة المتجاوزة لكل حصافة ، هذا الدستور الذي يسلم البلاد للموافقين عليه ويجعلهم الخصم والحكم والجلاد ..هذا الدستور الذي اعددتموه كي تنصبوا المشانق لمن يخالفونكم الرأي .. من خلال استخدام القوى السياسية التي اخترتموها كي تبصم على دستوركم ، هذا الدستور الذي وضع بروح بعيدة عن روح الدساتير التي تنظم الدول والمجتمعات وتستمد منه القوانين التي تضمن الحقوق وتحقق العدل .. انه وثيقة دستورية تضج بروح البغض و الترصد والاقصاء .. واخطر من ذلك ترفض الاسلام بصوت عال وجرأة غير مسبوقة ..انكم تفككون السودان من خلال تسيس كل مؤسساته و تفككون عبره الجيش وتكرِّسون لحكم اقلية سياسية ” …. ان الانحياز لهذه الفئة واعادة تمكينها من البلاد مرفوض !! فهي حين تولت ادارة الامور فشلت في كل شئ ..في ادارة الدولة وفي ادارة الاقتصاد وفي الامن وفي العلاقات الخارجية ..بل سعت لتفكيك الجيش والمنظومات الامنية وصادمت المجتمع وحاربت الدين والاخلاق والاعراف … واستعدت Main Streem في البلد وليس الاسلاميون ، دمرت المؤسسات وخرّبت الذمم ودمرت البنيات التحتّية واعملت سلاح الفصل لموظفي الخدمة المدنية في حالة غير مسبوقة من التشفي والانتقام والكيد ..فلم يكن كل المفصولين ذوي انتماء سياسي او حزبي ..غالبهم سودانيون مستقلون ومهنيون …اراد من هم دونهم مهنياً او وظيفياً التخلص منهم !!!
ومرة اخرى ..

لن يسمح السودانيون الفخورون بانفسهم وبعقيدتهم و بعاداتهم وتقاليدهم ..بمخطط السيطرة عليهم ولا بفرض مشروع هذا الاعلان الدستوري عليهم ، مرة اخرى السادة السفراء : ان الدين ..الاسلام ..عكس ما يخبركم به هولاء ليس أمراً مختلفاً عليه فلا تستغلكم هذا النخب الفاشلة في معاركها الشخصية والفكرية !! ، ولم يكن الدين مختلفاً عليه لدي السودانيين فقد ظل منصوصاً عليه في دساتيرهم وتشريعاتهم ، ان الاسلام دينهم وان الشريعة مصدر التشريع بجانب كريم الاعراف والمعتقدات منذ الاستقلال

لماذا الاصرار على ” ان تكون الدولة في السودان على مسافة واحدة من الاديان ” !! فامريكا نفسها ليست على مسافة واحدة من الاديان والا فكيف يمكن تفسير ان الرئيس باراك اوباما انفق معظم وقته ليؤكد للمؤسسات الامريكية والناخبين الامريكيين والاعلام الامريكي انه ليس مسلماً ؟! .. وحتى بعد ان غادر المنصب الرئاسي ما زال دينه محل نقاش بل واستخدام من مناوئه !! ، ان بريطانيا ليست على مسافة واحدة من الاديان والملك فيها هو راس الكنيسة ، وتعهد الملك تشارلز في اول خطاب له بأنه سيرعى الدولة المسيحية والمذهب البروتستاني الانجليكاني !! فلماذا يصر السفيران الامريكي والبريطاني على رعاية ميثاق دستوري ينص على ان الدولة يجب تكون على مسافة واحدة من الاديان !! والاخلاق!! لم تُقبل دول الرباعية الراعية لهذا الميثاق الدستوري المعيب وهي بريطانيا وامريكا والامارات والسعودية في المجتمع الدولي وهي تنص في دساتيرها على دين الدولة ..ومرجعياتها بينما تحرم ذات الدول السودان من ذلك !!

بسبب هذا المشروع كما كتبت سابقاً، ” سيتحول السودان الى جحيم ..وسيكون حلقة جديدة تنضم الى حلقات الارهاب ..سيتوارى المعتدلون والبراغماتيون والوسطيون ..” سيتوارون لانهم سيتحولون لاهداف لهذه المنظمات …وهذه مناسبة لمخاطبة قطاع هو الاهم في حركة الاسلام في السودان وهم الصوفية ..ان نجحت الرباعية في فرض هذا الاعلان الدستوري ، ان نجح هذا المشروع المشبوه فستكونون اول ضحاياه ! فما حدث في العراق وسوريا حديثاً ومصر السادات في وقت مبكر ، كانت بدايته بالعلماء !! راح ضحية الارهاب الشيخ الذهبي قديماً ومؤخراً العلامة محمد سعيد البوطي’!! وفي السودان كان اول ضحاياه المصلون في المساجد لأكثر من مرة !! .

لقد خاطبت الامريكيين لانهم ” في ظل التهديد المتنامي لنفوذهم في العالم” ، يعلمون اهمية السودان ، وعينوا فيه سفيراً مختصاً في ملف الارهاب ..ولا اظن انهم يريدون تسليم السودان بحجمه وتأثيره الاقليمي للتنظيمات المتطرفة !! ايها السادة مولي في و جون جودفري ” انتما ستحولان السودان بحدوده المفتوحة الى بؤرة فوضى ومركز لعدم الاستقرار وهذا سينعكس على كل الاقليم. “..
اظن ان التفسير الملوِّن لما كتبت وهو متاح للاطلاع عليه والترويج المحموم له اتى بسبب الفشل الكبير الذي منيت به الحرية والتغيير المنقسمة !! خلال الايام الاخيرة ..فشلت في التماسك فاحزابهم تكيد لبعضها ..وفشلت في موقف محدد وواضح من العسكر فهم يتسللون للقائهم وعقد صفقات منفردة او ثنائية معهم ، لقد فشلوا في الضغط على العسكر عبر الشارع ، وسيفشلون في استغلال الدعم السريع الذي يحرضون المجتمع الدولي عليه سراً ، ويتوددون اليه علناً ، وفي الغرف المغلقة يخططون لاستخدامه حتى تتم التسوية ، ثم التخلص منه بمساعدة المجتمع الدولي بعد نهاية التسوية !!

سيفشلون بإذن الله في سَوْقِ بلادنا لحرب اهلية ..دينيةٍ كانت او عرقية …فهولاء لا يستطعيون الحياة الا وهم يرقصون على جثث الموتى ..ولا يستطيعون التفكير الا على اضواء الحريق..وبلادنا بإذن الله لن تحترق …بل ستعبر نحو المستقبل بقوة وليس مثل عبوركم البائس .. ..ستخضّر الارض وستزهرُ اشجار البرتقال والقريب فروت والمانجو وحتى النيم ، وستتفتح لوزات القطن وتتمايل سنابل القمح ..وستعود الابتسامة التي انتزعتموها الى وجوه السُمر …وسينتصر هولاء الغبش المؤمنين ، البسطاء المتدينون لانهم اعتادوا مذاق النصر الذي لم تعرفوه..

سناء حمد


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى