السياسة السودانية

الانتشار الكثيف.. نقطة الضعف الأساسية للدعم (الصريع)!

[ad_1]

للمنزعجين من الانتشار الكثيف لمتمردي الدعم السريع في أرجاء العاصمة بمدنها الثلاث وأريافها، ولمن يظنون أن ذلك الانتشار يمثل نقطة قوة للمتمردين ومؤشر ضعف للجيش،، نذكر ابتداءً أن الخطة الأساسية التي اعتمدت انفتاح قوات الدعامة في كامل محيط ومساحات الخرطوم استهدفت تأمين العاصمة والنظام الجديد حال نجاح حميدتي وشقيقه في أسر أو قتل قادة الجيش والاستيلاء على السلطة.

خطة محكمة تفوق القدرات العسكرية المحدودة لفريقي الخلا، تم وضعها بواسطة خبراء عسكريين أجانب، ومرتزقة متمكنون في فنون الحروب الخاطفة، يمتلكون تأهيلاً عالياً وخبرات عسكرية نوعية، وبما أن المتمردين فشلوا في تحقيق هدفهم الأساسي بالاستيلاء على السلطة (خلال نصف ساعة) باتباع أسلوب (الصدمة والترويع) فقد انقلب السحر على الساحر لاحقاً، وأصبح ذلك الانتشار الكثيف للدعامة أبرز نقاط ضعفهم وعبئاً ثقيلاً عليهم وليس ميزةً لهم على الإطلاق، للأسباب التالية:

1/ أصبحت مهمة إمداد القوات المنتشرة في مساحات شاسعة من العاصمة بالوقود والذخائر والتعيينات (الطعام) في غاية الصعوبة، وقد ظهر ذلك جلياً في اضطرار جنود تلك القوات إلى السطو على المتاجر والبقالات واقتحام المنازل للحصول على الطعام، الشيء الذي سبب ضرراً بالغاً لسمعتها، وجعل سكان العاصمة (وكامل أهل السودان) ينظرون إليها كقوة متعدية ومغتصبة (للنهب المصلح).

2/ الإفراط في نشر الارتكازات على كامل محيط العاصمة لإظهار القوة وتأكيد السيطرة جعل تلك الارتكازات فريسة سهلة (وصيدة ثمينة) للقوات الجوية، التي تفننت في ضربها وتدميرها وتشتيتها شملها وقتل أفرادها وتدمير معداتها في العديد من مناطق العاصمة، حتى اضطرت تلك القوات إلى الاختباء تحت الأشجار في الأحياء واقتحام منازل المواطنين خوفاً ورعباً، الشيء الذي أورثها مزيداً من الكراهية والبغضاء والسخرية في أوساط المواطنين، وتسبب في أضرار بالغة لسمعتها السيئة أصلاً.

3/ الانتشار الواسع لمتمردي الدعم السريع في العاصمة تسبب في قطع سبل التواصل في ما بينهم من جهة، وبين قيادتهم من جهة أخرى، سيما بعد أن نجح الجيش في ضرب كل مراكز القيادة والتحكم والاتصال عندهم، فأصبحت تلك القوات تتحرك وتتصرف كجزر معزولة، لا يربطها أي رابط، وتتصرف كل قوة بحسب التقديرات الذاتية لقائدها الميداني.

4/ الانتشار الواسع لمتمردي الدعم السريع جعل قطاعات كبيرة منها ترابط في مناطق طرفية، وأماكن نائية ليس لها أي تأثير إيجابي على الهدف الأساسي لتلك القوات، ويتمثل في احتلال القيادة العامة للجيش واعتقال أو اغتيال قادة القوات المسلحة، إذ لا يمكن لقوة مرابطة في الصالحة أو قرّي أو مرابيع الشريف بشرق النيل أو الجيلي أو الباقير أو الحاج يوسف أو جبل أولياء أن تساهم في احتلال القيادة العامة الموجودة في قلب الخرطوم.

5/ وجود تلك القوات في مناطق شاسعة من العاصمة جعلها معزولة عن قيادتها وغير مدركة لمصيرها وأهدافها، ويتضح ذلك في إفادات كثيرة أدلى بها أسرى القوة المتمردة ووضح منها أنهم يظنون أنهم موجودون في اليمن، وأنهم أتوا من مناطقهم للقتال في اليمن.

6/ الانتشار الواسع لمتمردي الدعم السريع في العاصمة حوّل الآلاف من المواطنين إلى مخبرين للجيش، يتولون رصد المتمردين وتصويرهم وتحديد مواقعهم بهواتفهم الجوالة، والتواصل مع أقربائهم في الجيش والقوات النظامية الأخرى لتحديد مواقع تلك القوات الشيء الذي سهل على سلاح الطيران استهدافها بضربات موجعة كلفت المتمردين خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.

7/ الانتشار الواسع لمتمردي الدعم السريع في العاصمة جعل السيطرة على سلوكيات تلك القوات مستحيلاً، وقد ظهر ذلك جلياً في تصفيتها لمواطنين عزل، وسرقة أموالهم وهواتفهم، وتمدد بالسطو على البنوك والمتاجر، وقد رأينا كيف نجح مواطنون عاديون في رصد وتوثيق الأموال الضخمة التي نهبها متمردو الدعم السريع وحملوها معهم في تاتشراتهم، بينما تكفلت كاميرات المراقبة بتوثيق العديد من عمليات السطو على المتاجر والأسواق والمنازل، الشيء الذي أزعج قائد المتمردين وجعله يصرح في إحدى الفضائيات مؤكداً أنهم سيشكلون محاكم ميدانية لمحاسبة من سطوا على المتاجر والمنازل والممتلكات العامة والخاصة، وبالطبع لم يتم تشكيل تلك المحاكم لأن قائد المتمردين نفسه مطارد ومرعوب وغير قادر على التواصل مع قواته.

8/ الهدف الوحيد من العملية التي نفذها متمردو الدعم السريع ينحصر في الاستيلاء على السلطة وذلك لم يتحقق ومن المستحيل أن يتحقق باختباء تلك القوات داخل الأحياء وتحت الأشجار وداخل منازل المواطنين خوفاً من التعرض لضربات الطيران.

9/ الانتشار الواسع لمتمردي الدعم السريع في أحياء العاصمة جعل تقديم الخدمات للمواطنين مستحيلاً وتسبب في خروج معظم محطات المياه عن نطاق الخدمة، كما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي بسبب عدم قدرة فرق الصيانة على أداء واجبتها فتحملت القوة المتمردة وزر غياب الإمداد المائي والكهربائي عن المواطنين، مثلما تحملت وزر تفشي جرائم السلب والنهب وحرق للممتلكات العامة والمصانع في كامل أنحاء ولاية الخرطوم، وتحملت وزر غياب العناية الصحية عن المواطنين بعد أن استحالت حركتهم وبادرت قوات القتل السريع باحتلال عدد مقدر من مستشفيات العاصمة (وآخرها مستشفيات الخرطوم وشرق النيل).

10/ القوة التي يدعي قائدها المتمرد أنه يستهدف تحقيق الديمقراطية والحكم المدني لأهل السودان فشلت في توفير الحد الأدنى من الأمن والحماية للمواطنين من هجمات النيقرز وقطاع الطرق واللصوص والمخربين على الرغم من انتشارها الكثيف في كل أحياء العاصمة، بل بدت وكأنها حليف لتلك الفئات المتفلتة، وأنها تساعدهم على نشر الفوضى وتفشي السلب والنهب والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة سيما وأنها احتلت أقسام الشرطة ومنعت الشرطة من أداء واجباتها، الشيء الذي عزز فرضية أنها تستهدف الإضرار بالمواطنين ونشر الفوضى وترويع الآمنين في الخرطوم.

11/ تسبب الانتشار الواسع لقوات التمرد في العاصمة لأكثر من 12 يوماً متتالية في إنهاك أفراد تلك القوات لأنهم ظلوا موجودين في شوارع مكشوفة لا تتوافر فيها أبسط مقومات الحياة والراحة والنوم، سيما وأن تلك القوات ظلت تتعرض لضربات موجعة من سلاح الطيران مما أثار الفزع في صفوفها، وقد رصد المواطنون آثار اليأس والخوف والإرهاق في وجوه مقاتلي القوة المتمردة في كل أجراء العاصمة.

12/ الانتشار الواسع لقوات التمرد في العاصمة مع تطاول أمد العملية تسبب في إشاعة اليأس والخوف والإحباط في صفوف جنودها، ودفع الآلاف من مقاتليها إلى خلع الأزياء العسكرية واستبداله بأزياء مدنية لتسهيل الهروب، الشيء الذي تحول إلى مدعاة للسخرية من تلك القوات، ولا أدل على ذلك من المئات من مقاطع الفيديو التي توثق لهروب قوات متمردي الدعم السريع في مقابل (صفر هروب) من القوات المسلحة.

لكل ما سبق نذكر أن الانتشار الواسع لقوات التمرد في العاصمة لم يكن ميزة بأي حال من الأحوال لقوات النهب الصريع، بل انقلب إلى وبال حقيقي عليها، يسرع انهيارها، ويضعف عزيمة مقاتليها، ويعجل هزيمتهم، لأن الخطة الأصلية للتمرد استندت إلى نهج الضربة الخاطفة ولم تتحسب مطلقاً لاحتمالات تطاول أمد المعركة والفشل في الاستيلاء على السلطة في ساعات معدودة، كما كان يتوهم فريقا الخلا (دقلو إخوان)، ولا غرابة فالشقيقين لم يتلقيا أي تأهيل أكاديمي أو عسكري في مجالات العلوم العسكرية والتكتيكات الحربية وفنون القيادة والسيطرة والتخطيط الاستراتيجي للحروب والمعارك في أي كلية عسكرية، لذلك تبقى هزيمتهما مع قواتهما المتضعضعة الضعيفة الواهنة المتشرذمة مسألة وقت، وعلى نفسيهما جنيا رييبا تحالف الشيطان.. دقلو إخوان.

د. مزمل أبو القاسم

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى