السياسة السودانية

حكاية “فارس النور”.. من الصعود إلى السقوط

لم تعرف عنه مهارات الخطابة ولم يبرز في سوح النشاط الطلابي كأحد الركانة المشهورين في زمانه.. ولم ينظر إليه مناضلاً وفاعلاً في مقاومة الاستبداد وإنما ذاع صيته من خلال دوره في العمل الطوعي، من خلال تأسيس مبادرات بنك الملابس وبنك الطعام ومجددون، الشاب المنتسب إلى أسرة منحدرة من قرى النيل الأبيض والمترعرع في أحياء بري تفاجأ الناس بانخراطه في حراك ثورة ديسمبر كأحد أهم قادتها الميدانيين لجهة انه ارتبط بعلاقات مع قيادات معروفة ومؤثرة في النظام السابق مثل علي عثمان محمد طه وعبد الحليم المتعافي والمرحوم الزبير أحمد الحسن من خلال قدرته الفائقة على خلق العلاقات والاستثمار فيها.
وبمثلما تفاجأ الناس بانخراطه في الثورة تفاجأوا بانسلاخه عنها والتحاقه بقائد الدعم السريع مستشاراً اقتصادياً ورئيساً لمؤسسة الإنتاج التي طرحت نفسها منافساً للبنك الزراعي وشركة زادنا وكثير من المؤسسات العاملة في المجال الزراعي..

كان فارس النور يصرح دائماً بفشل الدولة الهيكلي في جميع أدوارها ومهامها ويرى حتى قبل التحاقه بالدعم السريع بضرورة تجاوز مؤسسة الجيش بوصفه الجهاز المحتكر للعنف ولم يكن يخفي إعجابه بنموذج حزب الله في كونه غدا دولة داخل الدولة ولهذا حاول أن يوطد علاقته بالدعم السريع التي ابتدأت من خلال مشروعات حفر الآبار للعرب الرحل ربما بايحاء من دولة الإمارات التي يرى كثير من الناس انها استطاعت أن تعيد إنتاج فارس النور كايقونة في العمل الطوعي والإنساني بعد أن أشار إليه أمير إمارة دبي في كتابه وافتخر بصداقته قبل أن يمنح جائزة قدرها مليون درهم عن تميز دوره في العمل الطوعي..

كثيراً ما تسآءل الناس مالذي يحرك فارس النور ؟ ومالذي دفعه ابتداء للالتحاق بالدعم السريع؟ مالذي جعله يضحي بصورته الذهنية التي بناها من عرق جبينه قبل أن يبددها من عرق ضميره! هل هو مجرد موظف عند ولي نعمته؟ مرتزق مكتبي؟ أو هو مرتزق فيرست كلاس؟

كيف استطاع أن ينقض كل جهوده ويذهب مع السيد القائد كما يحلو له حتى النهاية وهو الذي غدر بالثوار من قبل وغدر بأصدقائه الكيزان؟ هل الجري وراء المادة ومراكمة الثروات؟ أم أنه يرى بالفعل أن حميدتي يمكن أن يأتي بالديموقراطية؟ واي ديموقراطية تلك التي تأتي على أنقاض الدولة ومن تحت ركامها؟ كل هذه الأسئلة التائهة لا تجد إجابات قاطعة.. غير أن أقرب الظن ملامسة لليقين هي أن لفارس علاقة مخابراتية وان الأرجح أن تجنيده تم في لندن من خلال صداقته الفكرية بأحد المروجين للنمو من خلال ريادة الأعمال بالتوازي مع علاقته بعمرو خالد امعانا في صنع نجوميته التي أتت من خلال تأسيس مبادراته المعروفة كما اسلفنا..

وأقل ما يمكن أن توصف به مداخلاته المرتبكة في قناة العربية الحدث من خلال ما يظهر من ضعف حججه وتهاوي منطقه وتهافت اسلوبه فضلا عن امعانه في الكذب هو وقناته حين تشير إلى أنه موجود في الخرطوم مع رؤية شهود عيان له في مدينة جدة برغم صوت الرصاص الكذوب المركب على الصوت الراجف خوفاً منه وخجلاً من مواقفه المخزية أمام مرآة ذاته وفي نظر معارفه وأصدقائه وجيرانه وعشيرته..
وسبحان الذي يقلب القلوب ويزيغ الأبصار..

Harib Omar


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى