السياسة السودانية

معاناة مستمرة.. شبح الانهيار يهدد مراكز غسيل الكلى بنهر النيل

الدامر 19 مايو 2024– يهدد الانهيار مراكز غسيل الكلى بولاية نهر النيل شمالي السودان، بعد استمرار الصعوبات التشغيلية ونقص وندرة المواد الاستهلاكية الكلوية، وتضاعف أعداد المرضى.

وخلقت الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 معاناة لا مثيل لها لمرضى الأمراض المزمنة، خاصة مرضى الكلى، بتوقف العشرات من مراكز الغسيل في العديد من مناطق البلاد.

وشكل تذبذب الخدمات في مركز الدامر لغسيل الكلى، معاناة مضاعفة وخطراً على حياة الكثير من المرضى، بعد توقفه عن العمل لساعات يوم الثلاثاء الماضي، وبشكل كامل نصف يوم الأربعاء المنصرم.

ندرة الحلول

وكشفت مصادر متطابقة لـ”سودان تربيون”، أن المركز في المدينة توقف يوم الثلاثاء بسبب نقص محاليل الغسيل، ثم تفاقمت أزمة المركز في اليوم التالي (الأربعاء) من الأسبوع الماضي، بسبب توقف النظام.

وتوقعت وزير الصحة بنهر النيل الدكتورة أمل أحمد مجذوب، في حديث لـ”سودان تربيون”، وصول الإمداد المطلوب لمراكز غسيل الكلى بالولاية خلال الساعات المقبلة.

وأعلنت افتتاح مركز غسيل الكلى بمدينة المتمة في الأيام القادمة، بعدد 8 ماكينات لتقديم الخدمة لنحو 54 مريض بغية تخفيف الضغط على مركز شندي.

وتحدثت عن وجود أكثر من 1097 مريض يجرون جلسات الغسيل حالياً في 6 مراكز تضم نحو 99 ماكينة، بينما صارت الحاجة حالياً لنحو 8 آلاف غسلة شهرياً بسبب ظروف الحرب وتصاعد عدد المرضى الوافدين.

وأكد مدير مراكز الكلى في الولاية الدكتور أحمد المرتجى، لـ”سودان تربيون”، تضاعف عدد مرضى الغسيل من 600-700 إلى نحو 1500 مريض بعد الحرب.

وكشف عن تأخر وصول محاليل الكلى للولاية جراء ما وصفه بالإجراءات العقيمة و(السخيفة)-وفق وصفه لافتا الى أن المسؤولين من التخليص لا يعلمون ماهية تلك المحاليل وماذا يعني فقدان المريض لجلسة واحدة من الغسيل.

وقال إن العطل الذي وقع بمركز الدامر وأدى لتوقفه لساعات بسبب إغلاق (الدميرة) لفلاتر محطة تنقية المياه وجرى إصلاح العطب.

وأشار الى  إجراء تغيير منتظم لتلك الفلاتر لكن مع ظروف الحرب وتغير سعر الدولار بات من الصعوبة تغييرها وتوفير قطع الغيار الضرورية الأخرى لماكينات الغسيل.

وأكد المرتجى، استمرار المحاولات على المستويين الرسمي والشخصي وبعون الخيريين كذلك في توفير المطلوبات الضرورية.

وتضع إدارة المراكز وفقا للمرتجى، تحسبات عالية للحالات الطارئة التي تأتي للولاية من كل ولايات السودان بواقع 3-5 حالات يومياً.

وقال إن المراكز تعمل بكل طاقتها، متوقعا إضافة ماكينات جديدة بحسب وعود وزير الصحة بالولاية وافتتاح مركز في مدينة المتمة قريباً.

ضغط هائل

من جانبه، أكد الدكتور خضر، الطبيب بمركز الدامر لغسيل الكلى، لـ”سودان تربيون” أن المركز تم إغلاقه يوم الثلاثاء لمدة ساعتين لعدم توفر الحلول، ويوم الأربعاء حتى منتصف نهار نفس اليوم بسبب توقف نظام العمل الإلكتروني. .

وذكر أن العاملين بالمركز بذلوا جهودا كبيرة بعد التوقف لتلك الأسباب، ونجحوا في إجراء الجلسات المطلوبة للمرضى. وأشار إلى توفر البودرة والسيور، إلا أن المركز يواجه مشكلة في المحاليل.

ونبه خضر إلى مشاكل تواجه المركز ممثلة في سحب المياه من بئر المركز بسبب صعوبات تتعلق بالكهرباء، داعيا إلى التدخل لحل هذه المعضلة.

وأشار إلى الضغط الهائل الذي يواجه المركز، حيث يصل عدد المترددين يوميا إلى 144 شخصا، الأمر الذي يتطلب إنشاء نظام جديد ومعالجة مشكلة الكهرباء.

خطر وشيك

وقال عز الدين حسن عثمان، رئيس مبادرة “ياكم عشمنا” التي تبذل جهوداً جبارة لمساعدة المراكز وتوفير المعدات، في حديث لـ”سودان تربيون” إن الولاية بعد توافد عدد كبير من مرضى الخرطوم والجزيرة إلى ولاية نهر النيل مما شكل ضغط عالي على المراكز وباتت تحتاج توفير أكثر من 8 آلاف غسلة شهريًا.

وأكد عثمان، أن مختلف مراكز الولاية تعاني من مشاكل عديدة مثل انقطاع الغسلات أو بعض مكوناتها كما حدث في بالدامر، وانقطاع المحلول (الأسيد). والذي يعد من أهم مكونات الغسلة والذي يتكون من “الكلية الصناعية والحزام والبودرة والمحلول”.

وأشار إلى معاناة أخرى في المراكز تتمثل في انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة وأعطال في عدد من ماكينات الغسيل، التي تحتاج إلى صيانة دورية ومستمرة وتغيير الفلاتر وتوفير المياه النقية.

وذكر أن هناك بعض المرضى يحتاجون إلى 8 غسلات أو أكثر حسب حالة المريض وما يقرره الطبيب المعالج.

ويوجد في ولاية نهر النيل 6 مراكز لغسيل الكلى، بحسب عثمان. وهي مركز شندي الذي يملك 23 ماكينة ويخدم 350 مريضاً وأكثر في الحالات الطارئة، ومركز الكتياب الذي يملك 6 ماكينات عاملة، و5 معطلة، ويخدم 48 مريضاً تزيد أو تنقص حسب ظروف المرضى القادمين إلى المنطقة.

كما يضم مركز الدامر 19 جهازًا ويخدم 144 مريضًا. كما أنها قابلة للتوسع حسب الظروف كما يأتي إليها بعض المرضى.

ويضم مركز عطبرة 28 جهازًا ويخدم 350 مريضًا، وأكثر في حالة مرضى الطوارئ.

ويزور مدينة عطبرة عدد كبير من الوافدين بسبب الحرب من ولاية الخرطوم والجزيرة. ويحتوي مركز البربر على 15 آلة ويخدم 130 مريضا. وقد يزيد العدد أيضًا للأسباب المذكورة أعلاه وفقاً لرئيس المبادرة.

وفي مدينة أبو حمد، حسب عثمان، هناك 8 آلات معطلة، وتتوفر 2 ماكينات تخدم 75 مريضاً وقد تزيد حسب الحالات الطارئة أو قدوم أي مريض قادم من الدولة أو خارجها.

وقال عثمان إنه أثناء انقطاع الغسلات بالولاية في شهر أغسطس 2023، تواصل عدد كبير من المواطنين مع منصة نهر النيل مطالبين بالدعم في إيجاد حلول لتوفير هذه الغسلات وتوقيتها.

واوضح أن المبادرة نجحت بعون أبناء الولاية في توفير أول دفعة من السيور إلى ادارة مراكز الكلي بالولاية بالتعاون مع مبادرة “نقطة ضوء” في سبتمبر2023 وبعدها تم التواصل مع مصنع “سدانة” بالمملكة العربية السعودية الخاص بتصنيع السيور وتم توريد عدد مقدر لجميع مراكز الولاية.

وناشد عثمان كافة أبناء الولاية بالداخل والخارج بمواصلة دعم هذه المراكز التي تقدم خدماتها للمرضى.

وتتمثل الحاجة في الغسالات وحل مشكلة الكهرباء والماء والفلاتر وصيانة الماكينات المعطلة وتوفير قطع الغيار وتوفير آلات جديدة لتخفيف الضغط بسبب تزايد أعداد المرضى.

نقص المعينات

وقال محمد السر محمد الأمين، الذي يجري عملية غسيل الكلى بمركز غسيل الكلى بالدامر، في حديث لـ”سودان تربيون” إن المركز يحتاج إلى توصيل الكهرباء بالبئر الجديد وتوصيله بـ”النظام” لتوفير المياه.

وأكد أن 144 مريضاً يتلقون الجلسات في المركز، بينهم 40 وافداً، فيما العدد في ازدياد مستمر حسب الأوضاع المعروفة في البلاد. مضيفا أن عدد الآلات 19 فقط  وتواجه ضغوطا كبيرة.

وشدد على ضرورة توفير آلات جديدة للمركز الذي يعمل بكامل طاقته عبر ثلاث ورديات للعاملين، في حين تنشأ بعض الحالات الطارئة التي تتطلب ماكينات أيضا.

وتزداد المآسي في السودان جراء الحرب الدائرة منذ أكثر من عام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث نقلت تقارير مختلفة وفاة مرضى غسيل الكلى في مدن عديدة بالبلاد بينها الجنينة والضعين ومدني والخرطوم والدامر وغيرها.

وأطلق السودانيون في نهاية سبتمبر 2023، وسم” انقذوا مرضي الكلى في السودان”، على مواقع التواصل الاجتماعي بغية إنقاذ مرضى الكلى الذين تقطعت بهم سبل العلاج، وسط غياب العلاجات وشح الأدوية جراء الحرب المستمرة.


المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى