السياسة السودانية

مليشيا الدعم السريع اعتدت على كرامة الشعب السوداني كله، أذلته ومرقت أنفه في التراب

تأييد مليشيا الدعم السريع في هذه الحرب أو التواطؤ معها بأي شكل من الأشكال ليس كأي موقف سياسي؛ فهو لا يشبه أي موقف سياسي ينقسم حوله الناس ويقبل الاختلاف.
المليشيا أذلت الناس ودمرت البلد وهتكت الأعراض؛

تأييد المليشيا يعني في الحد الأدنى بأنك لا تعارض ولا ترفض كل هذه الجرائم، أما في الحد الأعلى فيعني أنك توافق على هذه الجرائم وتؤيدها وتشارك فيها.

بديهي من حق كل شخص أن يكون له رأيه وموقفه السياسي؛ ولكن حينما تدعم مليشيا تحارب الدولة والمواطنين وتعتدي عليهم في أنفسهم وبيوتهم وأعراضهم فأنت لا تعبر عن مجرد رأي سياسي ولكنك تشارك في هذا العدوان.

أي تبريرات من شاكلة أن الدعم السريع ظل يمارس هذه الانتهاكات في دارفور وما شابه هي بمثابة رضا وتأييد للظلم وللعدوان؛ خصوصاً حينما تصدر عن شخص هو أساساً لم يرفض جرائم المليشيا في دارفور وفي غيرها. فأنت تقول بعبارة أخرى، نحن مع المليشيا حينما كانت تقتل وتغتصب في دارفور، ونحن معها الآن وهي تفعل ذلك في الخرطوم، ولا نمانع من تعميم التجربة على كل السودان.

نحن رأينا حركات تمردت في دارفور والنيل الأزرق وكردفان، قاتلت الجيش وكانت ذات تكوين قبلي، ولكن الشعب السوداني (ولنقل بشكل أكثر دقة المواطنين في ولايات الوسط والشمال والشرق) لم يتعبأوا ضدها مثلما هم الآن ضد الدعم السريع. لماذا؟ لأن حربها كانت في المقام الأول ضد الجيش بل ضد النظام الحاكم وليس ضد المواطن. صحيح قد تكون هناك تفلتات وجرائم قامت بها هذه الحركات في مناطق الحروب. ولكن الخرطوم ليست كأي مكان، لا لأن أهلها أفضل من باقي الناس، ولكن لأنها سودان مصغر؛ فقد تضرر الجميع من الحرب في الخرطوم بمختلف قبائلهم وجهاتهم. أضف إلى ذلك الإعلام والتوثيق والمعايشة الحية التي عايشها الناس لممارسات المليشيا، لم يحدثهم عنها أحد.

فأنت عندما تأتي لتقف مع المليشيا فلا تتوقع أن الناس سيتعاملون معك بمنطق “الاختلاف لا يفسد للود قضية”؛ كلا، فالقضية هنا قضية حياة/موت وشرف وكرامة؛ حياة الناس ووجودهم وشرفهم أمور لا تقبل المساومة والنقاش، ومساحة التسامح فيها صفر تماماً؛ هذه ليست مناظرة سياسية أو مباراة كرة قدم.

عندك قضية وموقف ضد الجيش وضد الدولة فليكن بعيداً عن المليشيا التي تدمر وتقتل وتنتهك وتذل الشعب السوداني بأكمله؛ إذ لا يمكن تفسير ما تقوم به المليشيا إلا بكونه عدوان على شعب كامل، لأنها عبثت بكل ما هو مقدس لدى الشعب. خربت حياة الشعب السوداني، وأقول الشعب السوداني كله، لأنها تعمل على تدمير الدولة نفسها، واعتدت على كرامة الشعب السوداني كله، أذلته ومرقت أنفه في التراب. جعلت الرجال ينظرون إلى الأرض بانكسار لا يستطيعون رفع أعينهم بينما المليشيا تقوم بإنزال النساء من البصات السفرية ونهبن وإذالالهن واغتصابهن. هذا ليس تصويراً أدبياً، لقد وقع بالفعل.

ما قامت به المليشيا بحق الشعب السوداني لن يُغتفر، وهو ليس مجرد حرب عادية بين قوات نظامية ولا مجرد صراع سياسي نختلف حوله؛ بل هو عدوان على مقدرات وعلى كرامة شعب كامل، والثأر قادم لا محالة.

حليم عباس
حليم عباس


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى