السياسة السودانية

كاتب إماراتي: السودان يمثل بموقعه وموارده بعداً استراتيجياً مهماً للأمن القومي العربي

النزاع الذي تفجر في السودان في 15 أبريل الماضي بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تسبب في مقتل أكثر من 2000 شخص على الأقل، وشرّد كثيرين من أبناء السودان، فأصبح ما يزيد على 2.5 مليون من أبنائه نازحين ولاجئين.
منذ تلك الفترة وأزمات السودان تزداد حدة، الأمر الذي أثّر على كل حياة سكانه، في ظل أعمال العنف المستمرة، خصوصاً في الخرطوم التي غادرها مئات الآلاف، إلى جانب نقص المواد الغذائية وتراجع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والخدمات الصحية التي تقدمها المستشفيات والمراكز الصحية عادة، والتي أصبح أكثرها خارج الخدمة، وتحديداً في العاصمة التي أضحت المسرح الأكبر في هذا الاقتتال.
ومع استمرار نزف الخسائر البشرية والاقتصادية، بات الحال مرعباً في السودان، حيث ملايين الأطفال بحاجة للمساعدات الإنسانية العاجلة – على رأسها الأغذية – كي لا تتفشى ظاهرة الجوع التي حذرت منها المنظمات الدولية.
على الصعيد الاقتصادي، الحال سيئ جداً بعد أن دمرت الفوضى النظام المصرفي، وهو ما يزيد من الأزمات التي يغرق فيها السودان أكثر بعد أن تردّت قيمة عملته كثيراً. وإن استمر القتال، فإن التوقعات المستقبلية التي تبنتها وكالة موديز للتصنيف الائتماني والتي قالت إن مصير البنية التحتية الاجتماعية والمادية هو الدمار، أما العواقب الاقتصادية فلا حصر لها. ورغم تلك التحذيرات كانت تُخرق الهدنات الواحدة تلو الأخرى دون النظر للعواقب والآثار الناجمة عن استمرارية هذا الوضع وانعكاساته على حياة الناس، وليستمر نزف الدم مع سقوط مئات الضحايا، معظمهم في منطقة العاصمة الأوسع على ضفتي نهر النيل (الخرطوم وبحري وأم درمان)، والتي يفرّ سكانها نحو مناطق ودول آمنة.
وفقاً للمشهد الراهن، يتضاءل الأمل بانفراج الموقف قريباً. ويبدو أن السودان ينزلق بخطوات متسارعة نحو المجهول، ما يجعل مستقبله ومستقبل شعبه على المحك، خصوصاً أن العدد الأكبر منهم ما يزالون مرابطين في أرضهم. أمام تلك المأساة الكبيرة، على الأطراف الدولية، بالتعاون مع الدول العربية، العمل من أجل إيقاف الحرب بمحاولة إيجاد نقاط تقارب بين الطرفين، والتي يمكن أن تؤدي إلى حلول تضمن السلام والاستقرار في السودان.
أما الواجب العربي-العربي فيتمثل بمهمة تقديم المساعدات أولاً، ولاحقاً بإعادة البناء والإعمار، لأن السودان يمثل بموقعه وموارده بعداً استراتيجياً مهماً للأمن القومي العربي بداية، ثم للمعادلة الدولية في المنطقة ككل، وأي انفراط للأمن فيه سيدخلها مجدداً في دوامة يصعب السيطرة عليها. أهل السودان في ظروفهم الراهنة أحوج إلى كل ما يمكن أن يخفف عنهم بلاء الحرب وويلاتها والأوجاع التي تفرضها عليهم، وتحت هذا الموقف يندرج تقديم المساعدات العاجلة لهم.
وكم سيكون الأمر عظيماً لو انسحب تقديم المساعدات لأشقائنا السودانيين الموجودين في الدول العربية للتخفيف من وطأة محنتهم، بحيث تقدم الدول العربية ما تستطيع من مساعدات مهمة ومن بينها الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، وهو ما فعلته الإمارات، إلى جانب المساعدات العاجلة للنازحين السودانيين العالقين فيها، وكذلك إعفاء المخالفين السودانيين من جميع الغرامات المترتبة على مخالفة قانون دخول وإقامة الأجانب.
دول عربية قليلة تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن الحاجة أكبر بكثير مما وصل بالفعل إلى أراضي السودان الذي أصبح كله تحت النار، و(يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة) كما قال الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش، خصوصاً وأن هذا البلد وقبل الأحداث الأخيرة فيه، كان يعاني من أزمة إنسانية، فما بالنا والحرب تفتك بمن فيه يومياً!

علي بن سالم الكعبي – صحيفة الاتحاد
201971214149107GD


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى