السياسة السودانية

🔴دكتور ياسر أبّشر: لجنة إعادة “اللجنة ” وقضاة السودان

[ad_1]

في غفلة من صاحب الأملاك تولى الرجل الذي تودد إليه وإلى أبنائه وكالة إدارة كافة أعماله، فقد تظاهر بأنه حريص عليها، ودوداً طيباً، وصدقه الرجل ووثق به.. ولكن الوكيل الجديد كان يخطط للاستيلاء على كل شيئ، ورويداً رويداً أخذ يخفي المعلومات عن المالك، وأحياناً يخدره بمعسول الكلام.

وأحاط الوكيل نفسه بشرذمة تجيد التلفيق والكذب، وشرعوا جميعهم في تضليل الرجل عن مجريات أوضاع أملاكه ومشروعاته، وأخذوا يستولون على الأملاك ويسرقون مداخيل المشروعات، بل باعوا بعضاً منها لرجال من داخل البلد وخارجه، بعد أن عدلوا القوانين، وأخفوا دفاتر الحسابات، وغيروا الأرقام في بعضها، وكانوا يتهربون من تمكين المراجع القانوني من القيام بعمله باختلاق أعذار وحجج متنوعة.. وبقي كل شيئ محاط بالغموض والسرية.
ولما تطاولت المدة بدأت الشكوك تساور المالك.. ولما انتبه وجد أن كثيراً من الأملاك بيعت، وأن الخزائن فارغة، وأن المشروعات انهارت.

هذا تحديداً هو ما فعله الوكيل عبد الفتاح البرهان وحميدتي وعصابة قحت بالمالك الذي هو الشعب السوداني!!!

في النصف الأول من ديسمبر الماضي عقد قضاتنا الموقرون في المحكمة العليا بالخرطوم اجتماعاً ترأسه رئيس القضاء وموافقة قضاة المحكمة العليا في الولايات.. وعقب ذلك الاجتماع أرسلوا قرارهم للفريق البرهان، وأصدروا بياناً بَيّن فحوى قرارهم الذي أرسلوه للبرهان. وجاء في البيان مايلي:

“توافق الجميع على قلب رجل واحد على مبدأ استقلال السلطة القضائية، ورفض ما ورد بالاتفاق الإطاري، الذي يمس السلطة القضائية، والتمسك بمبدأ استقلال القضاء، ورفع مذكرة بذلك للسيد رئيس مجلس السيادة بوساطة صاحب السعادة رئيس القضاء”.
وجاء في البيان أيضاً:

“وهذا الاجتماع له ما بعده.. وتواثق وتعاهد جميع قضاة المحكمة العليا بالوقوف سندا منيعا لكل من تسول له نفسه النيل من استقلال القضاء، وتعاهدوا بتسليم السلطة القضائية للأجيال القادمة كما تسلموها من السلف، والمحافظة على الإرث القضائي الذي سطره القضاة السابقون”.

لم يُصدر قضاة السودان بياناً خطيراً كهذا إلاّ في أواخر عهد نميري.. على أن المؤسف أن هذا البيان لم يجد ما يستحقه من اهتمام هو به جدير.

والأكثر إثارة للأسف والأسى أن هذا التحذير الخطير من قبل قضاة السودان لم يجد أذناً صاغية من البرهان، ولم يُرتّب البرهان موجبات البيان على واقع حياتنا، بل اتخذ من القرارات ما هو نقيضه.
قبل بضعة أيام تحدث السفير السعودي عن الصفقة / التسوية الجارية الآن والتي كان هو من بين طباخيها الأجانب، وتوعد الذين يعارضونها بالعقاب من قبلهم، ومن قبل الترويكا TROIKA.. الطريف أن سعادة السفير لا يعرف نطق كلمة TROIKA، فهو ينطقها كما ينطقها حميدتي!!! هذا علماً أن الإنجليزية هي لغة التخاطب بين دبلوماسيي العالم، فهي Lingua Franca بينهم، فتأمل عزيزي.

وتحدث عن عملهم لإحداث التحول السياسي في السودان. ومن قبله كان السفير الأماراتي تحدث عن إعادة التحول الديمقراطي في السودان!!

تخيل أن السعودية والأمارات تتحدثان عن الديمقراطية، في بلد نشأت فيه الأحزاب قبل قرن، وشهد انتخابات عام 1953!!! فلنبكي على الهوان الذي بلغناه.

اليوم انعقد مؤتمر لإعادة لجنة التمكين، بحضور سفراء الرباعية وحضور الترويكا، ومشاركة نفس القحاتة الذين فعلوا في البلد الأفاعيل.. والمؤتمر في مقاصده هو تكرار للفشل وإعادة إنتاج لنفس التجربة الـمُهلكة.. ولكن لا حرج.. وهل نحن إلّا فئران تجارب!!!

أحسب أنه لو كان الأمر إصلاحاً حقيقياً، لجرت محاكمة لجنة وجدي صالح ومحمد الفكي ومناع على نهبهم لأموال الشعب بشهادة ثلاثة من وزراء المالية.

نشرت منظمة الدعوة الإسلامية فيديو يُظهر كيف كُسرت بل فُجّرت خزنها ونهبت أموالها.
وتحدثت شركة دانفوديو عن سرقة أكثر من مائة سيارة وآليات حفر وشاحنات، وسرقة ملايين الجنيهات بجانب عملات أجنبية.

ولشركة القارص لإنتاج الدواجن قضية أمام القضاء تشتكي عن سرقة ترليونات الجنيهات وضياع آليات وسيارات. أمّا ما فعلته لجنة التمكين بالمستشفى الأكاديمي من نهبٍ وتخريب فيدمي القلب .

واليوم طفا إلى السطح نفس شخوص قحت الأولى يتحدثون في المؤتمر.. وحُشد فيه نفس الذين مارسوا الكذب والدجل والتضليل.. ولأنهم كملوك البوربون لم يتعلموا شيئاً ولم ينسوا شيئاً. لازالوا يخوضون معاركهم الدونكشوتية في محاربة طواحين هواء تسمى “المؤتمر الوطني”، والمواطنون جوعى، وتدمرت مرافق خدماتهم، وفقدوا أمنهم.

تحدث محمد الفكي الذي سبق أن قال: “إن لجنة التفكيك لجنة سياسية وليست قانونية”، وهو الذي سبق أن تحدث عن فساد المنظومة العدلية، وفصل المئات من القضاة ووكلاء النيابة.
كان الطبيعي أن يحاكم الذين كانوا يديرون تلك اللجنة على فسادهم وسرقاتهم، وعلى تنفير المستثمرين من القدوم للسودان، وعلى هروب رأس المال المحلي للخارج.
كانت العدالة تقتضي ذلك.
ولكن إقامة العدالة ليست ذات أهمية لدي القيمين على سيادة البلد.. هؤلاء لم يسمعوا حكمة القديس أوغسطين القائلة:
In the absence of justice , what is sovereignty but organized robbery ??
“هل تكون السيادة في ظل انعدام العدالة إلَا نهباً منظماً”؟؟
وبالفعل كانت نهباً منظماً، إذ لم يبقِ البرهان وقحت للسودان سيادةً.
السيادة لدى ڤولكر والثلاثية والرباعية.
كان نهباً منظماً مارسه مناع وإيهاب الطيب ووجدي صالح وزمرتهم، ثم هربوا إلى القاهرة الخليج.
في ظل لجنة التفكيك جرى ما يسمى إفراغ الدولة من محتواها Nullification of State، فقد صادرت لجنة التفكيك السلطات الثلاث، وكانت هي الشرطة والنيابة الـمُحقّقة والمحكمة، ولم يكن هناك سلطة تشريعية.
لجنة التفكيك لا تعترف بنظرية الفصل بين السلطات التى قال بها صاحبها مونتسكيو Montesquieu الذي قال:
“ليس ثمة طغيان أعظم من ذلك الذي يمارس تحت حِمَى القانون وباسم العدالة”
‏There is no greater tyranny than that which is perpetrated under the shield of the law and in the name of justice.”
الخواجات الذين جاؤوا بهؤلاء يعرفون ذلك، ولكنهم يستكثرونه علينا، وعبيدهم يطيعون؛ لأنهم عملاء.
وهذه المرة ستكون أولى ضحايانا هي المنظومة العدلية، التي اعترض قضاتها على ما جاء في الاتفاق الإطاري ، وقد بشرنا ود الفكي بذلك علانيةً. وتخيل بلداً بلا قضاء ، ويحكمه برهان وحميدتي وقحت ، الذين يرضعون أثداء الأجانب !!!
يحدث كل هذا والوكيل المزيّف، “برهان فَشَلِنا” سيشاهد ويستمتع بما سيجري في مجزرة العدالة.
يا رجال الحكم يا من قد فسد
من يُصلح الحكمَ إذا الحكمُ فسد ؟
♦️ ياسر أبّشر

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى