السياسة السودانية

✒️حاج ماجد سوار: قمة النفاق السياسي

قمة النفاق السياسي هو ما تمارسه وتتقلب فيه قحت (الجناح السياسي للمليشيا الإنقلابية المتمردة ) منذ ظهورها في الساحة السياسية قبيل إنقلاب اللجنة الأمنية في أبريل 2019 و هذا ما تؤكده الحقائق و الشواهد التالية :

* عندما كانت معظم القوى السياسية و المجتمعية تنادي بضرورة توسيع قاعدة المشاركة في الفترة الإنتقالية لضمان إستقرار البلاد و سلاسة الإنتقال كانت قحت تصر على أن الفترة الإنتقالية ملكها هي وحدها دون غيرها ، و كان يساندها في موقفها ذلك المكون العسكري بقيادة البرهان فمارست أسوأ أنواع الإقصاء الذي شمل حتى بعض حلفائها ( الجبهة الثورية) و جزء من مكوناتها السياسية و المدنية ( الشباب و النساء) ، فرأينا كيف تشظت إلى ( قحت المجلس المركزي – قحت التحول الديمقراطي – تجمع المهنيين أ – تجمع المهنيين ب و غيرها من ) ، و رأينا كيف غادرها الحزب الشيوعي و الكيانات الموالية له ، و رأينا خروج أحد أجنحة حزب البعث !! أما مخالفيها في الرأي و التوجهات فرأينا نكلت بهم و زجت بهم في السجون دون أي مسوغات قانونية و بعضهم بتلفيقات شارك فيها نائبهم العام تاج السر الحبر !!

* كانت قحت تصدعنا بشعار ( حرية سلام و عدالة) و لكن بمجرد ما آلت إليهم الأمور صادروا الحرية و منعوا غيرهم من ممارسة حقوقهم الدستورية ، و نحروا العدالة في أول عتبات السلطة فرأينا آلاف الموظفين و العمال يفصلون و يشردون من وظائفهم دون مراعاة لقوانين الخدمة و لا أبسط قواعدها التي تحدد الإجراءات و الخطوات التي يجب أن يخضع لها الموظف قبل فصله ، ثم رأينا مصادرتهم لممتلكات الناس و المستثمرين الوطنيين و الأجانب دون أي قرارات قضائية الأمر الذي أضر ببيئة الإستثمار و بسمعة البلاد ، و تابعنا رفضهم لإتفاق جوبا لأنه وقع مع العسكر ، و شاهدنا سلامهم ( الضرار ) الذي سعى إليه رئيس وزرائهم حمدوك مع ( رفيقه ) عبد العزيز الحلو في أديس أبابا و الذي تجاوز فيه ثوابت الأمة و وافق على حق لا يملكه ( فصل الدين عن الدولة ) ثم زيارته ( كاودة ) التي تنازل فيها عن سيادة الدولة و وقف إلى جوار علم الحركة التي اكتفت برفعه دون علم الوطن !!

* كانت قحت سمن على عسل و متماهية مع العسكر لدرجة الذوبان و لكن عندما أدرك المكون العسكري بأنها تقود البلاد نحو الإضطراب السياسي و إلى الهاوية بسياساتها و إجراءاتها إتخذ قرارات 25 أكتوبر 2021 التي سماها بالتصحيحية و سموها هم بالإنقلاب فانقلبوا على حلفائهم العسكر و طفقوا يحرضون الشباب على الخروج في مظاهرات شلت كل أوجه الحياة لأكثر من سنة و أسسوا مجموعات غاضبون ، ملوك الإشتباك ، و أطلقوا يد كتائب حنين التابعة لحزب البعث العربي الإشتراكي التي تحولت إلى جماعات إرهابية مارست كافة أنواع العنف و القتل ضد أفراد الشرطة و القوى الأمنية التي كانت تقوم بواجبها في حماية المنشآت العامة و الحفاظ على الأمن و السلامة و كان من بين القتلى العميد شرطة علي بريمة الذي قتل طعنا بالسكين و أصيب حرسه الشخصي بعدة طعنات و قتل على أيديها أيضاً الرقيب إستخبارات ميرغني الجيلي و مثل بجسده أمام القصر الرئاسي حيث كان أحد أفراد تأمينه ، و أعلنت قحت على لسان متحدثها الرسمي جعفر حسن بأنها ستطوف على ( السفارات سفارة سفارة للتحريض على حليفهم المكون العسكري )

فأصبح حبيب الأمس عدو اليوم لأنه أراد تصحيح الأوضاع و نادى بتوسيع قاعدة المشاركة و أصبح إنقلابا عسكرياً بينما ما حدث في 11 أبريل لم يكن إنقلابا قامت به اللجنة الأمنية للبشير !!

* بينما كان العقلاء ينادون بضرورة تأجيل ما سمي بالإتفاق السياسي النهائي لمزيد من المشاورات مع شركاء العهد الإنتقالي و كان الجيش يطالب بتأجيل ورشة الإصلاح الأمني و العسكري كانت قحت و بعثة فولكر و الرباعية و زعيم المليشيا يسابقون الريح و لم يستجيبوا لكل تلك الرجاءات و النداءات لأنهم كل موعد للإستيلاء على السلطة بالقوة صباح الخامس عشر من أبريل الماضي !!

* بعد فشل الإنقلاب و محاولة الإستيلاء على السلطة الذي كانت قحت و لجان المقاومة التابعة لها تمثل فيه الذراع الإستخباري للمليشيا يمدونها بالمعلومات عن منازل الضباط المعاشيين من مختلف القوى العسكرية و الأمنية و منازل الإسلاميين و رجال الأعمال و التجار بل إن بعضهم ظهر علناً في مواقع القتال و المواجهة مع القوات المسلحة ظنا منها بأن المعركة لن تطول و أن مخططهم في الإستيلاء على السلطة لا محالة سينجح !! و عندما طالت المعركة و تطاولت الحرب و أدركت قحت بأن الخطة قد فشلت رفعت شعار لا للحرب و أصبحت تنادي بضرورة الضغط على ( الطرفين لإيقافها ) !!

* و بينما كانت بيوت المواطنين تستباح من قبل المليشيا كانت بيوت قيادات قحت تحرسها أسلحتها و (تاتشراتها) !!

* و عندما كانت قحت تتوهم إنتصار المليشيا كان إعلاميوها و متحدثوها يملأون الفضائيات زعيقا و ضجيجا و لما بانت لهم الهزيمة تواروا و اختفوا و لاذوا بالصمت !!

* عندما أعلن القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الإستنفار العام و دعا قوات الإحتياط للإلتحاق بالوحدات العسكرية و مراكز الإعداد كانت قحت تخذل و تتحدث عن أن الذين التحقوا بتلك هم من كتائب الظل التابعة للإسلاميين الذين يسعون للعودة إلى السلطة عبر بوابة الحرب بينما يعلم الجميع بأن الإسلاميين ما هم إلا جزء من مئات الآلاف من شباب و شيوخ الشعب السوداني الذين استجابوا للنداء !!

* عندما خرج القائد العام للقوات المسلحة من مقر القيادة التي كانوا يروجون بأنه محاصر بداخلها و لن يستطيع الخروج منها حيا بتعليمات حميدتي بعد أربعة أشهر و نيف من بداية الحرب و توجه إلى أمدرمان ثم إلى نهر النيل و منها إلى حاضرة ولاية البحر الأحمر مدينة بورتسودان التي يوجد بها المقر المؤقت للحكومة بدأت قيادات قحت مغازلته و أن الفرصة قد واتته ليضع حداً للحرب و يهيئ الظروف لدخول البلاد في عملية سياسية جديدة و أخذوا يروجون بأن خروجه تم بصفقة و أنه سيتوجه إلى جدة للتوقيع على إتفاق لوقف الحرب مع جناحها العسكري المليشيا المتمردة !!

* و عندما تسربت بعض المعلومات عن نية مجلس السيادة تشكيل حكومة كفاءات أو حكومة تصريف أعمال مستقلة لإدارة البلاد خلال المرحلة القادمة بدأت قيادات قحت في التباكي على الوطن الذي سيتشظى و يصبح حاله كحال ليبيا ، و قد كانوا هم و قبل أسابيع قليلة يتآمرون مع الرئيس الكيني وليام روتو و رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد لتشكيل (حكومة منفى) يكون مقرها نيروبي ، بل إن بعضهم دعا المليشيا صراحة لتشكيل حكومة في المناطق التي تسيطر عليها !!

و هكذا ستتوالى في الأيام المقبلة شواهد و علامات النفاق السياسي لقحت كأسوأ ظاهرة تشهدها بلادنا منذ أن نالت إستقلالها !!
أرأيتم أسوأ و اوضع من ذلك ؟
لا أعتقد .
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
28 أغسطس 2023


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى