السياسة السودانية

مكي المغربي يكتب.. مدينة المليون مهندس

[ad_1]

منذ ان اتخذت قرارا أن أبحث عن حلول تقنية بنفسي للمشاكل التي توجهني في المواقع الالكترونية التي اديرها وبدأت أمحو في “الأمية البرمجية” الخاصة بي، إلا وتيقنت أن الهنود بلغوا القمة في هذا المجال ورفعوا رايتهم فوقها.
السبب أنني اعتمدت على شرح الحلول في يوتيوب، فوجدت عددهم كبير جدا في عرض الحلول، وكلما صارت المشكلة عويصة تتساقط الجنسيات الاخرى، بل تذهب اللغة الإنجليزية مع الريح، وتجد فيديو لمتخصص هندي يتحدث باللغة الهندية ويشرح كيفية حل المشكلة بثلاثة طرق، فالمنافسة أصلا انحصرت بين الهنود.
كان الفيديو لمدة نصف ساعة وانا لا أعلم من الهندية ولا حرفا واحدا ولكنني اتابع شرحه واحاكيه فيما يفعله في الشاشة خطوة بخطوة، ومع التركيز الشديد والتطبيق الحرفي رآني ذات مرة زميلي الكيني وتوهم أنني اتحدث الهندية وعرفني على هذا الاساس أمام بروفيسور هندي ودخل معي الرجل في حديث لم افهم منه شيء، فأكملته بالضحكات وهز الرأس مثلهم، ثم أستوضحت صديقي واخبرني عن سبب توهمه، وهو متابعتي فيديوهات الهنود المتخصصة جدا.
عندما بدأت أتعرف على التجربة الهندية عبر الشركات الهندية العاملة في افريقيا وسمعت عن بنغالور “وادي سيليكون” الهندي كنت واثقا بسبب التجربة الحاسوبية التي خضتها أنها فعلا ستكون نسخة وربما أفضل من “وادي سيليكون” الأمريكية في كلفورنيا، وهي منطقة إدارية جنوبي سان فرانسيسكو على شكل حدوة حصان ضيقة وفيها مدن سان خوسيه وستانفورد وكرلا وغيرها، وفيها رئاسات شركات برمجيات عملاقة من قوقل الى زووم.
وهي عاصمة تصنيع الرقائق الالكترونية الأولى في العالم.
مدينة بنغالور في الهند فيها ميزات أخرى، الطقس المعتدل الجالب للسياحة، العلاج والدواء، وتشتهر جدا في طب العظام والكلى، ولكن فيها اكبر تعداد للمهندسين في مدينة واحدة في العالم، وهو مليون مهندس يعمل بالهندسة ويحمل رقما هندسيا ساريا، وليس مجرد خريج هندسة ويعمل تاجر مثلا.
في الحقيقة من هؤلاء المليون يوجد ربعهم على الاقل مخترعون، بمعنى أنهم يطورون البرامج والتطبيقات ويكتشفون عيوبها وثغراتها، والاهم من ذلك أن هنالك 15 مدينة تكنولوجية تقدم هذه الحلول والبرمجيات باسعار وجودة لا تنافسها حتى منطقة وادي سيليكون صاحبة الاسم الاصلي.
لمزيد من الشرح، البرمجيات والحلول تدخل في اي صناعة، لو هنالك مثلا مصنع غسالات ملابس في جنوب أفريقيا، هنالك برمجة محددة للغسالة، ويجب شراءها وتسجيلها من شركة معتمدة.
الحل هو رحلة الى بنغالور لتوقيع عقد مع أي شركة ذات اسم فيها، وبعدها تمتلك التطبيق، وتمتلك الضمان لو ظهرت عيوب، وتستطيع تطوير التطبيق لو تم تحديث الصناعة.
البرمجيات ليست اجهزة حواسيب وموبايلات فقط، بل صارت تدخل في اي شيء.
المصعد الذي تستقله فيه برمجة معقدة أكثر من اجهزة الانذار في بنك، والبرمجيات الخاصة بالمصاعد لها شركات متخصصة.
هل علمتم الان ماذا يعمل المليون مهندس في بانغالور.
مدينة الناتح المحلي فيها 45 مليار دولار، والصادرات 6 مليار دولار، نصفها تقريبا من انتاج شركات هندسية، ربعها برمجيات مبثوثة في العالم، بما في ذلك الاسواق الأوربية.
فيها حدائق وبساتين وآثار، فقد تقلبت بين الامبراطوريات، والغزاة، والاستعمار، الى العهد الوطني الهندي، الى الطفرة التكنولوجية التي تذكرني بالمثل السوداني “رفيقك كان سبقك بالزراعة اسبقوا بالحش”.
احتجز الغربيون العالم الثالث في انتاج المواد الخام فقط واستأثروا بالصناعة، وسبقوا الناس فيها ثم ظهر التنافس الدولي الذي خاضته آسيا مع الغرب.
الهند خاضت معهم غمار المنافسة ولكنها سبقتهم باللمسة السحرية وهي صناعة البرمجيات، وكما تقول الأغنية “بسد الساحة وبشيل مفتاحا، جناين الباوقة الذيذ تفاحا”.

صحيفة الانتباهة

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى