الرياضة العالمية

غاري لينيكر اللاعب المميز الذي أصبح وجه الرياضة وكرة القدم على شبكة بي بي سي


نشرت في:

شهدت بريطانيا في الأيام الأخيرة ضجة إعلامية وسياسية غير مسبوقة طالت عدة جوانب ومجالات، من كرة القدم إلى الهجرة مرورا بأخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام. وتَشارك في صناعة أطوارها مسؤولو بي بي سي وغاري لينيكر، نجم المنتخب الإنكليزي في ثمانينيات القرن الماضي والذي أصبح وجه الرياضة وكرة القدم على الشبكة العريقة. فمن هو غاري لينيكر؟ ولماذا أثار تعليق عمله إثر تغريدة بشأن سياسة الهجرة جدلا واسعا في البلاد؟

عادت الحياة في شبكة بي بي سي البريطانية إلى مجراها الطبيعي، لكن مخلفات العاصفة التي أثارها غاري لينيكر بمجرد تغريدة حول خطة الحكومة البريطانية الجديدة بشأن الهجرة غير الشرعية ستكون لها تبعات وامتدادات في السنوات المقبلة.

فقد تسببت القضية بضجة إعلامية وسياسية كبيرة في البلاد، وطالت مجالات متعددة مثل حرية التعبير وأخلاقيات مهنة الصحافة، فضلا عن تدخل السلطة التنفيذية في أمور المؤسسات الإعلامية أو حتى سياسة الهجرة في حد ذاتها.   

انطلق كل شيء في 10 مارس/آذار عندما أعلنت شبكة بي بي سي تعليق عمل غاري لينيكر، أبرز مقدميها وصاحب برنامج (match of the day) منذ عام 1999.

غاري لينيكر يعود لـ بي بي سي بعد توقيفه لبضعة أيام على خلفية تغريدة منددة بسياسة الحكومة البريطانية بشأن المهاجرين


غاري لينيكر يعود لـ بي بي سي

على خلفية تغريدة نشرها اللاعب الدولي السابق على حسابه في تويتر تعليقا على خطة حكومة ريشي سوناك بشأن المهاجرين غير الشرعيين، والذين يصلون للمملكة عبر بحر المانش.

وينص مشروع القانون على ترحيلهم السريع ومنعهم من طلب اللجوء وبالتالي الاستقرار في المملكة المتحدة أو التقدم بطلب للحصول على الجنسية البريطانية.

كتب هداف مونديال المكسيك 1986 في تغريدته أن بلاده تستقبل لاجئين “أقل بكثير من الدول الأوروبية الكبرى الأخرى”، واصفا سياسة الحكومة بأنها “قاسية بدرجة لا يمكن قياسها”. وأضاف أنها جاءت بلغة “لا تختلف عن تلك التي استخدمتها ألمانيا في الثلاثينيات”. وهذا الشق من النص هو ما أثار غضب المحافظين وسخط بعض أعضاء الحكومة والنواب، لا سيما أن مقدم “مباراة اليوم” يتقاضى أعلى راتب بين مقدمي البرامج الرياضية والمعلقين في هيئة الإذاعة البريطانية الممولة من القطاع العام براتب سنوي قدره 1,35 مليون جنيه إسترليني (1,60 مليون دولار).

غاري لينيكر انتصر على بي بي سي


غاري لينكر انتصر على بي بي سي

وسارعت إدارة بي بي سي إلى تعليق عمله بسبب “انتهاك إرشادات” الشبكة، مضيفة أنه يجب عليه تجنب الانحياز في القضايا السياسية”.

لكن، ونظرا لشخصيته التي تحظى بشبه إجماع، “لا يمكن لبي بي سي أن تستغني عنه ولا لمنافساتها أن تنافس برنامجه” وفقا للصحافي في فرانس24 بنجامان دودمان. وما يعقد مهمة منتقدي لينيكر، فإن الأخير متعامل مستقل. وبالتالي، فإن دليل الموظفين، والذي ينص على ضرورة التزام الحياد عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لا يطبق عليه.

كما أنه حظي بدعم واسع من زملائه في بي بي سي وبتضامن غير مسبوق في أوساط الرياضة، وظهرت لافتات في ملاعب الدوري الإنكليزي السبت والأحد كتب فيها “نريد لينيكر رئيسا للوزراء”. وبالتالي، سارعت إدارة الهيئة البريطانية إلى إعادته مطلع الأسبوع، واعتذرت عن “سوء الفهم” الناتج عن غموض دليل استخدام موظفيها للمساحات المتاحة لهم على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي. وتعهدت بمراجعة هذا الدليل.

وحسب منصة “العرب في بريطانيا”، فإن المدير العام السابق لشبكة بي بي سي جريج جيك اعتبر أن غاري لينيكر “تغلب على بي بي سي بخمسة أهداف بدون رد”، وأن “الحكومة حاولت مصادرة رأي لينيكر بحرمانه من تقديم برنامجه على بي بي سي، ما سيشوّه سمعة الإذاعة البريطانية المشهورة”.

تضامن الإعلام البريطاني مع غاري لينيكر ضد بي بي سي


تضامن الإعلام البريطاني مع غاري لينكر ضد بي بي سي

من جانبه، رأى الصحافي في فرانس24 بنجامان دودمان أن “عددا كبيرا من البريطانيين اعتبروا القضية مساسا بحرية التعبير”، وأضاف أن “الكثير يتهم المحافظين بمحاولة زعزعة استقرار هيئة الإذاعة البريطانية المحترمة”. وقال: “لا يتفق الجميع في بريطانيا مع تغريدة لينيكر، لكن الأخير هو من دون شك أكثر اللاعبين شعبية” في البلاد، فهو أنيق وبشوش ولديه أخلاق فضيلة.. وهو الذي هنأ دييغو مارادونا [إثر فوز الأرجنتين على إنكلترا في ربع نهائي مونديال 1986 بالمكسيك] رغم أنه سجل هدفا بيده في مرمى الإنكليز، وذهب يواسي زميله بول غاسكوني عقب خسارة منتخب الأسود الثلاثة أمام ألمانيا في نصف نهائي مونديال 1990 بإيطاليا، وقال يومها إن كرة القدم رياضة يتنافس فيها 22 لاعبا وفي الأخير تفوز ألمانيا دائما…”.

كان لينيكر مهاجما مميزا وشخصا محبوبا لدى الزميل والمنافس على حد سواء، فهو ضمن زمرة من اللاعبين الذين لم يتلقوا أي بطاقة صفراء خلال مسيرتهم. وهو منذ عام 1999 مقدما تلفزيونيا شعبيا يكتب ويعلق في أمور المجتمع من دون تستر.

سيكون “غاري” السبت المقبل كعادته منذ نحو ثلاثين عاما في استوديو “مباراة اليوم”، معلقا مع زملائه على إحدى مواجهات الدوري الإنكليزي، وهو يدرك أن حرية التعبير في بريطانيا لا تزال بخير.

علاوة مزياني




المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى