السياسة السودانية

زهير السراج يكتب: إلى أين يسير السودان ؟!

* باسم الله أستأنف اليوم كتابة عمودي اليومي بعد فترة توقف استمرت ثلاثة اشهر ونصف لظروف خارجة عن الإرادة، شاكرا في البداية كل من انزعج وسأل وطالب بالعودة.

* وأجد نفسي أبدأ بالبيان الأخير الذي صدر عن مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة (في الحادي عشر من الشهر الجاري)ــ وبدا كرد مباشر على اتهام نائب رئيس المجلس السيادي وقائد قوات الدعم السريع الجنرال (حميدتي ) للبعض في حديث امام قواته بمنطقة كرري شمال مدينة ام درمان، بالتمسك بالسلطة، قاصد بذلك (فيما يبدو) صديق الامس وعدو اليوم القائد العام للقوات المسلحة (الجنرال البرهان ) او قادة الجيش بشكل عام (رغم نفيه لوجود اى خلاف بين الجيش والدعم السريع )، قائلاً: “ما تسمعوا الكلام الفي الإعلام ده، نحن ما عندنا أي خلاف مع الجيش، ناس الجيش ديل إخوانا ونحن بنتقاسم معاهم النبقة .. ويا قوة لو أي واحد من ناس الجيش أداكم كف، أدوه خدكم الثاني”، مضيفا “لا يمكن أن نختلف مع الجيش، نحن خلافنا مع الناس المكنكشين في السلطة ديل”، فجاء بيان الناطق الرسمي للجيش متحدثا عن “إلتزام القوات المسلحة بمجريات العملية السياسية الجارية والتقيد الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الاطاري الذي يفضي الى توحيد المنظومة العسكرية وقيام حكومة بقيادة مدنية في ما تبقى من المرحلة الانتقالية لحين قيام الانتخابات في نهايتها” ..إلخ.

* يضيف البيان ” ان مزايدة البعض بمواقف القوات المسلحة وهى اول من بادر بالخروج من العملية السياسية، والحديث عن عدم رغبة قيادتها في اكمال مسيرة التغيير والتحول الديمقراطي، في محاولات مكشوفة للتكسب السياسي والاستعطاف وعرقلة مسيرة الانتقال، لن تنطلي على فطنة وذكاء الشعب ووعى ثوار وثائرات وشباب بلادنا، حراس ثورة الشعب ثورة ديسمبر المجيدة، ومن هذا المنطلق نؤكد لشعبنا أن قواته المسلحة ستبقى املا مستداما ومرتجى ورفيقا وفيا لاستكمال مسيرة الثورة”.

* وكان (حميدتي) قد تغزل في حديثه امام قواته عن الديمقراطية والتحول المدني، قائلا: “يا جماعة الديمقراطية سمحة وبتنفعكم انتو ديل، والعالم كله مع الديمقراطية، الأمريكان والأوروبيون وحتى ناس الخليج المشينا ليهم، كلهم قالوا لينا شكلو حكومتكم المدنية حتى ينصلح الحال وتتحسّن الأوضاع، ومن غير حكومة مدنية مافي أي دعم دولي ومافي أي مشاريع نهضة تنموية للسودان، ومافي إعفاء للديون”. (إنتهى).

* وأقولها بكل صراحة وبدون مواربة، ان (البرهان وحميدتي) أو بصورة أكثر شمولا .. أن العسكر لن يتخلوا عن السلطة بإرادتهم، وأن ما جاء في بيان الناطق الرسمي للقوات المسلحة عن الإلتزام بمجريات العملية السياسية ..إلخ، والغزل المكشوف لحميدتي في الديمقراطية، لا يخرج بأى حال من الاحوال من إطار الصراع على السلطة وحماية المصالح والخضوع لارادة القوى المحلية والإقليمية والدولية، والمسرحية التي ظلت تدور على المسرح منذ (سقوط) النظام البائد في 11 ابريل 2019 وحتى اليوم، بكل فصولها وتفاصيلها المتشابهة والمتناقضة التي لا يعرف لها احد نهاية، فضلا عن الصراع الحاد بين القوى المدنية والمسافات الشاسعة التي تفصل بينها بما ينسف الأمل في حدوث أى تقارب بينها يفضي الى اتفاق او حتى تفاهم يمكن أن يكون أساسا لعملية سياسية تضع حدا للأزمة العميقة للمشهد السوداني، بكل أطرافه وأجنحته، خاصة مع إنشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية وصراع المصالح الدولية وقناعة معظم الدول الكبرى بأن وجود العسكر في السلطة في السودان أو كطرف أصيل من أطراف السلطة تحت ظل حالة التشظي التي يعيشها وانتشار المليشيات والسلاح وانعدام الامن داخليا واقليميا، أمر لا بد منه في الوقت الحالي لضمان عدم انهيار الاوضاع والدخول في متاهة جديدة، تضاف للمتاهات الموجودة في الإقليم!

* غير أن ذلك لا يعني بأي حال من الاحوال الاستسلام للوضع الراهن واليأس من إمكانية التحرك الى الامام والانتقال الى وضع أكثر أمانا واستقراراً خاصة مع إستمرار جذوة الثورة متقدة وتطورها نوعيا من يوم لآخر في شكل نقابات مهنية ولجان أحياء وغيرها .. وهو ما سنتناوله في الأيام القادمة إن شاء الله.

صحيفة الجريدة


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى