السياسة السودانية

بإنقطاع الكهرباء يتحول حينا الى حالة من القروية الضاجة بالمشاهد

#سماعين
بإنقطاع الكهرباء يتحول حينا الى حالة من القروية الضاجة بالمشاهد تلتقط أذناي سيل لعنات . أظنها من عمنا (الحاج) . ألتقط جلبة تجهيزات مجلس له قبالة الطريق . أستمع وأنا أضحك لإنفعالات جارتنا (صفية) فمع جلبة سقوط أواني أوقن أن اللحظة صادفتها في المطبخ . تنفجر في مشاجرة صوتية مع أبنها . أسمع إرتجاج الباب فأدرك ان الصبي قد فر الى الشارع ! الذي حين أبلغه يستقلني نسيم ممراح . ألمح في خليط الظلمة تجمع أطفال يدبرون مشاجرة . حجار تتطاير وقبضات صغيرة ترتفع ! أزجرهم بقسوة صمتت جدلهم . للأمانة كنت أخشى على نفسي من شج رأس او إستقبال مصاب . ألزمهم بالهدوء ثم أجلس على جانب تل قائم من رمل . هو موقع مناسب لإستقبال التحايا والتلصص على أشباح الأجساد التي تخرج تحت خيوط السواد . صبيات يقصدن فيما أظن متجر مجاور يبيع زيوت إجلاء الوجه ومحسنات الملامح . تديره سيدة عجوز ذات ملمح جمال لم ينزوي . ألمح صاحب الدكان يتمغي قرب (قدرة) الفول يمارس فضوله المعتاد في إرشاد السائلين عن جار او مناسبة . أضحك وهو يرسل أسئلته الاستخبارية التي يبدأها بسؤال عاوزين منو شنو ؟ واتبسم كممسوس وهو يمنح السائل خيارات خاصة إن كانت مناسبة فالرجل نسابة . يغوص مع التائه عن جذور من يطلبونه . حلتنا دي شوايقة القرير . تمش شارعين دا فريق فلاتة . حلفاويين مافي هنا ! الهبانية المعانا من ناس شركيلا ! قلت لنفسي يبدو ان جاري كان يعمل بالجوازات والجنسية قبل لزومه عروض التجارة
2
أنهض انفض بنطالي . يعوي كلب في الشارع الأمامي . يشدني لاول الطريق مشاجرة رجالية . سائق ركشة وقائد بوكس لبن ! الظلام والسكون والضجر يجذب خلق عظيمة . لدرجة اني حين وصلت لم أمايز ما الحدث وأصل الحادث من كثافة الروايات . أكتشفت ان غالب الحضور من مقترحاتهم خليط من المحامين ورجال المرور ومسرح حوادث الطرق . لمحت ناصر السمين ! تبنى المسألة وفق طقوسه المعتادة في خطبه عن ضرر (العوض) مع تعنيف للشاب سائق الركشة بأنه كثير القرصنة ودائم المشاكل خاصة في الأمسيات ثم قرع صاحب البوكس بإعتبار ان (ختراته) لا تعمل وأضاف تشنيعة أخرى بأنه يغش في اللبن ! كنت اتوسط المشهد أمس جانب الحديد المهشم واتابع النقاشات غير اني فؤجئت بتطاير اللكمات وإختناقات الاعناق من غير الجانيين ! فزعت وانا اتشدد في إخفاء هاتفي . مع مسارعة في الإبتعاد اكتشفت ان بطبعي رقة لا تحب العنف . لذا ارتبعت حينما صرخ طفل و سمعت فرقعة مثل كسر عظم . كنت اشد خطاي مبتعدا وعجوز يلاحقني بالسؤال انتو ما تضربو لتلات تسعات !
3
خلوت أخيرا لصانع حليب جاهز . نثر مقاعده عند (التقاطع) . فلا زلت من قلة تلزم (الحليب) المصنوع بمهارة وجودة عن محلوب بقرة كريمة . أميز النكهة التي تخفى مرات او تدعم بإضافات الفانيلا ! كجاذب مديني .
ولسبب ما ربما يتعلق بالكهرباء الغائبة لاحظت ان (سامعين ) البائع كان مكفهر الوجه . اعرف هذا حينما ارى ذاك العرق ينفر على جبهته . قلت له (نظام كل يوم) أضفت في لحظة شرود ذهني (بالله بردو شوية) ! قال وهو يملأ الكوب . يضيف تلك الجرعة من السائل ليتحاشى التطفيف قال بضيق وهو يضع الكوب لدرجة تناثره .قال بضجر ..خلي يبرد قدامك ! أنفخو ليك يعني ؟ دي حركات جديدة كمان في يومنا الزفت دا ! كنت اتلقى سياطه في صمت حكيم . فلو جادلت لدفقه حتما على صلعتي . مسحت شدقي في سكون واكتفيت بقول مهذب بصوت نانسي ..شكرا !
لحظتها إنتبهت للهاتف . لسر غريب تلقيت خمس إتصالات من أشخاص يلاحقوني في مسائل ما . (زايغ منهم) طالعت قائمة المكالمات الفائتة . أخذت الرشفة الأولى لسعتني الحرارة . أظنها احدثت بثرة بلساني . سعلت ! قلت عارف يا سماعين الليلة دي شكلها فعلا زفت . قال أسمع .. اللبن زاد . وانا حاقفل ! 😂

محمد حامد جمعة

محمد حامد جمعة
محمد حامد جمعة نوار


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى