السياسة السودانية

🔴 دكتور ياسر أبّشر يكتب: ♦️ما لم يقله علي كرتي

[ad_1]

وهم داخلون على المطعم الذي سيقيمون فيه الاحتفال بمناسبة تخرج ابنهم من الجامعة، وجد السفير الإسلامي طبيباً من معارفه وأسرته في الانتظار لتناول وجبة في نفس المطعم، فدعاهم لمشاركتهم الاحتفال فاستجابوا. وكعادة السودانيين تحدثوا في السياسة، وكانت بنت الطبيب المتخرجة حديثاً من كلية الطب أكثر المتحدثين حماسة عن (الثورة) وذماً للإسلاميين بطريقة اليساريين المحتشدة بالمبالغات في تصوير الإسلاميين ككائنات يتعلم الشيطان نفسه أصول الشر منهم.
ولما قال السفير الإسلامي للشابة المتحمسة إنه كوز وأن خالتها هذه (زوجته) كوزة، أوشكت البنت أن تطير من المائدة وقد تملكها رُعبٌ بَيّنٌ، مما اضطره أن يقول لها ” قولي باسم الله يا بنتي نحنا ما كدا…….. نحنا ناس عاديين زي أمك وأبوك ديل”.
ولم تكن تلك الفتاة بِدَعاً عن أترابها في تلك الفترة. ولم يكن ما كانت تردده (وما يردده جيلها) عن الإسلاميين نتاج تفكيرها المستقل العفوي. لم يكن الأمر كذلك بشهادة شركة كمبردج أناليتكا التي اعترفت أنها عملت في صياغة عقل الشباب السوداني، وتغيير الرأي العام السوداني عبر ضخ ملايين رسائل السوشيال ميديا بما يكفي لتنفير الناس من الإسلاميين وتبغيضهم فيهم، بتصويرهم كلصوص أكلوا مال الشعب وأثروا على حسابه وفصلوا الجنوب ومارسوا المجازر في دارفور، واستأثروا بالسلطة وحدهم واضطهدوا من سواهم.
عمل الضخ الإعلامي الكثيف على التغطية على مشاركة كل الأحزاب السودانيين في نظام الانقاذ، بما في ذلك مشاركة الشيوعيين ياسر عرمان وفاروق أبو عيسى وسليمان حامد في برلمان الإنقاذ. وأخفى الضخ الإعلامي الكثيف توقيع كل الأحزاب السودانية المعارضة للإنقاذ على اتفاق اسمرا في 1995، الذي أعطوا بموجبه الجنوب حق تقرير المصير بل عملوا بجانب حركة قرنق بمدها بكوادر قاتلت بجانبها (حزب الأمة والشيوعي) ودعموها سياسياُ (بما في ذلك الميرغني وحزبه) ودعموها إعلامياً (ياسر عرمان مذيع في إذاعة قرنق التي تبث من الحبشة). وعرفوا قرنق بالدول العربية حتى فتحت له مصر مكتباً بالقاهرة، ودعمته السعودية بسفينة مكتظة بالعتاد والسلاح والأغذية والدواء رست في ميناء ممبسا. جرت التعمية على كل هذا في الإعلام المهيِّء (للثورة).
وفي دارفور قامت الحركات المسلحة بتدمير مرافق الكهرباء والماء والاتصالات ونهبت ممتلكات المواطنين في أسواق البلدات التي دخلتها وقتلت المدنيين العُزّل بالآلاف، ونفذت نصيحة جون قرنق لها بخلق (أزمة إنسانية) ليلتفت الغرب لها. ولكن الإعلام المكلف (بصناعة الثورة) لم يُشر لشيء من هذا، بل ردد أكذوبة (الإبادة الجماعية) التي لم يقم عليها دليل بمقبرة جماعية واحدة. وهكذا رددنا كالببغاوات: “يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور “!!!
لم يذكر كرتي كل هذا، رغم أنه أشار إلى أنه سيتحدث عن العامل الخارجي ، وودتُ لو أن الأستاذ الألمعي الطاهر التوم أعطاه سانحةً ليتحدث لما أعرب عن رغبته في مناقشته .
ولم يذكر كرتي – في زحمة المحاور التي أغرقها فيه الطاهر التوم _أن مئات الشباب من أحزاب ما يعرف بأربعة طويلة جندتهم السفارات وعَهِدت بتدريبهم للتحشيد والتظاهر وتصميم رسائل التواصل الاجتماعي لمراكز أنفقت عليها دول غربية والإمارات في نيروبي ولندن وباريس وجنوب افريقيا ودبي والقاهرة.
شهد بهذا كاميرون هدسون في تغريدات موجودة اليوم بالإنترنت بل قال إن الدول الغربية أنفقت المليارات. وشهدت به نائبة مدير المعونة الأمريكية. وقال اليهودي الإسرائيلي آري بن ميناشي الذي كان مستشار الأمن القومي لرئيس وزراء إسرائيل بالحرف ” We have caused the change in Sudan“ نحن من حقق التغيير في السودان !! وشهادته موجودة في يوتيوب اليوم. وشهدنا السفراء وممثلي المنظمات يجوسون خلال الاعتصام، وشهدنا سيارات مصانع أسامة داوود وحجّار ووجدي ميرغني وهي تُنزل المؤن للآلاف لشهور. ولسنا من السذاجة لنقتنع أن كل هذا كان من جيوبهم حُبَاً في الوطن. وساذجٌ من يظن أن أموال تبرعات السودانيين هي التي موّلت الاعتصام والمظاهرات، فتلك أموال أكل جامعوها أكثرها، وشاهدنا دكتور مسرّة وهي تتهم هباني بذلك.
كنت أتمنى أن يشير كرتي إلى أن ممثل الأمم المتحدة ڤولكر خرق قواعد ومبادئ البعثات الدولية الثلاثة وهي الحياد Neutrality والنزاهة Integrity وإشراك جميع الأطراف Inclusivity، وأنه ظل منحازاً لما يِسمى أربعة طويلة، وأنه بهذا يهدد استقرار البلاد، ومن ثم ينادي بطرده. وليت الاستاذ الطاهر ذكّره بهذا وهو من قال أنه يُزمِع مناقشته .
كان بإمكان كرتي أن يقول لأولاد زايد: كُفّوا عنّا أذاكم، فنحن (من نَفَرٍ عمّروا الأرض حيثما ما قطنوا) ومن بين البلاد التي عمروها أرضكم، وأنني أنا شخصياً من بين أولئك النفر. كان بإمكانه أن يقول لهم إننا حين افتتحنا جامعتنا الأولى كنتم أنتم تتبعون أذناب الإبل وتشربون أبوالها، فلا تفسدوا علينا بيئتنا السياسية بدراهم تمنحونها أراذلنا، ثم تعادوننا نحن الإسلاميين، ونحن لا نكنُّ لكم بغضاً ولا كراهية. لم يقل كرتي لغرمائه السودانيين إنكم لستم أكفاءنا، لا من حيث التأهيل العلمي ولا الالتزام الخلقي ولا الدراية بفنون الحكم والإحاطة بمعطيات الواقع السياسي السوداني. ولم يقل لهم إن حملات الكذب وادعائكم زوراً سرقتنا لمليارات الدولارات عَرّتكم أمام الجماهير وأعادت ثقة الناس فينا، فالتفتوا لإنجازاتنا ونجاحاتنا في كافة مرافق الحياة، وأنكم بكذبكم جندتم الناس لصفنا، وذهبت حملات التضليل والزور أدراج الرياح. وأنكم كلما تماديتم في الكذب والتلفيق ربحنا نحن.
كان الأولى بكرتي أن يقول لأحزاب قحت إنكم أفسدتم بصورة لم ير السودان لها مثيلاً، وأن انحطاطكم بلغ درجة سرقة الشاشات وثرامس الشاي ومراوح مكاتب الشركات. وأنكم تكذبون حين تزعمون أنكم ضدنا لا ضد الدين. فقد شرّعتم كل ما حرم الله. وهذا دين الله. وأنكم شرعتم للواط والسحاق وكل ذميم مبتذل فاستحوا.
نَسِيَ الرجل أن يقول لهم: كفاكم خِزياً أنكم أفسدتم التعليم في المدارس والجامعات التي بنيناها من عرق الشعب حتى هاجر ألوف الطلاب لمصر وتركيا بحثاً عن التعليم، وقيسوا عليها بقية المرافق الخدمية التي دمرتموها.
لا شك أن الناس لاحظوا الفرق بين مراهقي “ستصرخون” ورزانة Decency رجل عميق يتحدث بثقة ومعرفة وعقل.
♦️دكتور ياسر أبّشر
———————————
28 مايو 2022

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى