السياسة السودانية

إغلاق الموانئ .. تهديد أم تدمير للاقتصاد؟

حذر خبراء اقتصاديون وسياسيون من تهديد المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات بشأن إغلاق مينائي تصدير البترول وبقية المؤسسات، وقالوا إن إغلاقها ينعكس بصورة سالبة على الاقتصاد السوداني، مضيفين بأن هذا يؤدي إلى انهيار عاجل وسريع للمنظومة الاقتصادية والأمنية في السودان، مشيرين إلى أن مجلس البجا وعمودياته أرادوا الابتعاد عن إغلاق ميناء بورتسودان والطرق المؤدية له، مبررين ذلك بأن تجربة الإغلاق السابقة كانت كارثية على السودان وعلى مواطني البحر الأحمر، لافتين إلى أنهم مازالوا يعانون من ضيق العيش بسبب عدم رجوع الميناء إلى طاقته الأولى.

أصل الحكاية
وكان مجلس نظارات وعموديات البجا المستقلة قد أعلن عن خطوة تصعيدية جديدة بعد قرار إغلاق الشركة السودانية للموارد المعدنية، وقال إعلام مجلس نظارات البجا، في تعميمٍ صحفي، إن الخطوة التصعيدية القادمة ستشمل إغلاق مينائي تصدير بترول السودان وجنوب السودان بشائر 1و2″.
يذكر بأن مجلس البجا يطالب بإقالة والي ولاية البحر الأحمر ، وإعلان منبر تفاوضي تنفيذاً لمقررات صادرة عن مؤتمر عقده سابقاً في مدينة سنكات، وتمسكه بإلغاء مسار شرق السودان في اتّفاقية جوبا للسلام، وإعلان منبر تفاوضي تنفيذاً لمقررات مؤتمر “سنكات” المنعقد قبل أشهر بمشاركة مسؤولين في السلطة الانتقالية، بجانب مطالب خدمية وتنموية، ووقف التعيينات وتصديقات الأراضي وغيرها.

انفجار أوضاع
وقال الباحث والمحلل الاقتصادي د.فاتح عثمان إن إقليم شرق السودان وولاية البحر الأحمر، على وجه الخصوص، يعاني من أوضاع انسداد سياسي، موضحاً أن جزءًا منه يعود لاتفاقية جوبا للسلام في جزئها المخصص لشرق السودان، وجزءٍ منه بسبب الاضطرابات القبلية التي نتج عنها صراع دموي بين النوبة والبني عامر، إضافة إلى التوترات الجهوية التي طالت معظم مؤسسات الدولة السودانية في البحر الأحمر، مضيفاً أنها جعلت إدارة العمل بالغة الصعوبة، وحذر من انفجار الأوضاع السياسية والقبلية، وقال في حديثه ل”اليوم التالي” إنها تنذر بالخطر ويمكن أن تنفجر في أي لحظة.

عمل مضر
وأوضح د. فاتح بأن مجلس نظارات وعموديات البجا المستقلة رفض بقاء والي البحر الأحمر في منصبه، وطلب من الحكومة الاتحادية إقالته فوراً وأعطاها مهلة 72 ساعة لإنهاء عمل الوالي، وأضاف.. نظم اعتصام أمام مقر الحكم في ولاية البحر الأحمر وبعد انتهاء المهلة طور الاعتصام ليطال الشركة السودانية للمعادن ومعها كل شركات التعدين الأخرى العاملة في الولاية، وتابع: ويهدد المجلس بإغلاق ميناء بشائر لتصدير بترول جنوب السودان، مبيناً أنه عملٌ يعرف المجلس بأنه مضر بشدة بكل من دولتي السودان وجنوب السودان.

تجربة كارثية
ويشير إلى أنه من الواضح أن مجلس نظارات وعموديات البجا المستقلة أراد الابتعاد عن إغلاق ميناء بورتسودان والطرق المؤدية إليه، وبرر ذلك لأن تجربة الإغلاق السابقة كانت كارثية على السودان وعلى الميناء وعلى مواطني ولاية البحر الأحمر الذين لا يزالون يعانون من ضيق العيش بسبب عدم رجوع الميناء لطاقته قبل الإغلاق.

إشكالات ومنازعات
وفي السياق ذاته.. يقول الأكاديمي والمحلل السياسي د. عثمان أبو المجد إن ما يحدث في شرق السودان من إشكالات ومنازعات على مستوى المجموعات القبلية بين إقليم الشرق والحكومة المركزية يعطي إشارات سلبية، مضيفاً أنها تتمثل في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني، موضحاً أن قرارات المجلس الأعلى لنظارات والعموديات المستقلة بشرق السودان البجا أنه يتمثل في إطار التصعيد، معتقداً أن المجلس الأعلى بقيادة الناظر ترك لم يأت بجديد، وقال في حديثه ل”اليوم التالي” إن هنالك احتجاجات واعتصامات من قبل، لافتاً إلى أن الحكومة المركزية وعدت بالجلوس وتذليل كل العقبات التي تؤدي إلى الفتنة وعدم الاستقرار في شرق السودان.

واجهة اقتصادية
ويعتقد أبو المجد أن المشكلة الأساسية تتمثل في اتفاق جوبا “مسار الشرق” ومطالبة بعض المجموعات في شرق السودان بإعادة سياق الاتفاقية، مبدياً أسفه بأن الحكومة المركزية وعدت ولم تفِ، قاطعاً بأن القرارات التصعيدية ماهي إلا نتاج للمشاكسات التي تحدث بين المركز وشرق السودان، وقال أبو المجد إن كل هذه الخطوات تنعكس بصورة سلبية على الوضع الاقتصادي والأمني في السودان، موضحاً أن بورتسودان كميناء رئيس للسودان تمثل واجهة اقتصادية لدعم الاقتصاد السوداني، مؤكداً أن أي تأثير في هذا الصدد يؤثر بصورة سالبة، وتابع: خاصة إذا كانت العملية تندرج في إغلاق الشركات التي تمثل المصدر الرئيس كشركة الموارد المعدنية وشركات التعدين والتهديد بإغلاق الموانئ التي تصدر البترول.

انهيار عاجل
ويعتقد أن المجموعات في شرق السودان استطاعت أن تصوب التهديدات في المفاصل الرئيسة للدولة، وهي التي تمثل العمود الفقري لدعم الاقتصاد السوداني، وحذر من أي تهديد لهذه المؤسسات، قائلاً إنها تنعكس بصورة سالبة كبيرة بالرغم من أن هنالك إشكالات في الاقتصاد السوداني، وأضاف.. هذا يؤدي إلى انهيار عاجل وسريع جداً للمنظومة الاقتصادية والأمنية في السودان، وطالب بضرورة أن تحاول الحكومة المركزية؛ ممثلة في المجلس السيادي؛ بالجلوس مع القيادات بشرق السودان والاستماع بصورة عقلانية بعيداً عن العنتريات؛ ليتم الوصول إلى رؤية مشتركة تؤدي إلى الحلول المرضية لهذه المجموعات، ومن ثم تنعكس على الاقتصاد والأمن سواء كان على مستوى شرق السودان أو على المستوى الكلي في السودان بصفة جامعة.

إيجاد حلول
ويرى أن المجلس الأعلى لنظارات البجا إذا نفذ تهديده سيكون تأثير ذلك على الاقتصاد سلبياً جداً، داعياً بضرورة الجلوس والتنازل عن كل ما يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وقال إن المجموعة التي من المفترض أن تجلس مع قيادات شرق السودان لابد أن تكون مجموعة حكيمة أو على رأسها قيادة حكيمة وواعية ومدركة بقضايا ومشاكل الشرق بصورة أكثر وضوحاً ورؤية؛ ليتم التمكن من إيجاد حلول بأسرع ما يمكن، تفادياً لتطور هذه الإشكالية.

قضايا عادلة
إلى ذلك قال الباحث بمركز التنوير المعرفي، سر الختم محمود، إن مجلس نظارات البجا أصبح بكل وضوح منبر البجا وأهل شرق السودان، موضحاً أن ذلك لما يتمتع به هذا المجلس من قوة في طرح القضايا والدفاع عنها، مضيفاً أن هذا المجلس نجح في إقناع البجا ونظاراتها بأنه أقوى المنابر للدفاع عن حقوقهم، مبيناً أنه في السابق دخل في إغلاق لمدخل البلاد للشرق، مطالباً بقضايا عادلة تمت الاستجابة لها، مؤكداً أن ذلك أكسبه أرضية صلبة بين مكونات البجا، وقال في حديثه ل”اليوم التالي” إنه استطاع أن يوسع نشاطه؛ فضم إليه بعض الولايات التي تشاركهم نفس الهموم.

حق العمل
ويشير محمود إلى أن الإغلاق أصبح من أكثر الوسائل التي يستجاب لها وسريعاً، معتقداً بأن مجلس النظارات جاد جداً في إغلاق الشركة؛ لأسباب يرى أنها موضوعية ومنطقية، ولفت إلى أن الأسباب منها – كما صرح الأمين العام – أن الشركة بعد تعيين إدارتها الجديدة درجت على إهمال ابناء المنطقة حقهم في العمل، منوهاً إلى أن هذا عرف متعارف عليه، وأضاف.. ما حدث أن هؤلاء الشباب اهملوا في حق العمل في هذه الشركات، بل أصبح التعيين يخص جهات معينة تمكنت مؤخراً من إدارة الشركة ومكنت آخرين متجوزين أهل المنطقة من قبائل البجا.

سرعة التنفيذ
ويرى أن الحكومة إذا لم تستجب لمطالب المجلس الأعلى لنظارات البجا، فالمعروف عن هذا المجلس سينفذ ما أعلن عنه من إغلاق للميناء أو أنابيب البترول، وأكد بأن المجلس توسع جداً وله وجود كبير في المواقع، لذلك لا يستبعد أن يصعد المجلس من خطواته القادمة، وأوضح بأن هذا المجلس منذ أن قام يعمل وفق خطط مدروسة ينفذها بدقة شديدة ومهنية عالية مما أكسبهم مهارات كسب الوقت؛ فقراراتهم تنفذ بسرعة شديدة.

الخرطوم : أمين محمد الأمين
صحيفة اليوم التالي


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى