السياسة السودانية

يوسف السندي يكتب.. ثورة ديسمبر الفاشلة

[ad_1]

نجح الاجداد والاباء في العبور بالفترتين الانتقاليتين بعد ثورة أكتوبر ١٩٦٤ وثورة أبريل ١٩٨٥ إلى الديمقراطية، ووصلوا بالثورتين إلى مرحلة الانتخابات الحرة النزيهة واقاموا بالفعل حكومتين ديمقراطيتين.

المفارقة ان بعض أجيال ثورة ديسمبر الحالية يشنون هجوما عنيفا ونقدا جارحا لهؤلاء الاجداد والاباء الذين اشعلوا الثورات وازاحوا الدكتاتوريات وعبرو بالفترات الانتقالية بسلام إلى الانتخابات، ويصفونهم بالفاشلين!!

الحقيقة ان هؤلاء الاجداد والاباء نجحوا، فيما تفشل فيه ثورة ديسمبر حتى الان، نجح الاجداد بينما ثوار ديسمبر مازالوا يقدمون خطوة ويؤخرون اخرى، مازلوا في مرحلة الاختلاف المقعد، مرحلة ( اللكلكة) العجيبة في مجرد اقامة وحدة ثورية تسقط انقلاب البرهان.

والعجيب ان بعض الثوار يظنون ان ثورة ديسمبر أعظم ثورة في تاريخ السودان!!! من أين جاءوا بهذا الزعم، لا اعلم. ما اعلمه، وحسب الوقائع الراهنة، فان ثورة ديسمبر حتى الآن فاشلة بامتياز.

هناك تضخيم كارثي للثورة، لما حدث فيها وما يجب أن يحدث في مستقبلها، هذا التضخيم جعل البعض يقارنها بالثورة المهدية ويدعي ان ثورة ديسمبر أعظم من الثورة المهدية، مع ان الثورة المهدية أوجدت السودان في زمان لم يكن يوجد فيه سودان بالمعنى المفهوم حاليا، ووحدت القبائل في كل بقاع السودان تحت راية سودانية واحدة بصورة لم تحدث من قبلها في التاريخ، وقاتلت وانتصرت على اعتى امبراطورية في ذلك الزمان واعلنت السودان دولة حرة مستقلة.

بينما ثورة ديسمبر اسقطت البشير ثم سقطت في اتون الخلافات العبثية وترنحت حتى سقطت في انقلاب البرهان، فلا هي أوجدت سودانا غير موجود ولا هزمت إمبراطورية استعمارية، فقط اسقطت دكتاتور سوداني كما فعلت ثورتي ابريل واكتوبر، فهي ثورة حتى الان لم تأت بجديد، بل تقصر عن قامة ثورتي ابريل واكتوبر بفشلها حتى اليوم في إنجاز التحول وصولا للانتخابات.

ركوب الراس والانكار لن يصلح الثورة، دعونا نسمي الامور بمسمياتها، منطقيا وواقعيا، ثورة ديسمبر حتى الآن افشل ثورة سودانية حديثا وقديما، ونفخ الذات الذي يغرق فيه البعض وتصوير ما حدث في ثورة ديسمبر بأنه استثنائي، هذا حديث مضلل، لن يقود الا إلى اغلاق البصر والبصائر وقيادة الثوار كالعمي في دروب التيه والضلال.

حان أوان الحقائق ومواجهة الذات الثورية، فالثورة تترنح وتسقط في جب عميق، بفعل الخلاف العبثي، والتمترس غير الموضوعي من كل فريق في منطقته، والادعاء الكاذب لدى كل طرف بقدرته منفردا على قيادة الثورة واسقاط الانقلاب.

اذا كانت قوى الحرية والتغيير قد قدمت نقدا ذاتيا لتجربتها في الحكم، فنحن في حوجة ماسة لتقديم نقد ذاتي لتجربة الثورة منذ بدايتها وحتى اليوم، وتصحيح الاخطاء وإيقاف ( النفخ في الفاضي) للثورة والثوار.

صحيفة النتحرير

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى