السياسة السودانية

من الذي قتل الصادق المهدي والطيب مصطفى؟!

_ رحم الله الشيخ الطيب مصطفى والإمام الصادق المهدي، في مثل هذا اليوم قبل أربع أعوام في مارس من العام 2019، رافقت الراحل العزيز الطيب مصطفى إلى منزل الفقيد الكبير الصادق المهدي في الملازمين بأمدرمان ، كانت الزيارة بهدف عرض مبادرة طرحها المهندس الطيب مصطفى لإخراج السودان من أزمته المشتعلة، وحراك الشارع وقتها في إستمرار دون أي مخرج مطروح، أو أفق منظور.

– لذلك رأى الراحل الطيب مصطفى أن يقصد بمبادرته السديدة حكيم السودان الصادق المهدي، وقد كان فقد تفهم الإمام الراحل المبادرة ورحب بها ترحيباً كبيراً ووعد بدراستها وعرضها على أجهزة حزبه ثم الرد علينا، ولن أبالغ إن قلت أن الإمام الصادق قد ألمح بتبني المبادرة لموضوعيتها ومعقوليتها وجرأتها في ذلك الوقت.

– احتوت المبادرة على تكوين حكومة انتقالية ومجلس رئاسي لمدة عامين يترأسها الرئيس البشير تشريفيا، ويشاركه في المجلس الرئاسي خمسة أعضاء بدرجة رئيس ممثلين للأقاليم المختلفة وقادة المعارضة والحركات المسلحة المتمردة وليست حركات (الكفاح المسلح) كما يدلعونها بغير وجه حق!

– كما نصت المبادرة على إنهاء الشرعية القائمة آنذاك بالتراضي، الشرعية التي كان يستمسك بها أهلها في المؤتمر الوطني وردفائهم من الأحزاب الأخرى كالقرآن حتى حدث ما حدث!

لقد عالجت مبادرة الطيب مصطفى الأزمة كليا ، حل الحكومة، وتشكيل حكومة تصريف أعمال، وجود البشير على رأس المجلس الانتقالي، وانصراف الأحزاب للتجهيز للانتخابات في العام 2022 بدلا عن العام 2020 ، وفك ارتباط الرئيس البشير بحزب المؤتمر الوطني ليكون رئيسا قومياً خلال العامين الانتقاليين.

-ذهبنا بالمبادرة لعدد من الشخصيات والأحزاب وكانت محل ترحيب وتقدير، إلا أن هذا الترحيب للأسف لم نجده من كثير من قادة المؤتمر الوطني الذين كانوا يرون في المبادرة سكينا ستقطع أوصال حكمهم وتبعدهم عن السلطة والحكم دون مبرر، وليتهم لم يروا ذلك!!
– لقد كان الشيخ الطيب مصطفى رحمه الله، ينظر بعين زرقاء اليمامة دون أدنى شك من عندي فسبحان الله، فقد صور لي أغلب المشهد الذي يحدث الآن قبل حدوثه بثلاثة أعوام، لقد صور لي سيناريو الفوضى الأمنية والأخلاقية والإقتصادية، وسيولة الدولة، وتعدد الملايش والانهيار الإقتصادي، واستهداف القوات المسلحة وإضعافها، والتدخل الخارجي، وتقسيم السودان، وتحكم العلمانيين وبطش اليسار المتطرف، ثم كان يردد دائما ويعرف ذلك كل من يعرف الطيب مصطفى أن السودان دولة هشة التكوين وأن ما يفرق السودانيين في حالة انهيار الدولة أكثر مما يجمعهم، يقول لي أن كل ذلك سيحدث إذا سقطت الدولة بمؤامرة وبغير اتفاق!! كنت استمع إلى ذلك وأنا أرى أنه قلق منه على السودان وأن الأمر ليس بهذا الحجم!
– لم تكن المبادرة محل إعجاب أو قبول أهل الحكومة في ذلك الوقت، وهو ما يثبت تجرد الراحل الطيب مصطفى وعدم إهتمامه برضى الحاكم والسلطان وإن جمعته معه القربى والدم، ولكنها كانت مبادرة نموذجية ولو أنها طبقت لمنعتنا من السقوط الكبير الذي نعيشه الآن، ولكن !!
– إن السودان الآن أحوج ما يكون لحكمة الصادق المهدي وتجرد الطيب مصطفى، بعد أن عصفت به العواصف وبعد أن أعتلى ظهره الصغار في كل شيء، حتى صارت بلادنا كالغابة ورجعنا مائة عام للوراء، وأنا غير معترض على الموت ولا على اليوم ولو كان هنالك خلود لكان لسيد البشر سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم، ولكن توقيت وطريقة رحيل الإمام الصادق المهدي والشيخ الطيب مصطفى حتى وإن كانت طبيعية في المنظور العادي تجعل من فرضية الاغتيال البطيء المدبر كما حدث مع كثير من القادة والزعماء والمؤثرين حول العالم حاضرة، فوجود الصادق والطيب كان سيقاوم التطبيع مع الكيان الصهيوني وسيمنع فوضى الدولة التي نعيشها الآن فكلاهما وإن اختلف الناس معهم سياسيا فلن يختلفوا في مبدئيتهم ووطنيتهم وخطوطهم الحمراء، سيكون السؤال مطروحا يوما ما، من الذي قتل الصادق والطيب!!

محمد أبوزيد كروم


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى