السياسة السودانية

كاتبة كويتية: حكايات تافهة ومعلومات مغلوطة ونميمة قميئة وأفكار سقيمة وإشاعات في كل المجالات

[ad_1]

إلى أي مدى تغلغل مشاهير التواصل الاجتماعي في حياتنا هذه الأيام؟

كيف أصبحوا تدريجيا جزءا لا يتجزأ من يوميات كثير من الأسر؟ لماذا صار ما يروجونه من سلع وأدوات وأزياء ومستحضرات تجميل وعطور وغيرها من الأمور الضرورية وغير الضرورية هي الرائجة، أو «الترند» وفقا للمصطلح الدارج في عوالمهم وحساباتهم بوسائل التواصل الاجتماعي؟

كيف أصبح أبناؤنا، بل كثير منا نحن الكبار، يشعر بالنقص الحقيقي، إن لم يلحق ذلك «الترند» فيشتري مما يروجونه من سلع ربما لا يحتاجها أحيانا وهو يعلم بل ومتأكد أنها لا تستحق السعر الذي يبيعها به هؤلاء مثلا؟

كيف تكونت لهؤلاء المشاهير، وأغلبهم من الفارغين نفسيا وثقافيا، كل هذه الهالة الكبيرة التي تجاوزوا فيها حتى المشاهير القدماء من الممثلين والمغنين والرياضيين على سبيل المثال؟ كيف أصبحوا مشاهير؟ وكيف استحقوا لقب «مؤثرين» فأمعنوا في تأثيرهم السلبي على كل من يتابعهم حتى من دون أن يشعروا بذلك أحيانا؟

ألوان وأضواء وحكايات تافهة ومعلومات مغلوطة ونميمة قميئة وأفكار سقيمة وإشاعات في كل المجالات، واستعراض للخصوصيات وأسرار البيوت، وتفاخر بالثروات والممتلكات والسفرات، وغيرها من أمور كانت الى سنوات قريبة جدا من المحرمات اجتماعيا فأصبحت بوجود هؤلاء «المشاهير» من ضرورات الحياة، يطمح إليها الشباب والفتيات، ويضغطون على أسرهم للوصول إليها. لقد أصبح هؤلاء المشاهير أكثر خطرا مما كنا نتوقعه في بدايات انتشار الظاهرة، بعد أن اكتشفوا أن شهرتهم التي هي رأس مالهم فيما هم عليه، تحتاج المزيد من الانكشاف أمام الآخرين، والمزيد من الانغماس في تصرفاتهم الغريبة في سبيل لفت نظر أكثر عدد ممكن من الناس بعد أن تكاثرت أعدادهم، وأصبحت آلياتهم القديمة في تحقيق الشهرة غير مجدية! وهكذا أصبحنا نرصد المزيد من التصرفات التي تجعلهم دائما في قلب الأحداث اليومية لنا جميعا رغما عنا دائما!.

لقد أكد لنا الزخم الإعلامي والشعبي الذي أعقب الحادث المروري المأساوي لإحدى مشاهير التواصل الاجتماعي في الكويت مؤخرا، الحجم الكبير الذي احتلته ظاهرة المشاهير في حياتنا وتأثيرها السيئ من حيث ندري أو لا ندري أحيانا.

لقد أودى الحادث، الذي لم تعرف ملابساته بعد، رغم بعد الأخبار غير الرسمية التي انتشرت عنه، بحياة ثلاثة شباب، في حين نجت منه المشهورة التي قبض عليها لاحقا وما زالت في طور التحقيق معها!.

مأساوية الحادث لها دور كبير في حجم ما انتشر عنه من أخبار أشغلت المجتمع الكويتي بأكمله، لكن وجود مشهورة يعرفها معظم من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ضاعف من حجم الحادث إعلاميا وشعبيا، وهو ما يثبت لنا خطورة الدور الذي يضطلع به هؤلاء المشاهير ومدى تأثيرهم علينا جميعا وعلى أبنائنا من المراهقين والمراهقات.

لقد هالني مثلا أن الجميع تقريبا يعرف هذه الفتاة، ويعرف دقائق حياتها في كل شيء تقريبا، حتى أنني سمعت أطفالا لا يتعدى أكبرهم التاسعة من عمره يتحدثون عنها بتعاطف شديد لأنها وفق كلامهم، فقدت والدها مؤخرا، وأنها تمر لذلك بظروف نفسية قاسية ولذا فهم متعاطفون معها حتى وهم شبه متأكدين من مسؤوليتها عن الحادث!.

بل إن هناك من تعاطف معها، رغم ذلك، فقط لأنها فتاة جميلة ومشهورة ومحبوبة من قبل متابعيها. أما من حملها المسؤولية كاملة وطالب حتى بإعدامها قبل انتهاء التحقيق والمحاكمة، وقبل حتى أن نتأكد من التفاصيل المعلنة، فقد فعل ذلك أيضا لأنها مشهورة ومعروفة وتحظى بجماهيرية بين الكثيرين، وأنها ثرية تعيش حياة بذخ ومساحة واسعة من الحرية الشخصية بما لا يشبه وضع مثيلاتها من الفتيات الكويتيات، ما جعل من ذلك الوضع مدعاة لتجريمها قبل التحقق من الجريمة!.

هذا يعني أن شهرة الفتاة أصبحت هي موضوع الحكاية في تفاصيل الحادث، أما الشباب الثلاثة الذين توفاهم الله في ذلك الحادث فليسوا سوى تفصيلة صغيرة في اكتمال المشهد كله للأسف! رحمهم الله.

سعدية مفرح – كاتبة كويتية
صحيفة الشرق القطرية
20230417 1681688076 645

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى