السياسة السودانية

محجوب مدني محجوب | العبرة ليست بالأعمال فقط بل كذلك بالنتائج

من يفخر ويعجب بعمله وبشهرته، فليقرأ عن فرعون، وليقرأ عن قارون حيث لم ينجح أحد مثلهما، ولم ينل العظمة أحد مثلهما وبالرغم من كل أعمالهما وعظتمهما إلا أن نهايتهما مخزية لدرجة أن هذه النهاية يتعوذ منها راعي غنم في الصحراء.
لا يفرح الإنسان بما وصل إليه من شهرة وتعظيم، وإنما ينبغي أن ينظر إلى قيمة هذه الأعمال.
ينبغي أن ينظر إلى نهاية عمره، فإن رأى أنه سيفرح بما قدم، فهذا يعني أن عمله ونجاحه خير أما إذا رأى أنه لا يحسب للنهايات.
رأى أنه يفرح بموهبته وصحته وجماله ونجاحه اليوم ولا ينظر إلى غده، فليعلم أنه خاسر خسارة يتعوذ منها أبسط رجل جالس على قارعة الطريق.
الممثلون والفنانون وأصحاب الأموال والمناصب، فلينظروا إلى نهاياتهم قبل أن تأتي، فإن أعجبتهم فهم على خير وإلا فليراجعوا أنفسهم قبل أن يصلوا إليها.
فالمرء يمتحنه الله بإحدى امتحانين:
الأول: من خلال أعماله يبخسها ويفشلها له ولا يجعله يربح منها، ويجعل الخسارة والندم يلاحقانه أينما ذهب وأينما حل.
الامتحان الثاني يؤخر له الامتحان حيث يمتحنه من خلال نهايته من خلال نظرته إلى أن أعماله كلها كانت مجرد سراب.
فلا الجمال باق، فحينما ينظر إلى المرآة بعد أن برزت سنونه وتكرمش وجهه حينها لا يتذكر أي لحظة كان قد أعجب فيها بهذا الجمال وهذا الحسن وكأنه لم يكن جميلا يوما ما.
ولو عادت به الأيام لما عول على هذا الجمال الذي لا يرى منه شيئا الآن.
وكل الأعمال التي قام بها إذا لم يشعر نحوها عند ضعفه وعجزه بالفخر والإباء، فهذه أعمال فارغة لا فائدة منها، فلا الشهرة تجعل المرء لا يتحسر على نهايته.
ولا المال يجعل المرء لا يبكي على نهايته.
العمل الحق والعمل الطيب هو ذلك العمل الذي يفرح المرء بأنه أنجزه حينما يصل مرحلة العجز والضعف.
العمل الطيب هو ذلك العمل الذي لا يقول صاحبه أنه إذا رجعت به الأيام لن يفعله.
فإذا كان المرء لا يقتنع بأهمية النهايات، ولا يقتنع بأن المكسب الحقيقي هو من يكسب في الآخر، فلينظر إلى من حوله وليقارن بين بدايات ونهايات المشاهير، فإن لم يتعظ بها فسوف يكون هو عظة لغيره.
تشمل هذه النهايات حتى من انتقل إلى الآخرة فلينظر إليه.
فهل إذا قدر الله له أن يرجع إلى الدنيا هل سيحرص على ذات الأشياء التي مات عليها؟
هل موته وتركه أمواله التي عمل على المحافظة عليها وعلى تنميتها بكل طريق وبكل أسلوب ثم مات وتركها هل تستحق؟
هل مقاتلته وحرصه على منصبه ثم مات وتركه هل يستحق؟
هل تركه لكل قيمة من قيم الشورى من أجل الحفاظ على زعامته ثم مات وترك هذه الزعامة هل تستحق؟
فالناس قسمان:
قسم يتعظ من الذين لم يتعظوا.
وقسم يتعظ الآخرون منه.
فاحرص على أن تكون مع القسم الأول.
وفر كما تفر من الأسد من أصحاب القسم الثاني.

صحيفة الانتباهة


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى