السياسة السودانية

اليوم كل تراث السودان مهدد من هذه الهجمة البربرية

[ad_1]

في مدح المثقف العضوي الدكتور محمد جلال هاشم M Jalal Hashim
بمجرد انفجار الصراع المسلح القائم في السودان، تواصلت معي مؤسسة دولية كبرى تخصصها حماية التراث الثقافي المهدد، كنت قد تعاملت معها سابقًا في بعض المشاريع. وكانوا يريدون معرفة ما يمكن عمله للحفاظ على المكتسبات التراثية التي تتهددها الحرب. قلت لهم أن كل تراث السودان مهدد اليوم من هذه الهجمة البربرية. ولكنها للاسف لا تترك مجالا لاي جهد لانقاذ وتدارك ما هو حضاري، فهي تلتهم التراث وما يحفظه ومن يريد الحفاظ عليه.

تذكرت في تلك اللحظة الصديق الدكتور محمد جلال هاشم، الذي كان آخر مشروع عملت فيه مع هذه المؤسسة مبادرة اطلقها للتوثيق لتراث اهلنا المناصير المهدد عندها بمياه سد مروي، والتوجهات البربرية الاجرامية للقائمين عليه وقتها. جاءت المبادرة من الدكتور، وساعدته في إكمال العرض، والتواصل مباشرة مع المنظمة التي دعمته بسخاء. قام الدكتور محمد بتنفيذ المشروع بحرفية عالية، وبحساسية عالية للمنطقة واهلها وتراثها. ووظف في المشروع العشرات من شباب المنطقة، ومكث اسابيع في دار المناصير يعمل ليل نهار بلا كلل. وعندما زرته والفريق كان يقيم في منزل مهدد بالغرق في أي لحظة، ولكنه لم يكن يرتاح لدقيقة واحدة. وقد سجل كل جوانب التراث المهدد، من مواقع وبنايات، وفولكلور وتراث شفهي. ولا ازال أحتفظ بنتائج ذلك الجهد يالصوت والصورة والكتابة.

عاد كل هذا للذاكرة وانا اتابع الخبر المؤلم بإصابة الدكتور محمد بقذيفة ربما كانت طائشة أو مقصودة، ثم تعرضت رجله للبتر نتيجة للحادث. ندعو له بالشفاء والتعافي. زدت إعجاباً بالصديق محمد جلال، لما أظهره من شجاعة بالبقاء وسط أهله ومواطنيه، وهو من هو في مقاومة البربرية وثبات الموقف تجاهها. فكثير ممن غادروا العاصمة والبلاد، وذلك من حقهم، لم يكونوا معروفين مثله، وإن كانت هذه الهجمة المغولية وحدت السودانيين في البلاء، فلم ينج منها أحد.

لهذا احببت الا اكتفي برسالة التهنئة للدكتور بالنجاة، والدعاء له بالشفاء، بل انشر ما عرفت من فضله وسمو اخلاقه، ووطنيته، ومهنيته العالية. فالرجل كنز وطني ثمين، لا يعرف قدره الكثيرون.

هذا لا يمنع انني اختلف مع الصديق محمد جلال في كثير من آرائه السياسية، ولكن ليت كل السودانيين كانوا بمثل ثباته على المبدئ.

يذكرني هذا بزيارة قمنا بها مرة لأحد قادة الكنيسة الانجلكانية في لندن في اطار الحوار بين الاديان، فكان مما قال لنا إن بعض الناس يتهم مسلمي بريطانيا بأنهم مسلمون اولا وبريطانيون ثانياً. ثم صمت برهة قبل يقول: ليت مسيحيي بريطانيا يكونون ايضا كذلك.

التحية مرة اخرى عزيزي محمد جلال.
بلغك الله الصحة وهداك واصلح بالك.
وليت كل اصحاب المبادى ومن يدعونها يكونون في مثل ثباتك

عبدالوهاب الأفندي

[ad_2]

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى