السياسة السودانية

كيف خطفت “الساحرة المستديرة” قلوب عشاقها السودانيين وسط جحيم الحرب؟

السودانيون انشغلوا بمتابعة مجريات المباراة المصيرية بين ناديي ريال مدريد الإسباني ومانشستر سيتي الإنجليزي في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا

لم تعد متعة مباريات كرة القدم تقتصر على أرضيات الملاعب، بل تعدتها لتؤثر على حياة الملايين من عشاق الساحرة المستديرة حول العالم. في السودان لم يمنع جحيم الحرب المستعرة منذ 34 يوما في صرف أفئدة وأبصار عشاق كرة القدم، اللعبة الشعبية الأشهر والأحب لدى السودانيين، عن متابعة مجريات المباراة المصيرية بين ناديي ريال مدريد الإسباني ومانشستر سيتي الإنجليزي في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
عشاق الساحرة المستديرة بالسودان يمموا الوجوه، ليلة أمس الأربعاء، شطر ملعب “الاتحاد” في إنجلترا، حيث لُعبت المباراة الفاصلة بين الناديين العريقين، التي انتهت بفوز ساحق للفريق الإنجليزي على الملكي الإسباني برباعية نظيفة.

كامل العدد
وفي ضاحية الثورة بمدينة أمدرمان احتشدت أندية المشاهدة بحضور كبير رغم أجواء الحرب الخانقة.
وقال أحد المواطنين لـ”العربية.نت”: “ذهبت إلى نادي مشاهدة قريب من المنزل قبل إطلاق صافرة البداية بعدة دقائق، فوجدته كامل العدد، واضطر البعض للوقوف على أقدامهم ليتمكنوا من مشاهدة المباراة المُثيرة”.

وأكد مسؤول النادي أن المقاعد المتراصة امتلأت عن آخرها، قبل ساعة تقريبًا من بداية المباراة، حسبما ما ذكر المواطن السوداني لـ”العربية.نت”.

رصاص مباغت يفرق الحاضرين
أجواء الحرب الخانقة سرعان ما عادت لتسرق لحظات النشوة القليلة، فقد تسبب إطلاق أعيرة نارية متتالية قرب نهاية شوط المباراة الأول في بث الرعب والهلع، وتفرق الحضور، وتحولت قاعة المشاهدة المكتظة إلى ” قاع صفصف” من فرط الذعر والمباغتة، حتى إن أحد الحاضرين ولى هاربا، وكوب الشاي بيده. إلا أن رواد النادي الشغوفين، سرعان ما عادوا لمقاعدهم الواحد تلو الآخر مرة جديدة، بعد اختفاء أصوات الرصاص وعودة الهدوء والطمأنينة نسبيا إلى المكان.

شغف تحت الظلام والقصف
بدوره يروي الصحافي نصر الدين عبدالقادر لـ”العربية.نت” تفاصيل مُثيرة عن تلك المباراة قائلا: “انقطاع التيار الكهربائي عن منطقة الشجرة والحماداب جنوبي الخرطوم، تسبب بخروج الغالبية العُظمى من أندية المشاهدة هناك عن الخدمة. إلا أن ثمة نادياً واحداً بقي صامدا في سوق منطقة الشجرة، في مكان ليس ببعيد عن قيادة سلاح المدرعات، وعندما وصلنا إليه، وجدناه قد امتلأ عن آخره بالجماهير الشغوفة”.
وتابع نصر الدين: “وسط تلك الحيرة والحسرة، قيل لنا إن نادي مشاهدة آخر دخل الخدمة، فقصدناه، وهناك حالفني الحظ فوجدت كرسيًا، وصار التنفس صعبا للغاية جراء الازدحام الشديد، والناس كانوا جلوسا على الكراسي، وقعودا على الأرض، أو وقوفا على أقدامهم، وكأن أنفاس اللاعبين الراكضين اللاهثة سرت إلينا من هناك”.
بركان يغلي كالمرجل!
وأضاف الصحافي الشغوف بريال مدريد: “الهدف الأول لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي فجّر ثورة عارمة في المكان الضيق، الذي تحول لفوهة بركان يغلي كالمرجل، تلك الضجة الصاخبة زلزلت أرجاء المكان المشيد من ألواح الزنك حتى كادت أن تنخلع من شدة الزلزلة. ولم نلبث إلا قليلا حتى تم إحراز الهدف الثاني، هنا استسلمت مبكرا لفكرة مغادرة الريالي للبطولة، النادي الإسباني كان منهكا مثلنا بسبب حربنا العبثية، وكأنه بزيه الأسود الذي ظهر به هناك بملعب الاتحاد في بريطانيا، قد جاء ليشاطرنا الأحزان”.

أحداث غريبة
في السياق ذاته، ذكر الصحافي لـ”العربية.نت” أنه أثناء المباراة، توقف القصف المتبادل تماما، وبدأ قصف المدفعية الثقيلة من سلاح المدرعات ناحية ضاحية جبرة جنوبي الخرطوم، بعد انتهاء المباراة بدقائق قليلة، وكأن المباراة كانت أشبه بالهدنة غير المعلنة”.

العربية نت


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى