السياسة السودانية

عن العميد ركن احمد محمد عمر أحمد

عن العميد ركن احمد محمد عمر أحمد
وصلت لي المعلومات اليوم عن اعتقال العميد ركن أحمد محمد عمر أحمد . غالبا في مدينة شندي من طرف الاستخبارات العسكرية . في هذه السانحة لا بد من أن اذكر كلمة حق عن هذا الرجل.
العميد أحمد عمر إنسان سوداني من اسرة عسكرية عمل بالعسكرية طوال 28 عاما. في 6 ابريل 2019 وهو برتبة عقيد تصادف ان كان في القيادة العامة ولاقى المتظاهرين حيث تضامن معهم وهتف معهم وحملوه على الأعناق. قامت الاستخبارات العسكرية باعتقاله بسبب ذلك وتم طرده من الجيش دون ترفيعه لرتبة أعلى كما يتم عادة في مثل هذه الحالات. بعد عامين قام البرهان بترقيته للرتبة التي يستحقها وهو في المعاش.
عمل الرجل بالاعمال الحرة وكانت له عربة يقودها ويسترزق منها. تعرفت عليه في مطلع عام 2020 حين ذهبنا الى دارفور واجرنا عربيته وكان هو سائقنا في اغلب الأحوال. أكلنا ملح وملاح مع بعض وتعرفت على إنسان سوداني اصيل في شخصه في تلك الأيام العشرين التي قضيناها معا، و مع بقية الرفاق في تلك الرحلة .
لاحقا توطدت علاقتي به وانضم في المحصلة لحملة سودان المستقبل كما عمل بشركة سودا فارم التي انشأناها في الفترة الانتقالية لدعم الانتاج الزراعي في البلاد. لم يكن الرجل سياسيا وانما ربطتنا علاقات اخوية وكان انتماءه للحملة من هذا المنطلق فقط. اي من منطلق علاقات الاخوة والصداقة كما افضى لي لاحقا.
قبل عدة أشهر تواصل معي واخبرني ان حميدتي دعاه لمكتبه وعرض عليه العودة للعسكرية في صفوف الدعم السريع. دار بينهما حوار طويل حكاه لي كما دار بيننا حوار بنفس الطول . حذرته من الانضمام لكنه أكد لي انه رجل عسكري وسيلتزم بالاخلاق والممارسة العسكرية السليمة.
كان الرجل محمولا حيث له عدة اطفال في المدارس . ايضا كان مما يؤلمه انه ضابط كبير ومع ذلك يعمل بسيارة. اكدت له إن العمل الشريف ليس فيه ما يعيب لكني كنت استشعر مشاعر الاحباط والغبن فيه. اعتقد ان الدعم إستغل ظروفه ومراراته ليستدرجه لصفوفه.
عموما انضم الرجل للدعم السريع وقد طلبت منه الاستقالة حالاً من الحملة ومن شركة سودافارم لأننا لا علاقة لنا بالدعم وقد فعل مشكوراً. كان اتفاق العمل مع الدعم ان يقوم بفتح معسكر تدريب للدعم في دنقلا وإن يشرف عليه إذ ان هذا تخصصه. لاحقاً تم تغيير الخطة ونقله لمروي وتكليفه بانشاء المعسكر هناك.
فيما يتعلق بعملية مروي استطيع قطعا ان اؤكد انه لم يكن يعلم بنية الدعم السريع في تنظيم انقلاب أو خوض حرب. في معركة مروي اصيب في رجله ونظرا لكونه مريض بالسكري فقد جرت له مضاعفات وتم بتر رجله اليمني.
لاحقا تواصلنا و اكد لي أنهم لم ييداؤا القتال في مروي، وانه كان يفطر مع ضباط الجيش في المطار يوم السبت. كان موقنا ان الجيش هو من بدأ القتال، حسب ما قيل لهم ان الجيش هاجم معسكر طيبة الحسناب، وفي حين لم يكن متأكدا من بقية المناطق، أكد لي ان الجيش هو من اطلق الرصاصة الأولى في مروي .
بعد اصابته وفقدانه لرجله كنت في تواصل معه طوال الوقت ، كما طلبت من رفاقي القياديين في الحملة ومن بعض أفراد اسرتي الذين يعرفونه استمرار التواصل معه. كان هذا موقفا انسانيا تجاه رجل نعرفه ولم نر منه إلا الخير. لم استطع ان اساعده كما يجب حتى سمعت بخبر اعتقاله اليوم.
في تقديري إن العميد احمد عمر رجل وطني القى به الحظ التعيس في هذا الوضع الاليم. في رسالة لي أكد لي بالحرف ( ناس الدعم انا ما زولهم). وكان يطالب بالرجوع لحالة ما قبل 15 ابريل وتبادل الأسرى. الدعم السريع بعد المرتب الاول لم يصرف له شيئاً. كان يعاني من آلام مبرحة في الساق لا تجعله ينام. مع ذلك كان قوياً وصابراً. كل ما كان يرغب فيه هو تركيب ساق صناعية حتى يستطيع ان يرجع للحياة مرة اخرى ويعول أولاده.
رغم اختلافي مع قراره بالانضمام للدعم السريع ، إلا اني لم ولن اخوّن الرجل ابداً، ولن انسْ ابداً رفقته ولن أتنكر له، واؤمن تماما ان نيته كانت طيبة تجاه الوطن واهله لكن أمثال البرهان هم من دفعوه لهذا الخيار .افخر جدا ان موقفنا منه هو موقف عام للرفيقات والرفاق في حملة سودان المستقبل. نحن نحترم العيش والملح والرفقة، ولا يمنعنا شنان قوم ألا نعدل.
احمد عمر رجل عزيز النفس. ألمني جدا ان أرى صورته وهو جالس على الأرض بقدمه المقطوعة . تماما كما ألمتني صورته من غرفة العمليات وهو مخدر والتي تمت بدون معرفته. هناك شرف للجندية وكان أفضل للجيش أن يحترم رتبته وخدمته قرابة ال30 عاما في صفوفه، وألا يجلسه على الأرض هكذا والا يلتقط له هذه الصور.
العميد أحمد عمر الآن أسير، وينبغي ان يعامل معاملة لائقة وفقا للقانون الدولي الإنساني ، كما يجب ان يطلق سراحه باسرع وقت نسبة لحالته الصحية ، وكذلك لأنه لن يشارك في اي قتال. من هنا احمل سلطات الجيش مسؤولية صحته وأمنه وسلامته، كما ادعو لإطلاق سراحه وهي الدعوة التي طالب بها لاطلاق سراح الأسرى من الجانبين قبل اكثر من شهر .
عادل عبد العاطي
11 يوليو 2023م


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى