السياسة السودانية

ما حدث في السودان ويحدث لو طال بلدا أخر وفي عاصمته لأعلنت النهاية !

إتفضل يا زول

ثلاثة أشهر ونبحر في الثالث . المؤكد عندي أن (عظم) هذا البلد قوي . ما حدث ويحدث لو طال بلدا أخر وفي عاصمته لأعلنت النهاية ! ثمة تدبير خفي من لطف الله أعان الناس على تدابير المحنة . كيف ذلك لا أعرف ؟ لكن كأنما خشاش هذه الأرض المباركة يقيم مائدة يقتات منها الناس ولو بنهج المتاح والممكن ولو باقل ما يجعل رمق الحياة يصعد بالجميع على تلال الصبر . ملايين من الصامدين داخل العاصمة شحت أموالهم وبهتت ملامحهم لكنهم ذات القوم (يعزمون على المافيش) تعايشوا مع قلقهم وأحزانهم ومخاوفهم . حولوا الأخيرة لطرف وملح . وأما أعجب من هذا أن نسيجهم الإجتماعي ظل بذات وشيجة التسامح القوية . لم تقع عيني على جدال عنيف او فعل اخرق فيما بينهم . من يفد لمنطقة جديد ينسجم مع من أقبل عليهم ومن يفد يجد الترحاب وشروحات الإتجاهات والنطاقات . لاحظت كثيرا ان كل صاحب غرض مهم عالق يتبرع له الجميع بالعون والإرشاد والتصرف .والحمد يطرق أذنك في كل زاوية وظل . فكأنما الكل دراء المصيبة بالشكر . هذا شعب عظيم . في قياس الظروف التي يواجه معدنه فريد .
ستقول لي برزت نماذج سيئة . اقول نعم ولكنك إن لاحظت هذه اغلبها ممن ارشدهم الطمع للتكسب بالظرف العام وهي فئة قليلة تتلاشى أمام امثلة منيرة لبذل الجهد لعبور هذه الأيام .
أمس قدمت للسوق في زاوية ظل فتاة واضح من سمتها أن عسر الحال اخرجها .الذي أخرج ابو هريرة وصاحبه . جلست تدس وجهها تحت غطاء راس تسبله مرات على خد نضير مترف . تهامس الشباب فما عبر احدا منهم الا وإشترى (داندؤمة) . فجمعت مالها وذهبت تتسوق بخضار وبعض سكر . راقني سلوك التعفف الذي وسم مسلك الشباب معها . كلما اتت دكان غضوا بصرهم عن حرجها وهي تجلس وتقوم في عمل من طارئات الظروف .
رايت رجل كبير بالسن (يقدم) فتاة وصبي من المخبز الى اول المربع البعيد . رافقهم حتى أمن منصرفهم وهو يوصي يشير الى بيته ذاك منزلنا . إن ساءت احوالكم تعالوا . حينما انصرف نظري عنه كان نداء يشدني يقول صاحبه يا ابو الرجال ! كهل جلس يقضم ساندوتش طعمية ، جلسة إستراحة محارب اذ لمحت الى جواره بعض اغراض من عدس وشاي ! قال لي بإلحاح تفضل عليك الله . يرفع قطعة الرغيف ككف تحية . شكرته بحرار او يشتد في الدعوة وهو يقول معتذرا ..عمك مهوي ! راجع البيت لقيت الطعمية السمحة دي ! قلت اتقوت . عليك الله تعال . اقيلت عليه اربت على كتفه بالهناء يا خال . عجبت لإبتسامته الصافية والبشر الطلاق من محياه . ذهبت وهو يلح على كل عابر اتفضل يا زول ! قلت هذا الذي في ايامه السابقة كان ينحر ويخدم حافيا . من كان كريما في شقائه هو في سعده دفق عطاء ..اللهم إحفظ شعبنا ويسر امره وأنصره

محمد حامد جمعة

محمد حامد
محمد حامد جمعة


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى