السياسة السودانية

هل يعود الإسلاميون من نافذة الحرب وما هو مستقبل الجيش؟

[ad_1]

ياسر عرمان

 

هنالك تشابك معقد ويستحق مراجعة التجارب وقدح زناد الفكر وترك المجرب الذي يورث الندامة، دون تصدير للاتهامات في الأجابة على أسئلة تطرحها تحديات غير مسبوقة على القوى الوطنية والديمقراطية، في ظل حرب ضروس دمرت المجتمع وشتت معظم قواه الحية وادت إلى انهيار مركز الدولة. والمجتمع والدولة هما الأساس والحامل المادي والإطار العريض الذي تسمر فوقه القوى المدنية والسياسية اقدامها، وهي في اضعف حالاتها جراء النزوح والتشريد وخلفها تجاربها الثرة والثورة المغدورة.

ان الأوليات للغالبية الساحقة من الناس العاديين تتمثل في الأمن والأكل والسكن ووقف الحرب فالإنسانية واحتياجات الإنسان قبل السياسة.

السؤال المركزي ؛ كيف يمكن ربط قضايا وقف الحرب بجدل الثورة ووحدة القوى الديمقراطية؟

وكيف ننهي الحرب ونبقي على الثورة؟

وكيف نكمل الثورة في ظل مهام أنهاء الحرب؟

 

كل ذلك يحتاج لحوار موضوعي عميق بين قوى الثورة والتغيير دون إغفال المصالح الفعلية للقوى التي أشعلت الحرب وما هي مصالح الشعب وقوى الثورة والتغيير؟ ودون اطالة أو ابتسار واختزال لا يوفي بالغرض ويغبش الرؤية في محاولة للوصول إلى مقاربة من خلال تجارب التفاوض في محادثات السلام المتعددة والتي لم تفضي جميعها إلى سلام شامل ومستدام بل ادت إلى اقتسام السلطة وتقسيم السودان دون ان تستديم الحلول.

 

فض الاشتباك بين قضيتي وقف الحرب والعملية السياسية التي تفضي إلى اكمال الثورة وتأسيس الدولة وبناء قوات مسلحة مهنية وحلول مستدامة هو الذي يشكل جوهر العملية ومهامها التي لا حياد فيها، وهنالك علاقة عضوية بين كيفية إدارة وتصميم العملية ونتائجها، فالعملية السياسية التي لا يتم تعريفها بدقة وبآليات واضحة وبمراحل أوضح لا يمكن أن تحقق النتائج المطلوبة والحلول المستدامة.

 

سيطرة الاسلاميين على القطاع العسكري والأمني هي أسّ البلاء وأصل الحكاية، فلا يمكن تحقيق استقرار أو ديمقراطية أو تنمية أو مواطنة بلا تمييز أو تحقيقهما كحزمة متكاملة إلا بانهاء سيطرة الإسلاميين على القطاع العسكري والامني وفي عملية متكافئة وذات كفاءة.

 

الوضع الحالي به جيشان مملوءان حتى النخاع بالأجندة السياسية ولا يشكل اي منهما جيش السودان المرتقب، فالقوات المسلحة تعاني من سيطرة الاسلاميين والدعم السريع تبدأ إشكالياته باسمه فهو لم يعد يدعم أحد بل منظومة عسكرية ذات اطروحات سياسية.

 

الجيش الغائب الحاضر هو جيش قوى الثورة المكون من كتل الجماهير ذات النشاط السلمي المدني الديمقراطي وقد تم تشتيته وبعثرته بفضل الحرب ومع سبق الاصرار والترصد من مشعلي الحرب، ورغم مرارة الوضع الحالي فهو لا يستحق ان يقف عند ابواب القوة المسلحة ويبصم على اجندة اقتسام السلطة ويأخذ الفتات مقابل استمرار الأزمة وحلول غير مستدامة وترك الاسلاميين متربعين على ظهر القوات المسلحة وتحقيق أغراض حربهم المتمثلة في القضاء على ثورة ديسمبر التي لم يقضي عليها فض اعتصام القيادة وانقلاب ٢٥ أكتوبر وظلت جذوتها مشتعلة بفضل الجماهير، ولن تشتعل جذوتها مرة أخرى بعد الحرب إلا في عملية سياسية يشارك فيها بفاعلية جيش الجماهير السلمي والمدني في فضاء مفتوح غير مغلق.

تتجه القوى الاقليمية والدولية بكثافة هذه الايام إلى وقف الحرب وهو مقدم في اجندتها على اكمال الثورة لملابسات داخلية واقليمية ودولية، ومهام وقف الحرب توحد القوى الديمقراطية مع المجتمعين الاقليمي والدولي وهي نقطة جيدة للعمل المشترك مع العلم ان مهام القوى الديمقراطية أشمل.

العملية السياسية يجب تصميمها على مرحلتين مترابطتين ومنفصلتين، المرحلة الأولى هي بمثابة إجراءات تهيئة المناخ للمرحلة الثانية. علينا الخروج من عقلية وقالب الاتفاقيات التي بنيت على الشراكة مع العسكر بعد ثورة ديسمبر والتعامل الجدي مع قضايا الثورة وجدلية العلاقة بين الثورة والحرب، حتى تُراكم الحركة الجماهيرية قوتها في مواجهة خصومها والابتعاد عن الحلول السريعة التي لا تخاطب الأزمة الحقيقية ولا تقدم حلول مستدامة.

المرحلة الأولى:

تتكون من وقف إطلاق نار إنساني ومراقب على الأرض إقليمياً ودولياً وطويل الأمد لمدة عام قابل للتجديد ويحل القضايا الآتية؛

١/ فتح الممرات الانسانية الآمنة وايصال الإغاثة والمساعدات الانسانية.

٢/ وقف انتهاكات حقوق الإنسان وحماية المدنيين.

٣/ عودة النازحين والراغبين من اللاجئين إلى مدنهم وقراهم.

٤/ عودة النشاط المدني الديمقراطي في الريف والمدن وحمايته.

يلعب طرفي الحرب الدور المقدم في هذا الاتفاق للمرحلة الأولي وبمشاركة ومراقبة القوى المدنية التي تقف ضد الحرب. قضايا المرحلة الأولى هي المدخل لاتفاق قوى الثورة والتغيير التي لا يجمعها تصور مشترك حول المرحلة الثانية ولذا فإن فصل المرحلتين هو مدخل لوحدة قوى الثورة.

المرحلة الثانية:

بعد عودة النازحين والراغبين من اللاجئين وفق القانون الإنساني الدولي، وفي فضاء مفتوح للعمل السياسي يستعيد آلق وشعارات ثورة ديسمبر وبمشاركة واسعة من القوى الحية سيما النساء والشباب يبدأ الجزء الثاني من العملية السياسية بشكل متكافي وبكفاءة، وتلعب القوى المدنية الديمقراطية في جبهة وقف الحرب الدور المقدم في المرحلة الثانية مع مشاركة ومراقبة طرفي الحرب مما يؤدي إلى تأسيس الدولة وبناء قطاع عسكري وأمني مهني وقومي.

ان مشاركة الاسلاميين والمؤتمر الوطني مشعلي الحرب مستحيلة دون ان تحل بوضوح قضية اختطاف القطاع العسكري والأمني والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، والتلاعب في هذه القضية يعني تخريب العملية السياسية وعدم استدامة الحلول والعودة إلى سودان الحرب.

[ad_2]

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى