السياسة السودانية

محمد طلب يكتب: مسامحك ما عشان عينيك

أثار مقالي السابق تحت عنوان (الوصية) وهي أغنية الراحل محمد وردي جدلاً واسعاً بعد أن أوسعت النص في ذلك المقال نقداً وربطت ما ورد به مع مجموع الأحداث الاجتماعية والسياسية السابقة للأغنية واللاحقة بها والمرتبطة بالشخصية السودانية مقارناً ومقارباً ذلك مع قصص الحب ذات النهايات غير السعيدة المؤدية إلى تلك (الحملات الانتقامية) كما جاء بتلك الأغنية (الخانك تخونو).

وانقسم الناس حول ذلك المقال بين لونين (وردي) و(أزرق) بغض النظر عن رمزية كل لون لأن جماعة (وردي) اكدوا اجحافي على أروع أغنية سودانية، أما جماعة (الأزرق) فعضدوا على (انصافي) في نقدي للتعابير خصوصاً عندما قارنت رد فعل الشاعر بازرعة بحالة مشابهة في أغنية عثمان حسين (مسامحك يا حبيبي) فصارت المعركة اشبه بـ(هلال مريخ) وتحولت الألوان إلى (أحمر وأزرق) وراحوا يصنفون المقال بين (مجحف) و(منصف) وقلة قليلة اتخذت موقفاً وسطياً وكما تعلمون الوسطية عند أهلنا حالة نادرة وأظنها هي السبب في معظم مشكلاتنا المعقدة جداً.

عموماً نقلت لي زميلة عزيزة تعليقات متتالية للصحفي والإعلامي الكبير نجيب نور الدين يقول في أحدها:

(محمد طلب في مقاربته بين الشعر وثقافة المجتمع أصاب وأخفق أصاب حين تمنى كل الشعر سماحة واخطأ حين شجب الشعراء في استخدام كلمات تقع في خانة (الشر) وتجافي الخلق المتسامح) انتهى.

وقد أعجبني هذا التعليق من ضمن مجموعة تعليقات لوسطيته وإشاراته الجميلة والذكية لمواضع (الاخفاق) ومواضع الصواب ولعل هذا ما نحتاجه في حياتنا وكلنا نخطئ ونصيب بغص النظر إن كان الخطأ في وثيقة دستورية أو اتفاق إطاري أو انقلاب او احتراب والتوبة والرجوع عن الخطأ هو المحك الذي نتعلم منه فقفزت لذهني مباشرة أغنية جميلة أترك لكم البحث عنها وتأملها كتبها الرائع التجاني حاج موسي وتغنى بها ترباس الذي دعا عليه الشيخ كشك رحمه الله (مخفقاً) وقائلاً (تربس الله عقلك) وَكان الأجدى الدعاء له لا عليه وأن يفتح الله عقله وقلبه وبصره وبصيرته للنور والحق والجمال.

ونسأل الله أن يغفر لنا جميعاً ويكون للتسامج قيمة عالية في حياتنا كما كتب الشاعر وغنى المغني:

مسامحك ما عشان عينيك

عشان تتعلم الغفران

وتصفح لو زمن جار بيك

وحاول لو قدرت كمان

تقدر رقة الحابيك

وربما نعود تفصيلاً لهذا النص الغنائي فتأملوه مع ما وصلنا إليه من تباعد وتباغض ودعونا نتسامح ونتعلم أن نغفر لبعضنا البعض ونرتقي بوطننا الجريح.

ونختم هذا المقال ببعص ما قاله الأستاذ نجيب نور الدين حول مقال الوصية:

(لكن الشعر هو الشعر حين يعبر عن مشاعر معينة وهنا يجد الناس صدق المشاعر دون أن يقفوا عند بعض المفردات والقيم.. والشعر قديمه وحديثه ملئ بمفردات قاسية تم توظيفها في اطار اللوم والعتاب من المحب ورغم قساوتها لا تتجاوز ذلك إلى تعميم الشعور عند الآخر بتبنيها كقيمة أخلاقية وسلوكية والقياسات كثيرة..)

ثم اختتم الأستاذ نجبب نور الدين حديثه بالإتي:

(لكن الناقد أيضاً فتح بابا نقديا حول المفردات في الشعر الامر الذي يفيد في عملية النقد للنص الشعري ومحاكمته من منظور اجتماعي.. وهل يا ترى يستمع اخونا محمد للغناء السائد الآن من نوعية (هييييييي دي ماااالااا)

شكراً أستادنا النجيب ونكتفي بهذا القدر مع الوعد بالعودة لذات المضمار لاحقاً..

سلام

صحيفة الصيحة


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى